آخر تحديث :الإثنين-17 يونيو 2024-12:55م

الأرْواح اَلتِي تُشْبهنَا

الأحد - 26 مايو 2024 - الساعة 09:04 ص

محمد نجيب الظراسي
بقلم: محمد نجيب الظراسي
- ارشيف الكاتب


أَننَا فِي حَياتِنا نَمِر بِكثير مِن البشر يمرُّون عليْنَا ونتقابل مَعهُم مُرورًا عابرًا والْمشْهور دائمًا وأبدًا بِمرور الكرَام ، ونصادف بشرًا آخرون نَرْتاح لِلْجلوس مَعهُم وأحْيَان نَبقَى بل نُطيل البقَاء لِروْعة اللِّقَاء وَلذتِه فِي أَنفسِنا ، لَكِن اَلقِلة القليلة هُم فقط مِن نَرغَب أن نشيخ مَعهُم أن نَتَعلَّق بأذرْعتهم أن نَتَبادَل طلباتنَا ورغباتنَا المحرجة اَلملِحة وبِكلِّ ثِقة مَعهُم لِاطْمئْنان قُلوبِنَا المطْلقة لَهُم حِين نَكبُر ويتناقص مِنَّا اَلعُمر وَرَبيعَة الفتَّان اَلذِي حتْمًا لَايْستْمر ويتهاوى تدْريجيًّا وَكلَا بِأوانه اَلمُحدد مُسْبقًا ، وتبْدأ مَرْحَلة اَلأُفول الطَّبيعيَّة لِتكْمِلة السِّيَاق المسْتمرِّ المتسلْسل مُنْذ الأزل ( ظُهُور - وريْعَان - وَأفُول ) نَعِم إِنَّها دَورَة حَيَاة الإنْسان بل والْحياة بِرمَّتِهَا ولَا تَتَوقَّف تِلْك الدَّوْرة مِن أَجْل أيِّ شَخْص مُهمًّا بلغ مِن اَلْجاه والْمَال والنُّفوذ والثَّرْوة والْبَطْش والْجبروتِ .
حتْمًا جميعنَا سيدْخل مَرْحَلة اَلخرِيف اَلذِي يَتسِم بِالضُّمور اِنْتظارًا لِمرْحَلة السُّقوط الأخيرة كَخاتِمة طَبيعِية لِوظيفة الحيَاة وَالتِي حدَّدهَا اَللَّه سُبْحانه وَتَعالَى مُسْبقًا ، تِلْك المرْحلة المؤْلمة اَلتِي يَخشَى اَلوُصول إِليْهَا الكثيرون مِنَّا مَهمَا شَائِع عَنهُم المفاخرة بِأنَّ الشَّيْب حِكْمَة وَوَقار أو مِن لَم تُعَد لَديهِم رَغبَة مُلحَّة بل بِإحْساسهم اَلمُشبع والاكْتفاء مِن هَذِه الحيَاة ولم يَعُد لَديهِم أيُّ رَغبَة بِالْمزيد مِنهَا وَمِن تقلُّباتهَا ، الأرْواح اَلتِي تُشْبهنَا هِي تَبقَى دائمًا الأرْواح اَلتِي تُشْبهنَا هِي هَدفُنا الرَّئيسيُّ لِنجدهَا لِنفتِّش عَنهَا مُنْذ عُصُور وَمِن البداية والسُّلالة اَلأُولى لِلْبشريَّة لِأنَّ الرَّغْبة اَلملِحة لِذَلك اللِّقَاء سَببَه هذَا الفرَاغ اَلكبِير فِي جَوْف أَضلعِنا النَّاقصة بِالْفطْرة وَالتِي تَكتَمِل بِالْآخر اَلذِي يَبحَث هُو تدْريجيًّا عن تَكمِلة نَقصِه اَلذِي يُعَانِي مِنْه ويعْلم جيِّدًا بان كُلُّ ذَلِك النَّقْص يَكتَمِل بِنَحن ، لَكِن لِقَاء الأرْواح اَلتِي تُشْبهنَا هُو الصُّدْفة الأكْثر جمالا بِالنِّسْبة لَنَا فِي هذَا الكوْن المتقلِّب بِاسْتمْرار ، الأرْواح اَلتِي تُشْبهنَا لَيْس بِالضَّرورة أن تَكُون نُسخَة مِنَّا لِأنَّ النُّسخ الكثيرة الكرْبونيَّة مُملَّة جِدًّا مالْفائْدة مِن العيْش مع شَخْص يَقُوم بِنَفس الرُّوتين اَلممِل اَلذِي تُمارِسه أَنْت كُلُّ يَوْم فِي حَياتِك ، الأرْواح اَلتِي تُشْبهنَا جماليَّتهَا فِي اِخْتلافهَا فِي تَنوعِها بِكلِّ شَيْء عَنَّا بِروحِهَا وطبيعتهَا ورغباتهَا المتفجِّرة هُنَا وهناك نَعِم تِلْك الأرْواح اَلتِي تَشدنَا إِليْهَا كمَا فعلْنَا نَحْن بِالضَّبْط وسحبْناهم إِليْنَا تدْريجيًّا بِحَبل اَلوِد دُون أن يَشعُروا هُم بِذَلك .