آخر تحديث :الإثنين-17 يونيو 2024-08:28م

عن عقدة الخواجة

الإثنين - 27 مايو 2024 - الساعة 02:50 م

عمار العولقي
بقلم: عمار العولقي
- ارشيف الكاتب


أكمل إبني حمزة صفه الرابع وكان أحد وعودي له أثناء فترة الدراسة أنني أتيح له اللعب بالبلاي ستيشن بعد الامتحانات فوراً. الأخ طبعاً ما قصّر. صار يستغل كل دقيقة. وكما تعرفون ألعاب اليوم ليست كألعاب صخر ونينتندو التي نعرفها. ألعاب اليوم هي عبر الانترنت وكما فهمت فهو يلعب يوميا مع فريق يتكون من خمسة لاعبين بنفس عمره من حول العالم. من لهجتهم ومما اخبرني حمزة ففريقه يتكون منه وأمريكيين إثنين و بريطاني وأخر لم يخبرني جنسيته ولم يكترث بذلك، قال حمزة يعتقد أنه هولندي أو شيء من هذا القبيل. لغة تواصلهم جميعا هي الانجليزية.
اشترطت عليه ان يلعب في الصالة وان اسمع واعرف كل شيء.

ما أثار إعجابي به هو طريقة تعامله مع هؤلاء اللاعبين. يكلمهم دون تعالي أو تنمر ولكنه معتد تماما بقدراته وشخصيته وثقته بنفسه. ومن طريقة حديثه معهم عندما يملي عليهم التوجيهات اتوقع أنه أصبح زعيم الفريق.
بالأمس سمعته يعاتب أحدهم بل ويعطيه محاضرة عن اهمية الالتزام بالمواعيد والوقت ويشرح له أنه يتقدم عليه في فارق التوقيت حوالي ثمان ساعات ولذا فهو ينتظر طويلا لحين الموعد المتفق عليه وأي تأخير غير مقبول، نادرا ما نجد يمنيا أو عربيا يحاضر أجنبيا عن احترام المواعيد، وكثيرا ما نجد اليمني يتحدث للأجنبي بنوع من الدونية المحزنة.

أتمنى أن السنوات لا تغير من اعتداد حمزة بنفسه، هو يفخر دوماً بيمنيته ودائماً ما يعزز فخره بهذا الانتماء.
أتمنى عندما يكبر ألا يؤثر "اليمن الجريح الفقير" على ثقته بنفسه واعتزازه بثقافته. أتمنى ألا تصيبه عقدة الخواجة التي أصابت كثيرا من اليمنيين والعرب. أتمنى عندما يكبر ويعرف بهزائم العرب المتتالية وتاريخ الاستعمار القديم الجديد ألا يغير من اعتزازه بنفسه ونديته في التعامل مع الأخر حتى لو كان من أقصى البلدان وأكثرها تقدما.

أتمنى ألا يحتفي بالسائح الأجنبي أو الزائر اليوتيوبر أكثر من اللازم، وألا يرى في الخواجة هيبة وهمية أو يعتقد أن أحدا أفضل منه ذكاء أو علماً أو مهارة بمجرد أنه من بلد آخر أو جنس آخر.

أتمنى أن يبقى كما هو اليوم، لا يرى في الاخر الا نداً له، لا كما نرى في الكثير من المهزوزين المرتبكين الذين تنهار لديهم ثقتهم بأنفسهم أمام الخواجة فور أن تذكر اليمن أو عندما يحتكون بالآخر ويتعاملون معه.