آخر تحديث :الإثنين-20 مايو 2024-02:24م

جيل الهزيمة

الأربعاء - 13 مارس 2024 - الساعة 07:17 م

محمد ناصر العاقل
بقلم: محمد ناصر العاقل
- ارشيف الكاتب




لربما كنا إذا مررنا في سورة المائدة بموقف بني إسرائيل من دخول الأرض المقدسة نزري بموقفهم الجبان المتخاذل وعصيان نبيهم وهو يعدهم النصر على عدوهم إن هم دخلوا ثم يعيدون له القول في تماوت وبلادة كما أخبر الله عنهم بقوله (قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ) ربما يستبعد أن يحدث في أمتنا من الجبن والتخاذل ما فاقوا به بني إسرائيل في أن يوصلوا قطعة خبز أو شربة ماء أو جرعة دواء لأهل غزة ويقف العرب أمام بوابة معبر رفح في كلا الجانبين المصري والفلسطيني على أرض لا يملك اليهود منها ذرة ينتظرون أن تأذن لهم أمريكا وإسرائيل إدخال المعونات لأهل غزة !
ما استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم إلا من عظيم حينما استعاذ من "العجز والكسل والجبن والبخل "
بقي من القصة أن في الناس من يقدم كل ما يملك من جهد ويضحي حتى يعذره الله والناس وهو موقف موسى وأخيه هارون في قوله شاكيا إلى الله مالقيه من خذلان قومه ( رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي ) ولهم عند الله دعوة مستجابة فيمن ظلمهم ( فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين )
ومن يرى إلى حال أهل غزة يرى أنهم قد فعلوا ما عجزت عنه الأمة بأكملها ويرى بأن لهم عند الله عذرا واسعا واكمالا للقصة فإن الله عاقب بني إسرائيل بأن حرم عليهم الأرض المقدسة أربعين سنة يعيشون في التيه خارج العالم وهم فيه أحياء لا يهتدون إلى سبيل ولا غاية حتى أبدلهم الله بجيل خير منهم ومات جيل الهزيمة في التيه ، وفي العقاب الذي حل بهم ما يدعو للتفكر في اختيار عقاب من هذا النوع لقد أضاع بنو إسرائيل قيمة الحياة التي خلقوا لها والهدف والغاية وأراد الله أن يرفعهم بطاعته ويعزهم بالجهاد في سبيله وتحرير الأرض المقدسة من أعدائهم فاختاروا الحياة بأي ثمن فأعطاهم الله حياة مسلوبة القيمة كما اختاروا بلا هدف ولا شرف ولا عزة ، وذلك ما يأنف منه الأحرار ولا يرضونه ، عندما انهزم المسلمون في معركة أحد تلقاهم أنس ابن النضر الذي جاء متأخرا فسألهم ما بالهم ؟ فقالوا قُتِلَ رسول الله فقال لهم رضي الله عنه وماذا تفعلون بالحياة بعد رسول الله ؟ موتوا على ما مات عليه