آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-04:10ص

مشروع تمكين السلطات المحلية.. هل يرى النور قريباً؟!

السبت - 14 أكتوبر 2023 - الساعة 12:26 م

عارف الضرغام
بقلم: عارف الضرغام
- ارشيف الكاتب


مشروع «تمكين السلطات المحلية»، هو أضخم مشروع للرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي لإحداث نقلة نوعية في مختلف المحافظات المحررة، والبداية ستكون من محافظات حضرموت وعدن وتعز، كما هي رؤية المهندس بدر باسلمة رئيس اللجنة الفنية للمشروع، حيث يجري الآن إعداد خريطة طريق تعطي السلطات المحلية في المحافظات مزيداً من الصلاحيات والاستقلالية عن الحكومة المركزية.

ويهدف المشروع إلى البدء في التطبيق في كل من عدن، وحضرموت وتعز في مرحلة أولى لتطبيق التجربة والاستفادة منها قبل تعميمها على بقية المحافظات.

إن بناء القدرات سيكون في المحافظات كلها، لكن التوجه هو التركيز على (المحافظات الثلاث) للاستفادة من الدروس فيها، وتعديل بعض الأمور التي سيتم الاحتياج لها لتكون نموذجاً لبقية المحافظات.
المشروع الجديد الذي يحظى بموافقة رئاسية، ودعم إقليمي وأيضاً دولي، يهدف إلى تمكين السلطات المحلية في المحافظات من إحداث تنمية اقتصادية مستدامة بمشاركة مجتمعية، وإشراك القطاع الخاص بما يخلق فرص عمل، ويحدد العلاقة بين المركز والسلطة المحلية، والقطاع الخاص.

ويأتي هذا التوجه الذي سلكه الرئيس العليمي وبدأت إرهاصاته في أواخر يونيو الماضي، خلال زيارته لمحافظة حضرموت، كالتزام من مجلس القيادة والحكومة لتعزيز دور السلطات المحلية في المحافظات المحررة كافة، ودعم جهود الأمن والاستقرار وتحسين الخدمات،
وستكون المحافظات المذكورة بعد تطبيق المشروع قادرة على تقديم الخدمات بمشاركة القطاع الخاص، وستكون لديها التمويلات الكافية لتنفيذ المشروعات، حيث يعاد مفهوم الدولة ودورها لتصبح وظيفتها تنظيم آلية العمل، ووضع معايير وتنظيم السوق والاقتصاد.

إن واقع الحرب لثماني سنوات في اليمن أدى إلى تفكك مؤسسات الدولة بشكل كامل، وإلى هشاشتها وضعفها، ولم تعد المؤسسات قادرة على تقديم الخدمات، كما إن السلطات المحلية وجدت نفسها في واقع لم تكن مستعدة له نهائياً، وكانت 97 في المائة من المشروعات تأتي من السلطات المركزية، وكان على السلطات المحلية متابعة عملية التنفيذ، والآن مع الحرب تم إلقاء المسؤولية كاملة على السلطات المحلية لتوفير الخدمات، والقيام بمهام كبيرة لم تكن قادرة ولا مهيأة للقيام بها.

ويركز مشروع تمكين السلطات المحلية الجديد على تقديم الخدمات، والتنمية المحلية، وتوفير فرص العمل بما يحقق الاستقرار المستدام، ويهتم بتقديم الخدمات والتنمية المحلية وتوفير فرص العمل.

وهذا التوجه من رئيس مجلس القيادة يتمثل في خلق مشروع لتمكين السلطات المحلية من تقديم الخدمات، والقيام بالتنمية المحلية لخلق فرص العمل.

وبموجب خريطة الطريق، فإنه من المتوقع أن يتم منح السلطات المحلية مزيداً من الصلاحيات، بحيث يتم تعديل أي قوانين تتعارض مع قانون السلطة المحلية رقم 4 لعام 2000م، وكذلك الموارد، حيث إن تقسيمها يمثل معضلة ما بين احتياجات المركز والسلطة المحلية، وسيتم حل ذلك عبر جدولة العملية في خريطة الطريق بتزمين إعطاء الصلاحيات والموارد وبناء قدرات، وفق جدول زمني.

