ما زالت النفس مصابة بسالمها..

* رحل ملك التعليق الإذاعي سالم بن شعيب و رحلت معه كل فنون التعليق الإذاعي..
* سالم بن شعيب النغم المذهب الذي يطحن مفرداته بمختار الصحاح..و يحصن النحو و الصرف من آفات العامية.. كوكب تهاوى.. فتهاوت معه كل قلوب محبيه..
* عشقتنا صوت سالم بن شعيب الكرواني بالأذن قبل العين..لكأن أوتار حنجرته تئن بحمل موسيقي زائد..
* كان يصف المباراة إذاعيا و يحصي أنفاس اللاعبين.. فيشعر المستمع أنه يرى كل صغيرة و كبيرة بأذنه.. و هنا يكمن سر عبقرية سالم بن شعيب..
* كان دائما يستخدم خفة دمه عندما تكون المباريات مملة.. عبقري في الوصف و في رسم الصورة دون مبالغة.. و فنان في الاستنجاد بالكاريكاتير الكلامي الساخر اللاذع إذا تطلب الأمر ذلك..
* أطلقت عليه لقب (النداب الضاحك)..و كان لقبا غريبا حتى أنه هاتفني ذات مرة متسائلا:
أنا فعلا كما قلت.. أجمع النقيضين..نداب.. و ضاحك..
* في الكويت.. و في لحظة استعراض دان من دانات بن شعيب.. دنا منه المعلق الإذاعي الكويتي الكبير صادق بدر.. همس في أذنه:
أنت أستاذ في التعليق..
ثم اقترب أكثر حتى شعر أبو صبري بأنفاس صادق بدر تلفحه..قبل أن يضيف في إعجاب:
أستاذ كبير لا مثيل له..
* مرة في المنامة.. كان منتخبنا عام 1985 يخوض مباراة صعبة أمام البحرين في تصفيات كأس العالم..كنت وقتها صغيرا..سالم بن شعيب كان يصف طقس الملعب الحار و الخانق بدقة.. حتى أنني تصببت عرقا و كأني إلى جواره..
* الكابتن عوضين سأله ذات مرة:
أريد أن أكون معلقا إذاعيا..كيف السبيل إلى ذلك؟
رد سالم بن شعيب بنباهته المعهودة:
شف يا كابتن عوض:
التعليق التلفزيوني أسهل لك بكثير.. التعليق الإذاعي يحتاج نفس طويل.. لأن الأثير هذا من لحم ودم..ثم إن المستمع أعمى و لو كان بصيرا.. و شطارتك أن تجعل الأعمى يرى بأذنه..
* سالم بن شعيب قيدوم إذاعة عدن..مدرسة متفردة في فنون التعليق الإذاعي.. و جامعة في تقديم البرامج الأخرى.. فن الدان الحضرمي يسكن دروب حنجزته الذهبية..
* التعليق الإذاعي مدرسة عتيقة انقرضت تماما بعد رحيل فارسها  الكروان الذي عشقته الأذن و العين معا..
* كنت أتمنى على المعنيين و القائمين على الرياضة في عدن إحياء ذكرى رحيل سالم بن شعيب الثامنة عشرة..لكن للأسف في زمن  البوم و الغربان و الجراد..لا كرامة لذكرى مبدع في قومه..!
 محمد العولقي