دعا ناشطون يوم امس للخروج في وقفة احتجاجية في مدينة تعز ؛ تنديدا برفع أسعار الروتي وانهيار العملة الوطنية ، وتردي الأوضاع الاقتصادية ، توقع الداعون للوقفة أن دعوتهم ستلقى استجابة وتفاعل ، من قبل القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني وناشطو التواصل الاجتماعي ، ومختلف الأوساط الشبابية والحقوقية والإعلامية ، وأن أبناء تعز سيحتشدون في جماهير غفيرة ؛ ليوصلوا صوت المواطن عاليا للسلطة المحلية والحكومة ومجلس الرئاسي بأن الوضع أصبح لا يطاق ، وان استمرار الوضع على ما هو عليه من غلاء فاحش ، وانخفاض قيمة العملة وترد للخدمات لم يعد يحتمل .
كانت المفاجأة حضورا باهتا ، اقتصر على عدد من عمال الأجر اليومي ، ونزر يسير من الحقوقيين والصحفيين ، ربما لا يتعدى العدد الثلاثين شخصا ، وغياب لافت للقنوات الفضائية وللإعلاميين سوى قناة الجزيرة ويمن شباب واليمن اليوم .
من الواضح أن أحزاب تعز ، لم تدفع بأنصارها وكوادرها للمشاركة في المسيرة ؛ كونها في مواقع السلطة ، فاي دفع لأي حزب لأفراده للمشاركة في المسيرة ، قد يستغل من قبل الأحزاب الأخرى سياسيا ضده ؛ ما جعل أحزاب المحاصصة في تعز ، تحجم عن توجيه أفرادها للمشاركة في الاحتجاجات الشعبية ، ريثما تتضح الصورة جليا ، فكل حزب ينتظر موقف الحزب الآخر ، حتى يحدد موقفه ، إضافة إلى أن الأحزاب ربما أرادت إرسال رسائل للحكومة ولمجلس القيادة الرئاسي ، بأنها هي المتحكمة بالشارع ومسيطرة عليه وقادرة على توجيهه أو إخماده .
الحضور المتدن للمحتجين في وقفة اليوم ، كشف قناع كثير من أنصار الأحزاب والإعلاميين والحقوقيين والنقابيين والموظفين والناشطين السياسيين ، سيما من فئة الشباب ، الذين طالما حرصوا على تقديم أنفسهم بنمط مدني حقوقي ، يساند الحقوق والحريات ، ويقارع الظلم والفساد ، لكنهم ظهروا بأنهم ادوات بأيدي الأحزاب ، تسيرها كيفما شاءت ومتى شاءت ، ولو كان ذلك مناقضا لصورتهم الذهنية ، التي حرصوا على رسمها لدى الشارع التعزي بأنهم جيل ثوري صاعد ، يقف إلى جانب هموم وقضايا المواطن .
لطالما تبنت أحزاب تعز القضايا المعيشية في صراعاتها البينية أو في صراعها مع السلطات الحاكمة ، وكانت الخدمات والوضع الاقتصادي عاملين رئيسيين في تحشيد وتهييج الجماهير خلفها ، في مضمار معارضتها السياسية للسلطة أو في اتساع حاضنتها الشعبية ، وعندما صارت في توليفة الحكم والسلطة ، تعاملت بأسلوب مختلف عما كان مأمولا منها ، ولو في الحدود الدنيا ، من قبيل إصدار البيانات المطالبة الحكومة ومجلس الرئاسة بوضع معالجات طارئة ؛ للتخفيف من التدهور الاقتصادي ، او مكافحة الفساد وتصحيح الاختلالات في الوزارات والمؤسسات والمكاتب التنفيذية ، التي تتولى مسؤولياتها في إطار تقاسمها السلطة .
#عبدالواسع_الفاتكي