آخر تحديث :الثلاثاء-07 مايو 2024-02:59ص

هل لازال النحر لمرتكزاتنا الاقتصادية مستمراً ؟

الجمعة - 22 ديسمبر 2023 - الساعة 10:53 م

نعمة علي أحمد السيلي
بقلم: نعمة علي أحمد السيلي
- ارشيف الكاتب


ما دفعني للحديث مرة أخرى عن مصفاة عدن ما تضمنه مقال الاخ فتحي بن لزرق الذي أكد فيه أن شركة مصافي عدن ظلت تعمل حتى العام 2016م حيث قرر اساطين الفساد وقف نشاط الشركة بحجة تأهيل محطة الكهرباء بالرغم من أنها كانت لا تزال  تعمل بوتيرة عالية
وتطرق إلى حجم الفساد الذي رافق عملية إعادة تأهيل محطة الكهرباء حيث تمت عملية إزالة هيكل المحطة وأساسها الخرساني والتقطيع المتعمد لمحطة الكهرباء دون أيجاد البديل وهذه احدى الوسائل التي  اتبعت  للتدمير الممنهج الذي تعرضت له المصفاة بعد حرب 1994م الظالمة لإضعاف وتوقف قدرتها الإنتاجية حتى تتحول لدائرة العجز ويسهل خصخصتها خاصة وأن عددا من الأجراءات التي أقدمت عليها القيادات المتعاقبة على المصفاة كانت الغاية منها تدمير المصفاة وأهم تلك الإجراءات:
اولا :- الصرف غير المبرر على مشاريع وهمية  لاستنزاف السيولة النقدية للمصفاة لإضعاف قدرتها على الوفاء بألتزاماتها وتحويلها لدائرة العجز حتى يسهل خصخصتها
ثانيا : منح  رواتب شهرية بمبالغ كبيرة لعدد من الأشخاص لا تربطهم اي صلة عملية بالمصفاة
ثالثا :- صرف مبالغ تصل إلى أكثر من خمسة الف دولار لبعض الاشخاص تحت مسمى العلاج و في كثير من الأحيان  أن هذه المبالغ تصرف للبعض  وهم لا يعانون من أية أمراض
وتحول السفر كنوع من الترفيه وشراء الذمم
ثالثا :- تدمير  محطة كهرباء الديزل التي كانت في منطقة الضربةكاحتياطي لمحطة كهرباء البترول القائمة في موقع المصفاة  وتم تحويل موقع محطة كهرباء الديزل لإقامة حراج للأسماك 
    أن فكرة إعادة تأهيل محطة الكهرباء وتقطيعها دون ايجاد البديل هو الوسيلة الوحيدة لتوقف النشاط الإنتاجي للمصفاة وإضعاف قدرتها الإنتاجية
 وكما أشار بن لزرق سارعت إدارة الشركة بالتعاقد مع شركة صينية لإقامة محطة الكهرباء عبر مقاول محلي حيث بلغت تكلفة التعاقد مع الشركة مبلغ وقدره(( 109مليون دولار)) القدرة التوليدية للمحطة 17 ميجا فقط الميجا الواحدة بسعر ستة مليون وأربعمائةواحدى عشر ألف دولار وتعتبر اغلى تكلفة عالميا
تسلمت الشركة الصينية مائة وأربعة مليون دولار ولم يتبق لها سوى خمسة مليون دولار بالرغم من أن نسبة التنفيذ لا تزيد عن 10% من الإنجاز الكلي وهذا ما يثير الاستغراب لأن المتعارف عليه في التعاقد مستوى الدفع يكون بمستوى نسبة الانجاز.
