آخر تحديث :الخميس-02 مايو 2024-02:30ص

كيف احتاطت إيران لعدم رد الكيان على ردها؟

الجمعة - 19 أبريل 2024 - الساعة 03:50 ص

عبدالوهاب الشرفي
بقلم: عبدالوهاب الشرفي
- ارشيف الكاتب


قبل ان يتاكد انتهاء الضربة الايرانية التي تلقاها الكيان الصهيوني ردا منها على قصفه لقنصليتها حدد الكيان موقفه بانه لن يرد على الضربة ورد ذلك الى انه لن يرد استجابة لطلب الرئيس الامريكي بايدن بعدم الرد ، وصاحب ذلك تصريحات التهوين من الضربة الايرانية و قلب الحدث الى نجاح للكيان في التصدي واسقاط 99% مما اطلقته ايران على الكيان خارج حدوده وانه ما من اضرار نتجت عن 1% الذي وصل الى جغرافية فلسطين المحتلة ، وتبع ذلك تصريحات امريكية بان بايدن سيعمل مع شركاء الولايات المتحدة على منع تصاعد التوتر في المنطقة ، وانتهاء مشهد موقف الكيان والولايات المتحدة ليلة الضربة الايرانية بان بايدن سيلتقي مع زعماء مجموعة السبع لتدارس موقف تجاه الضربة الايرانية ، وبان الكيان سيتقدم لمجلس الامن بدعوه للاجتماع لادانة العدوان الايراني و تصنيف الحرس الثوري الايراني كمنظمة ارهابية .

كان موقف الكيان وحليفه الامريكي ليلة الضربة الايرانية واضح تماما بانه ما من رد عسكري سيقوم به الكيان وانه ما من اضرار تتطلب رد وان الرد سيكون سياسيا وقانونيا ، الا ان الكيان ابتداء من اليوم التالي للضربة الايرانية بداء يتحدث عن ان مجلس حربه اجتمع لمناقشة خيارات الرد على الضربة الايرانية و تم تسريب ان خيارات الرد التي ستدرس هي هجوم سيبراني واسع على ايران ومهاجمة سفن ايران في البحر وقد يطال اهدافا رمزية داخل ايران مثل حقل نفط ، ثم تصاعد الحديث في اليوم الثالث الى ان الكيان يتهيئ لرد بضربة عسكرية داخل ايران .

لا يمكن اغفال الذهنية الصهيونية التي تقوم على الامعان في قهر الخصم ولا تقف عن المكافئ بعمل يساوي العمل الذي ترد عليه وكما هو حاصل في غزة فلم تكتفي باضعاف كثيرة لما طالها في 7 اكتوبر ، و تقوم على عدم التورع او الوقوف عند حدود وهو كذلك حالها في غزة وقد ارتكبت انتهاكات بلا حدود وبحق المدنيين وليس المقاتلين ، وتقوم على اذلال الخصم وتجعل من حبتها قبة ومن قبة غيرها لاشي وكما هو تعاملها المستمر مع الغير وهذه الذهنية كانت بمواجهة عمل غير مسبوق في تاريخها و حتى ان كانت اضراره المادية لاتذكر الا ان اثاره الاستراتيجية والمعنوية كبيرة للغاية فهناك دولة قد تجرأت و نفذت هجوما يقصد الكيان و هناك انتهاك لسيادة دولة الكيان المدعاة قد وقع ولابد لهذا الحدث ان يثير حنق هذه الذهنية و فزعها الى اعلى درجاته وخصوصا ان اعلامها تحدث علنا ان الهجوم الايراني اكبر من المتوقع بكثير ، وبالتالي فرد الكيان على هذا الحدث كان هو السياق الطبيعي للحدث انطلاقا من الذهنية الصهيونية و ملابسات الرد الايراني .

كانت ايران قد اخطرت اكثر من طرف بانها سترد على قصف قنصليتها و لا شك ان هذا الاخطار كان قد وصل للكيان والكيان قبل الضربة كان قد تأهب للرد على الضربة الايرانية وصرح انه سيرد في الداخل الايراني اذا تم مهاجمته من الاراضي الايرانية وهذه المهاجمة قد حصلت فلما لم يحصل الرد عليها المتوقع تبعا للذهنية الصهيونية ولملابسات الهجوم على الكيان و مع قيام حالة التأهب الصهيوني للرد في الداخل الايراني من قبل الهجوم الايراني ؟

دخلت الاراضي في صراع ايران مع الكيان ابتداء من قصف القنصلية الايرانية في دمشق و تمثل بانتهاك سيادة ارض و احداث دمار وسقوط ضحايا وقابله انتهاك سيادة دون دمار او ضحايا وهي نقطة تعادل فالارض التي انتهكت سيادتها لايران مع دمار وضحايا هي ارض ايرانية بمفهوم دبلوماسي وقانوني و الارض التي انتهكت سيادتها دون دمار وضحايا هي ارض فلسطينية يحتلها الكيان بمفهوم جغرافي وليس فقط دبلوماسي وقانوني .

