آخر تحديث :الأحد-05 مايو 2024-02:19م

ماذا تعني القيمة الحقيقية للاعتذار وتأثيره على العلاقات الإنسانية؟

الخميس - 25 أبريل 2024 - الساعة 05:00 م

موسى المليكي
بقلم: موسى المليكي
- ارشيف الكاتب


يعتبر الاعتذار، عن الخطأ، او عن سوء الفهم، قيمة اخلاقية، وصفة انسانية حميدة يجب أن يتمتع بها كل إنسان، لأنها تعمل على تجديد العلاقات بين الأفراد وتعزيزها. والاعتذار هو فن له قواعده ومهاراته الاجتماعية، ونستطيع تعلمها، وهو أسلوب راق. إن خلق الاعتذار وقبول العذر وقاية للمجتمع من تفشي سوء الظن وتقاذف التهم التي إن استقرت في القلوب فلن يفيد معها اعتذار. وهو أدب وخلق انساني واجتماعي، ومن أقوى الصفات التي تدل على تواضعك وتسامحك، وهو أسلوب يحسّن صورتك ويبعد عنك سو ء الظن حين يصدر منك الخطأ، لذا علينا بالاعتذار عند الخطأ، كما علينا قبول العذر والعفو، وتلمس الأسباب لمن أخطأ في حقنا. ما أجمل الاعتذار حين يأتي من مخطئ قوي ومقتدر إلى مخطئ في حقه ضعيف، فإنه يقلب كل الموازين، ويضمد جراح القلوب، ويشفي الصدور، ويطفئ نيران الغضب المؤججة. وكم نحتاج إلى الصراحة ونقد الذات، لنفهم أن الاعتذار ثقافة قادرة على إطفاء حرائقنا التي أشعلتها منذ ثقافة عدم الاعتراف ورفض الاعتذار.

فليس كل إنسان قادرا على الاعتذار، فكثير منا ينظر إلى الشخص الذي يعتذر على أنه ضعيف الشخصية، ومهان، وذليل، يستجدي العفو والغفران، لتصبح كلمة «لن أعتذر» هى أسهل كلمة ينطقها اللسان خوفا من الاتهام بالضعف والانكسار، دون أن نعي مدى تأثيرها السلبي على حياتنا.

كم من بيوت خُربت، وكم من قضايا رُفعت، وأضاعت الوقت والجهد والمال، وكم من عداوات دامت طويلا، وأثرت على أجيال متعاقبة، وتسببت في قطيعة أرحام طويلة ممتدة، وكم من دماء أُريقت بين الرجال أو الأسر، وكان يكفي لوأدها في مهدها كلمة واحدة فقط، وهي كلمة الأسف أو الاعتذار، والتي لو قيلت بعد مرور وقت لن تجدي نفعا، ولن تكون لها أية قيمة ولا أثر، فلِم تتكبر عنها النفوس التي تعلم أن العودة إلى الحق خير من التمادي في الباطل.الخطأ، هو سمةٌ من سمات البشر، وكل إنسان معرضُ للخطأ، ولذلك قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «كل ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التوابون» رواه الترمذي. وليس عيبا أن يخطئ الإنسان، ولكن العيب هو التمادي والاستمرار في ذلك الخطأ. فالاعتذار سلوك حضاري، وفن ومهارة اجتماعية، تزيد من الألفة والمحبة والتقارب بين جميع أفراد المجتمع، كما أن ديننا الإسلامي الحنيف من أكثر الأديان حثّا على التوبة والاعتذار بجميع مفرداته ومشتقاته.