آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-02:54م

مأساة عودة ترامب(جنان يخارج أمريكا ولاعقل يحنبها)

الأربعاء - 06 مارس 2024 - الساعة 02:51 م

عبدالفتاح الصناعي
بقلم: عبدالفتاح الصناعي
- ارشيف الكاتب


 
بالأمس حكمت المحكمة الأمريكية العليا  بإعادة الحق لترامب بالترشح للانتخابات الرئاسية وإسقاط تهمة علاقته بالهجوم على الكونجرس..ويتوقع الخبراء حسب نتائج الاستطلاعات بأن ترامب سيفوز بفارق لا بأس به وان الانتخابات شبه مضمونة لترامب .

ويأتي هذا في إطار مايعيشه الغرب عموما من أزمات متعددة اهمها: الشيخوخة السياسية وأزمة القيادة الحقيقية وانحسار كبير للنخبة وتطور الحالة الشعبوية وقفز اليمين المتشدد للواجهة.

قبل أيام رد بوتن-بذكائه المعهود- عن سؤال من يفضل رئيسا لأمريكا...فقال انه يفضل بايدن عن ترامب لأنه بإمكانه -على الأقل- أن يعرف سلوك بايدن ومواقفه بينما ترامب لايمكن التبؤ بمواقفه الغريبة وسياسته التي لاتلتزم مسارا واضحا ومحددا..

وبالفعل إجابة بوتن دقيقة جدا...فابمكاننا أن نحسب عشرات ومئات أو حتى آلالف الأخطاء والخطايا لبادين ولكن كل هذا لا يمكن أن تقارن بترامب بحد ذاته وسياساته الأكثر من كارثية..
إن كانت لدى بايدن اشكاليات في المواقف والسياسات فإن ترامب إشكالية في حد ذاته ولا أمل في حل لهذا.

إلى أين سيقود ترامب أمريكا والعالم؟؟! 

أمريكاء بإعادة ترامب الى البيت الأبيض.. بوعي أو بدون وعي تقول للعالم وتطبق حرفيا المثل الشعبي القائل (جنان يخارجك ولا عقل يحنبك)
لكن المحصلة النهائية بأن ترامب سوف يحنب أمريكا والعالم كله ..فلا يمكننا التنبؤ بسياسلت ترامب ولكنها بالتأكيد ستكون حالات من الجنون المدعية للسخرية كثيرا ..

يرى البعض بأن وضوح ترامب الفج بأن أمريكا يهمها مصالحها فقط وعلى حساب أي اعتبارات ايا كانت ولاشيء آخر ..تعد ظاهرة إيجابية وتطور طبيعي تجلى للعلن اخيرا بعد فترة ظلت أمريكا برؤسائها وساستها ومفكريها تبيع الوهم للعالم من خلال العنوانين والشعارات البراقة بكل حذلقة وتفنن بالصياغة للالفاظ واللعب العاطفي  عليها..
وهذا بالتاكيد راي وجيه واستقراء حقيقي للسياسة الأمريكية في أغلب ملامحها على الاقل. 
اليوم تغير العالم تماما وسوى حكم ترامب أو بايدن فأنه لم يعد أحد يتعامل مع امريكا كالسابق وإنما التعامل معها في إطار التوازنات وعدم وضع البيض كله في سلة واحدة ويعد ترامب أفضل بكثير للبعض لاسيما لدول الخليج بحيث يكون التفاوض المالي الواضح على الثمن المادي لكل موقف لأمريكا والتزامامهم بتسديد الفاتورة لترامب أفضل من التهديد والضغوط المباشرة والغير مباشرة من غيره.

مرحلة ترامب القادمة باختصار شديد سيكون عنوانها المثل المصري الشهير (معك قرش تسوى قرش)قبل فترة سمعت خطاب لأحد الرؤساء -وإن كان قصده محددا في أمرا ما- يقول شعارنا في هذه المرحلة الفلوووس الفلووووس الفلوووس .ثم يسكت قيلا ويسأل الذين حوله شعارنا أية؟ فيقولوا الفلووووس بصوت رجل واحد...

مانحن قادمين عليه في قيادة ترامب للعالم هي مرحلة مادية قاسية ومؤلمة وكما هي نتاج أخطاء وانخلالات وسياسات طويلة من الكذب والزيف والخداع الامريكيى وفشل محاولات المراجعات وإعادة صيانة منظومة القيم الأخلاقية التي تحرك السياسة  فهي مرحلة الانكشاف والتعري وذهاب الأمور الى نهايتها الوحشية..

وبعد هذا سيعي الغرب عموما وأمريكا خصوصا مقولة المسيح الخالدة (ليس بالخبز وحده يعيش الانسان) وليس بالمادية وحدها يحكم العالم..
 وهنا ربما يعيد انبعاث قيمه الإخلافية من جديد ويعمل على مراجعات خطاياه الكبرى في السياسة وغيرها..أو ينتهي كما انتهت من قبله أمم سابقة.. ويستبدلهم الله بقوما آخرين وأمم أخرى..فالقيادة والريادة ليست مهمه ووظيفة أبدية لأحد وإنما استحقاق لمن يتقدم للأمام على مختلف المستويات..

عبدالفتاح الصناعي