نقل الكيان حدث الصراع الى الارض و نقلت ايران حدث الصراع الى الجغرافيا واصبح الرد على الرد محددا بالجغرافيا لا غيرها ، و بدء قياس مسافة رد الكيان على الهجوم الايراني ما بين رد حفظ ماء وجه و بين رد انتقام ووجد الكيان نفسه امام رد حفظ ماء وجه لن يكون لصالح الكيان وانما سيزيد من رصيد ايران ، ورد ردع لا محل له بحق الكيان لان رد ايران هو الذي جاء لردع الكيان عن انتهاك قواعد الاشتباك بنقل الحدث الى الارض و سبق ان رد ايران اعاد الحدث الى نقطة التوازن وليس هناك ما يحتاج الكيان لردعه ، ولم يتبقى على مسطرة الرد غير رد انتقام و رد الانتقام لا يكون الا بالرد داخل الجغرافيا الايرانية واحداث دمار وتخليف ضحايا .

من ناحية الجهوزية العسكرية للرد على الهجوم الايراني كان الكيان في حالة جهوزية له من قبل وقوعه لكنها جهوزية محددة بالضرورة لان رد الكيان داخل الجغرافيا الايرانية يعني تفجير حرب وليس عملا داخل دائرة قواعد اشتباك والكيان ليس مؤهلا في هذا التوقيت لتفجير حرب لانه لن يخوض حربا دون حلفائه وحلفائه لن يخوضوا معه الحرب الا في حالة الضرورة كذلك ، والضرورة تتمثل بحصول دمار و وقوع ضحايا داخل الجغرافيا الفلسطينية المحتلة وهو مالم يوفره الرد الايراني .

كانت القنوات الفضائية قد بثت مقاطع سقوط عدد من المقذوفات التي تاكدت انها ضمن الرد الايراني و وثق ارتطامها بالارض وحصول انفجارت ، الا ان الواضح ان تلك الانفجارات ليست كبيرة و هي انفجارات بقية الوقود وليس انفجار مواد متفجرة مايعني ان ايران لم تقم بتذخير مقذوفاتها وما يؤكد ذلك صور حطام صواريخ سقطت خارج جغرافية فلسطين المحتلة بقيت بكامل هيكلها ( برميلها ) ، كما لم يسجل اي انفجار كبير - غير انفجارات الوقود - في اي دولة من الدول التي سقطت فيها المقذوفات خارج فلسطين المحتلة ، وهذا يفسر ان اطلاق المقذوفات بالكامل كان من داخل ايران و كان يحمل رسالة ضمنية غير رسالة الردع التي هي كما سبق قدرة ايران على الوصول في اصعب الظروف ولن يمنع الوصول لا بعد المسافة و لا طول السفر في الجو ولا رصد الاستخبارات المسبق ولا وجود اجواء دول اخرى يلزم المرور عبرها ولا مشاركة حلفاء الكيان في التصدي ولا كل دفاعات الكيان الجوية و لو تم زيادتها ، وهذه الرسالة الضمنية التي اعتمدت عليها ايران لضمان عدم رد الكيان على ضربتها داخل جغرافيتها هي ان اي قصف داخل جغرافية ايران سيفرض عليها قطعا ان ترد على مهاجمة اراضيها واذا ردت فستكون بصواريخ اسرع وستحمل رؤس متفجرة قطعا و ستحمل المسيرات صوريخها المتفجرة و سيكون الرد مباغتا وسيصل عدد كثير منها اكثر مما وصل في هذه الضربة رغم الاعلام المسبق و طول فترة السفر قبل الوصول للكيان و سيكون هناك انفجارات مواد متفجرة و دمار كبير وضحايا كثر .

كان لسان حال ضربة ايران لا تردوا على ضربتنا هذه في جغرافيتنا لانكم ستفرضوا علينا الرد والرد على اي ضربة داخل الجغرافية الايرانية لن يكون وفق محددات الهجوم الذي نفذناه كرد على قصف قنصليتنا وسيكون ردا بمواصفات انتقام و سيقع دمار وضحايا و ستخلق حالة الضرورة و سيتم الذهاب حتما وقطعا الى الحرب وستكون الكارثة على الجميع .

كان الكيان جاهز للرد على الرد الايراني عسكريا لكنه ليس جاهزا من حيث ضمان مشاركة الحلفاء في الحرب التي سيفرضها رده قطعا و مشاركة الحلفاء الغارقين في ملف اوكرانيا وملفات اخرى كذلك لن تجهز الا في حالة الضرورة التي لم يخلقها الهجوم الايراني ووجد الكيان نفسه مغلولا عن الرد ومضطرا لبلع علقم الرد الايراني و ارسال موقفه حتى قبل تأكد انتهاء الضربة الايراني .

ليس امام الكيان الا ان يظل حبيس نقطة التوازن التي حصلت برد ايران وان يتجنب الضرب داخل الاراضي ويعود لسابق قواعد الاشتباك قبل قصف القنصلية واي رد داخل ايران لن يكون الا باعمال استخباراتية وتنفيذ ضربات بايدي الجماعات الخصمة للنظام الايراني و من الخيارات التي ناقشها مجلس حربه من هجوم سيبراني وحتى مهاجمة سفن ايرانية في البحر كلها ممكنة الحدوث وهي داخل قواعد الاشتباك السابقة اما الضرب المباشر داخل ايران فمؤجل لحين قيام ضرورة وايران لن تخلق الضرورة او لتغير في ملفات الصراع العالمي الحالية لصالح حلفاء الكيان او الى الهدوء .