وما يثير السخرية أن ما أنجز بنسبة 10% بحاجة إلى الصيانة بسبب التوقف عن تنفيذ المشروع بالرغم من أن مستوى التنفيذ لا يزيد عن 10% بينما استلمت الشركة المنفذة للمشروع 93%من قيمة العقد بل والأدهى من ذلك أن هناك إجراءات لصرف خمسة مليون وهي قيمة ماتبقى من مستحقات الشركة حسب ما أشار له الاخ فتحي بن لزرق لمشروع يمكن أن يقال عنه وهميا 
أن المآل المأساوي الذي وصلت له المصفاة أثار حفيظتنا فنحن 
عندما نتحدث عن شركة مصفاة عدن فحديثنا ليس عابرا بل يذكرنا بالمأساة التي تعرض لها أجدادنا وأبائنا بعد إنشاء المصفاة في العام 1954م حيث تم تهجيرهم من موطنهم الاصلي  الذي كان يعرف بأسم امبريقة فنحن لا نستطيع التأكيد هل كان التهجير قسرا ام أن المصلحة العامة فرضت عليهم التنازل
حيث احتاجت شركة بي بي البريطانية بعد إنشاء المصفاة إلى موقع لتسكين موظفيها الأجانب ووقع الإختيار على موطن الأجداد والاباء في موطنهم الاصلي أمبريقة وتم نقلهم إلى خيصة بعليان بعد أن بنت لهم شركة بي بي في الوطن البديل مباني من الجرع والنورة وتم نقلهم في عام 1954م إلى  الوطن البديل الخيسة
وظل هذا التصرف بحق أهلنا في موطنهم الاصلي المنافي للقيم والاخلاق الإنسانية مغيبا على الكثير من أبناء عدن حيث شاهدت قبل اسبوعين فيديو عن كورنيش كود النمر والمعلق على الفيديو يوضح أن كود النمر كان يسكنها شخص يسمى النمر وسميت بأسمه
وهذا يتنافى عن الحقيقة  فكود النمر كانت تعرف بأسم امبريقة الموطن الأصلي لأهلنا التي سكنوها منذ عام 1700م وهي إحدى مناطق مشيخة العقربي ولازلنا نحتفظ ببعض الصور التي تدعم ما سطرناه
 سبق وأن كتبت مقالين عن ما تعرضت له شركة مصفاة عدن التي ظلت شعلتها وهاجة حتى بعد تحرير عدن 
هذه الحقيقة فعلا كانت النية مبيتة لتحويل المصفاة إلى شركة فاشلة والحاقها بغيرها من المصانع والمؤسسات والشركات الصناعية والتجارية التي تم نحرها وانهاء وجودها القانوني  من قبل نظام صنعاء بعد حرب 94م الظالمة على شريك الوحدة
ونخشى أن يتكرر تحويل المصفاة إلى مخازن لحفظ نفط التجار خاصة بعد أن
((اكد رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي ،نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي بمعية وزير الدولة محافظ العاصمة عدن بأن  التوجيهات صدرت بعودة مصفاة عدن كمنطقة حرة لخزن  المشتقات النفطية للموردين حسب ما نشرته صحيفة الأيام العدنية كمرحلة أولى مع التحضير لبدء عمليات التكرير كمرحلة ثانية
ومؤكدا  ومطالبا إدارة الشركة لبذل أقصى الجهود وتقديم التسهيلات اللازمة والعروض التشجيعية الجادبة للموردين )) العبارات التي بين قوسين 
منقولة من صحيفة الايام العدنية الصادرة بتاريخ 29/7/2023
واذا ظل العمل بهذه التوجيهات دون السعي لاستعادة المصفاة إلى منتجة  فهي تصب في نفس التوجه الذي أقدمت عليه الدولة في عام 2015م عندما اتخد قرار تحرير سوق المشتقات النفطية من الاحتكار  والذي حول المصفاة من مرفق انتاجي إلى خزانات لحفظ وقود القطاع الخاص وما نتج عنه من أثار اقتصادية واجتماعية مدمرة والغاء دور المصفاة في استيراد وتكرير النفط وايضا دور شركة النفط كموزع لهذه المنتجات 
لان حجة تأهيل محطة الكهرباء عذر اقبح من ذنب خاصةوأن  محطة الكهرباء للمصفاة كانت تعمل بجودة عالية خطة مدروسة للقضاء على المصفاة كمرتكز اقتصادي سيادي هام تغطي احتياجات المصفاة وتمد مدينة البريقة بكل مناطقها بالكهرباء 
ولهذا نتمنى أن تكون  التوجيهات الصادرة بتاريخ 29/7/2023 مؤقتة حتى يتم اعادة تأهيل  محطة كهرباء المصفاة ولا تصب في نفس مضمون  الغاء قرار احتكار استيراد النفط الذي كان معمول به منذ تحويل المصفاة في عام 1977م ملكية شركة بي بي بتروليوم البريطانية إلى دولة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية والغاء قرار استيراد  التجار للنفط وتحويل المصفاة مرة أخرى إلى مستودع لحفظ وقود التجار لأن هذا الإجراء سيفتح شهية الكثير من تجار المرحلة لكسب المال الحرام ومن المحتمل أن تتوقف عملية التحضير لبدء عمليات التكرير كمرحلة ثانية لانها ستتقاطع مع مصالح الموردين للمشتقات النفطية 
