آخر تحديث :الجمعة-03 مايو 2024-12:45ص

كيف عزز الإنسان اليمني أواصر التكافل برمضان في زمن الحرب واللاحرب؟!

الأحد - 17 مارس 2024 - الساعة 05:36 ص

خالد شرفان
بقلم: خالد شرفان
- ارشيف الكاتب


ما أن يحل علينا شهر رمضان حتى يتبادل الناس تقاليد وعادات وطقوس توارثوها منذُ أزمنة مختلفة، فيرددوا الأناشيد الإسلامية والموشحات والأدعية والاذكار بشكل جماعي في الحضر والريف، ويتبادلون التبريكات ابتهاجًا بهذه المناسبة العظيمة، فيطلقون الأعيرة والألعاب النارية، ويتبادلون أطباق الفطور والسحور المختلفة، ويقومون بزيارة بعضهم البعض، ويهب الجميع إلى مساعدة بعضهم البعض، ويقيمون بتنظيم مشاريع الإفطار الجماعي كما يقومون بتوزيع السلال الغذائية.

لرمضان جماليات ونكهة فريدة تتنوع بين كل منطقة وأخرى لكن لايختلف جوهرها، فالجميع يحرص على التواجد على سفرة الإفطار ولا يتغيب عنها أحدًا ويسعدون أن حل عليهم صائم وفطر من فطورهم
فرمضان شهر المغفرة وشهر التواصل الأسري فالجميع يتبادل الزيارات وتحديد وتجديد صلة الأرحام فهي فرصة ذهبية لا تعوض ويعتبرونها قربة إلى الله وبه ينالون رضا خالقهم.

في رمضان ينشط العمل الإنساني الخيري وتزداد ذروته خلال الشهر الفضيل، فلايغيب التكافل والتعاون والتلاحم الإجتماعي والإنساني اطلاقًا، فيقوم ميسورو الحال بمد يد العون للأسر المتعففة والفقيرة والمحتاجة ببعض ما يحتاجونه خلال الشهر لمساعدتهم على تغطية نقص احتياجات الشهر، لكن من المهم ذكره هنا أن رمضان أتى هذه المرة وغصة ألم تعتصر أغلب الأسر و العوائل اليمنية فأغلبها تعاني من ضيق ذات اليد وعسر وعجز في سداد وتغطية متطلبات شهر الصوم، وصل بالكثير منهم إلى الإفلاس وصعوبة تغطية نفقة احتياجاته.

لكن هل كان للحرب دور على اندثار فرحة استقبال رمضان ؟!، أن مما لاشك فيه لايوجد بيت يمني لا يتذكر أفراده ساعة الإفطار أخ قتل أو إبن اغتيل أو والد أعدم أو أخت وأم تناثرة اشلاهن من مخلفات الألغام الأرضية وهن يجلبن الماء، أو قد نجد عائلات تفطر وسط مخيمات النزوح وتحت الأشجار أو في العراء وهم الذين مافكروا يوم أن يفطروا تحت خيام مهترئة تتسلل منها قطرات المطر والرمل والحرارة من ثنايا خيوطها، ولم يفكروا يومًا أن يتركوا موطنهم الأصلي الذي نشأوا فيه حتى ساقتهم الأقدار وحط بهم الحال إلى ماهم عليه، أو نوع آخر جاءهم رمضان ولم يجدوا مايأكلوا ويفطروا عليه غير التمر والماء، كل ذلك ربما قلل من فرحتهم لهذا الشهر الفضيل في ظل سعيهم الدؤوب والمضني والشاق في توفير لقمة عيش كريمة.

قد نعد انقطاع المرتبات وقلة الدخل وغلاء الأسعار وانعدام الرؤية الأفقية والخلفية خاصة بعد تهديدات رئيس جماعة الحوثيين بقطع السفن التجارية المتجهة عبر المحيط والخليج "خليج عدن" ورأس الرجاء الصالح وماقد يترتب عليه من ضرر بالغ ومباشر وأذية علنية على كل سكان اليمن شماله وجنوبه صعب من الأمر، بالإضافة إلى النزوح والتفخيخ والتهجير القسري والاختطافات والاعتقالات والاغتيالات وقطع الطرقات كل ذلك أثر على فرحة الناس واستقبالهم للشهر الكريم.

لكن الإنسان اليمني كعادته إنسان جبار وقوي وصلب لا يلين ولا تثنيه الصعوبات والعراقيل، يصنع من رائحة البارود عطر ومن مشاق الألم أملًا،
لا يمنعه في أن يتغلب على جراح الزمن وندبات الماضي في أن يصنع الفرحة ويخطفها من براثن الألم، ويفرح (ولو تكلفًا) لأجل أطفاله الصغار والكبار، فكَبت آلام الماضي والحاضر بأسلوبا مذهل يتماشى مع تضاريس ووعورة المرحلة الحالية والمستقبلية وغزل وحاك حكاية يتوارثها التاريخ عن جبروت هذا الإنسان العظيم بهذه البقعة الصعبة المسماه اليمن، لذلك أيها العقلاء أنهوا الحرب كفانا جحيمًا وعذاب.