البعض يعتقد بأن الموارد هي النفط والغاز فقط، بينما مفهوم الموارد أوسع من ذلك بكثير، إذا نظرنا إلى قطاع الأسماك فإن أغلب المحافظات، خصوصاً الجنوبية لديها سواحل، لذا علينا البحث عن موارد أخرى، نحتاج لإعادة تنشيط القطاعات الاقتصادية، ولن تكون هناك محافظة دون موارد.

إن خريطة الطريق تهدف إلى أن تبحث كل محافظة عن مصادر نمو وثروة وفقاً لإمكاناتها ومصادر القوة الاقتصادية لديها، والشيء الأهم أن القطاع الخاص لفترة طويلة كان غائباً عن التنمية، وإن دخل في السابق بشكل طفيلي، أما الآن فيجب دخوله بطريقة مقننة وواضحة.

يجب خلق شراكة بين السلطة المحلية والقطاع الخاص، لكن ذلك يتطلب توفير بيئة جاذبة، قضائية وأمنية، ومع التنظيم سيأتي القطاع الخاص المحلي والإقليمي والدولي.

إن من أبرز التحديات التي ستواجه المشروع هو تمسك المؤسسات المركزية الحكومية بالصلاحيات الممنوحة لها، التي تعدّ التخلي عنها للسلطات المحلية إشكاليةً كبيرةً، بينما يكمن التحدي في إعادة ضبط الممارسات خارج إطار القانون التي حصلت أثناء الحرب في المحافظات، وكوّنت مراكز قوى كبيرة.

مشروع تمكين السلطات المحلية من التنمية الاقتصادية وخلق فرص العمل يحظى بدعم الإقليم والمجتمع الدولي، فمثلاً البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن بدأ فعلاً دعم إعداد خريطة الطريق، كما تقود ألمانيا الجهود الدولية لإنجاح هذا المشروع الحيوي، إذن الأمر يحتاج لحوار بين المركز والسلطات المحلية، عبر مراحل من الأسفل للمستوى الأعلى، بحيث يمكن التطبيق، ووافقت المجموعة الدولية على الدعم والبحث عن خبرات دولية في هذا الجانب، بشرط الاستقلالية والنزاهة للجنة الفنية وألا تتبع المركز ولا المحليات، وأن تتوج الخريطة بقرارات رئاسية للتنفيذ وليس مجرد توصيات، وهو ما وافق عليه رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي.

إن مشروع إعداد خريطة طريق لتمكين السلطات المحلية من التنمية الاقتصادية لا علاقة له بالسياسة أو التجاذبات السياسية بين الأطراف اليمنية إطلاقاً، بل إن الهدف منه هو تمكين السلطات المحلية من تقديم الخدمات والتنمية وتوفير فرص العمل لتحقيق الاستقرار، وهو ما يخدم الجميع.

وبهكذا توجه ستكون المحافظات قادرة على تقديم الخدمات بمشاركة القطاع الخاص وبتمويلات ذاتية كافية بعيداً عن تدخل المركز بعد تطبيق المشروع، كما إن وظيفة الدولة ستقتصر على تنظيم آلية عمل تدخل القطاع الخاص، ووضع معايير لتنظيم السوق والاقتصاد أكثر مما هي داخلة في الاقتصاد، ويتم تحديد العلاقة بين المركز والسلطة المحلية، ومع القطاع الخاص.

فالواقع في اليمن صعب ومعقد، لكن يجب علينا التفاؤل وعدم فقدان الأمل، علينا أن نحفر في الصخر ورؤية النور في أي جانب.

 ولعل من المهم هنا أن تبدأ عملية التدريب والتأهيل وتبادل الخبرات بين جميع المحافظات المحررة لاكتساب القدرات والمهارات في إحداث تنمية اقتصادية مستدامة، وكيفية الاستفادة من الإيرادات المحلية وتوجيهها نحو الاحتياجات الأشد إلحاحاً، وترتيب الأولويات ووضعها في جدول زمني وفق خارطة طريق مزمنة.

فهل يرى مشروع تمكين السلطات المحلية النور قريباً؟!