ان التوجه بجعل المصفاة منطقة حرة لخزن المشتقات النفطية للتجار يتعارض والسياسة التي كانت متبعة منذ تحويل ملكية المصفاة من شركة بي بي البريطانية إلى ملكية دولة جمهورية اليمن الديمقراطية الجنوبية الشعبية والذي كان استيراد الوقود الخام حكرا على المصفاة الذي تقوم بتكريره وإنتاج المشتقات النفطية
ودور شركة النفط توزيع الوقود في السوق المحلية 
ولم تواجه السوق المحلية اي اختناقات في الوقود منذ العام 1977م وحتى 2015م
 إلا أن تغيير السياسة المتبعة هي التي حرفت المصفاة عن دورها الإنتاجي وتحولها الى خزانات وقود
قرار إلغاء احتكار سوق المشتقات النفطيه لمرفق ملك للدولة ذريعة لالغاء دور المصفاة الإنتاجي حتى تتحول إلى دائرة العجز ويسهل خصخصتها
 فبالرغم انه في 27يونيوعام 2019 أقر مجلس الوزراء في قراره رقم ((49 )) حصر استيراد المشتقات النفطيه على مصفاة عدن
وايضا عقد مجلس الوزراء في 30يونيو2019م اجتماع استثنائي وجه وزيري النفط والمعادن والمالية  ومحافظ البنك المركزي بتشكيل لجنة فنية لإعداد آلية تنفيذية لقرار مجلس الوزراء رقم 49 الصادر بتاريخ 27/9/2019 بشأن إعادة العمل بآلية استيراد المصفاة للمشتقات النفطية وآلية التوزيع لجميع محافظات الجمهورية عبر شركة النفط الوطنية
للاسف الشديد لم احصل على الآلية  ولا تتوفر لي اي معلومات هل أعدت هذه الآلية أو لم تعد وهذا يجعلنا نجزم أن القرار اتخد لمجرد الاستهلاك لانه للأسف الشديد لم نلمس منذ تشكيل مجلس الوزراء في عام 2015م أي عمل يصب لتحسين مستوى معيشة المواطنين بما تقتضيه المصلحة العامة 
    نأمل من القيادة الحالية للمصفاة إخراجها من الوضع الذي تعيشه المصفاة الذي يتسم بالضبابية والتعامل بوضوح حسب وضع المصفاة لأن التركة ثقيلة وأن أي حديث عن إنتاج الاسفلت أو عودة الشعلة إلى ماكانت عليه قبل عام 2016م لا يمكن أن يتحقق خاصة وأنه محطة الكهرباء حتى الآن لازالت قيد الانشاء 
ومن المحتمل أن يكون الاسفلت مخزون منذ العام 2015م 
   طرح المدير التنفيذي لشركة المصافي في الاجتماع الذي عقد بتوجيهات وزير المالية سالم بن بريك مع رئيس مصلحة الجمارك بأنه سيتم أنشاء مستودع لتخزين المشتقات النفطية في مقر الشركة في البريقة والتواهي لفترة مؤقتة خطوة في الأتجاه الصحيح حتى تتمكن قيادة المصفاة من إعادة النشاط الإنتاجي للمصفاة إلى ماكانت عليه قبل الحرب بما يسهم في عملية النهوض بها
وما يجعلنا نؤكد على ذلك فالصراع بين هواميرالفساد كان المسبب الرئيسي لتوقف المصفاة عن مزاولة نشاطها الذي كانت تمارسه حتى العام 2015 والمتمثل في تكرير النفط الخام والمشتقات النفطية لتغطية حاجة السوق المحلية وايضا تزويد الطائرات والسفن الأجنبية بالوقود المنتج لهذا الغرض 
وأن توقف المصفاة عن مزاولة نشاطها كان للأسباب التالية:-
1- التوقف عن أستيراد النفط الخام 
2- الإهمال المتعمد وعدم إجراء الصيانة الدورية لمحطة الكهرباء للمصفاة والأصول الإنتاجية الأخرى بالرغم من أنها ظلت تعمل حتى بعد حرب عام 2015م بالرغم من كل التحديات  التي واجهتها المصفاة بعد حرب 94م الظالمة
3-استنزاف السيولة النقدية للمصفاة في صرفيات كثيرا منها غيرمبررة وايضا عدم دفع مديونية الدولة لصالح المصفاة 
4- بيع سفن المصفاة التي كانت تنقل النفط الخام من الدول المصدرة إلى المصفاة ونقل النفط والمشتقات النفطية الى موانىء بعض المحافظات وكان دورها يقتصر على شراء النفط الخام وتكريره ودور شركة النفط  الوطنية /عدن بيعه في السوق المحلية وما استجد من سياسات خاطئة في تلك الفترة ساهمت إلى حد بعيد من تحويل  المصفاة من شركة لتكرير النفط الخام وصناعة المشتقات النفطية  إلى مستودعات لخزن النفط للتجار .