آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-12:10ص

نحن والصحافة.. لن نذل أبدا

الإثنين - 11 مارس 2024 - الساعة 12:45 م

عبدالجبار ثابت الشهابي
بقلم: عبدالجبار ثابت الشهابي
- ارشيف الكاتب




عبدالجبار ثابت الشهابي

عندما اخترنا طريق الصحافة مهنة؛ كنا نعلم أنها طريق التعب، والشوك، ومصارعة ومقارعة الباطل، لكنا لم نكن نفكر أبدا أن هذه المهنة يمكن أن تكون مهنة الامتهان، والإذلال والقهر والتجويع والتركيع، وأن يغدو صانع الحرف في مفهوم أهل القرار والسلطان مجرد كلب فحسب، يهاجم بالأمر، ويحجم، أو يهز ذيله بمشيئة الٱمرين الناهين، بصرف النظر عن مفاهيم الحق والباطل.
وفي ظل هذا الواقع المر؛ الذي جعلنا اليوم دون رواتب للشهر الثالث على التوالي؛ لاتستبعد، فقد يطلب من هذا الصحافي أن يغير بالإذلال نظرته، ونظارته، وقناعاته لكي يرى الحق باطلا، والباطل حقا، فيعيش، ويتعايش، متأقلما مع الواقع المراد، مالم؛ فإن عليه فقط، وببساطة؛ أن يتحمل، ويقوي ظهره لاحتمال النكسات والوكسات، وأن يبقى في محله، يكلم نفسه، كأي مجنون، فيموت كمدا وجوعا ومذلة وهوانا.
المشكلة اليوم؛ أن الوضع قد تردى إلى الحضيض، وغدا منذ بداية هذا العام صعب الاحتمال، وهاهم صحافيو المؤسسات الحكومية قد أصبحوا عائشين دون أي مقوم للعيش، عائشين دون هيكل وظيفي مواكب، ولو بأدنى المستويات، ودون أي علاوات، ولا تسويات، ولا تطبيب، ولا أدنى تحسين للمعيشة، في ظل التعويم المستمر، وتهاوي قيمة الريال؛ الذي أصدرته الشرعية، فيما الريال القديم الواقع بيد الحوثة كالجبل رسوخا، وشموخا، فصار وضعنا- كما ذكرنا- في الحضيض، لاتحسين للوضع، ولا تقدير للحال، ولو بأي صورة من الصور، ولا حتى تلك الفتات التي كانت تدفع لهم شهريا،، فلا رواتب تدفع، ولا أصوات تسمع، منذ بداية هذا العام، باستثناء مانسمعه من الأكاذيب، وحتى اللحظة، نسمع جعجعة، ولا نرى طحنا (بكسر الطا) وكأن الصحافيين يأكلون (هم ومن يعولون) هواء، ويشربون غواء، ويعيشون بخواء بطونهم مع الأحلام الجميلة.
أي ٱدمي له عقل لايمكنه أن يصنف الحال بأقل من الاعتلال والترهل المالي، والإداري، والقانوني والأخلاقي؛ إلى درجة الغياب التام، والعجز الكامل عن القيام بالواجبات، واحترام وحماية الحقوق، وفي مقدمتها، وابتداء؛ فرض حضور القانون، والعدالة، التي تقف على أسسها هياكل الدولة، المغيبة بالكلية عن واقع الفعل، مع ان لاشاغر عندنا في المناصب، ولاعجز في القائمة.. الموجود حقيقة شخوص فقط، دون إرادات، ولاسلطات، بل الحاصل أن ثمة قوى يبدو أنها لاتريد باستماتة أن تتحرك عجلة العمل، ولا عجلة الحياة.
لذلك لاعجب أن تؤول كل المفاصل الى العجز التام، وكأن الأمور تسير بأيد وعقول حوثية، وكأن المطلوب من كل اليمنيين أن يستعدوا للركوع، وتقبيل ركب الحوثة، او من يشابههم، وتقبيل أقدامهم، وذبح الثورة، والجمهورية من الوريد إلى الوريد، أو تهيئة البلد لمسارات تريد أن تقدم الوطن لأعدائه على طبق من الذل والمهانة.
الأكيد أن شيئا من هذا يحصل.. وعودة إلى موضوع التلاعب في صرف رواتب الناس،ومنهم الصحافيون، فإن هذا الأمر؛ إنما يمثل تحصيل حاصل لواقع مشلول.. مختل، أدمن العيش في سبات لاصحو له.
وبوضوح تام نقول لقد ضاق الحال، وأصبح السؤال: من أين نأتي برجال؟! لقد خاب الأمل حتى الظلمة.. لكنا مع ذلك مازلنا نبحث، بل نتحسس، لعل وعسى أن تشرق الشمس، وتنزاح بأشعتها الكاشفة كل العتمة، وسنظل نأمل، ونقاوم، ولاشيء ثمة غير الأمل.. الأمل فقط.