آخر تحديث :الأربعاء-15 مايو 2024-11:36م

صنعاء - أدِّيس ( قطرتان )

الأحد - 27 أغسطس 2023 - الساعة 05:43 م

حسن عبد الوارث
بقلم: حسن عبد الوارث
- ارشيف الكاتب


 

1 -

لا أظن أحداً قضى عمره - أو ردحاً منه - في صنعاء ، في امكانه أن يعشوشب ذهناً وفضاء مع أعمال ارنست هيمنجواى أو حنَّا مينا . فصنعاء جبل بلا بحر ، ورصيف بلا ميناء . بَيْدَ أن المرء في عدن - مثالاَ - أو الحُديدة أو المُكلاَّ ، لقادر على أن يعيش أجواء تلكم الروايات التي نسجها هذان الروائيان من رمال الشاطىء وأصدافه ، وزَبَد البحر وأمواجه ، وصدى العاصفة ينشقّ في قلب المحيط الهادر عن عروس أُسطورية تنام على ضفافه الدافئة ، مزدحمة برنين الذكريات وأنين الصواري وحنين العذارى .

سئمتُ الاقامة في صنعاء من دون بحر .

سئمتُ القراءة في صنعاء من دون موج .

سئمتُ الكتابة في صنعاء من دون هدير .

فما أشدَّ شوقي - يا صنعاء - لصيرة وجولدمور والغدير !

أريد أن أصطاد فكرة ، لا محارة .

أريد أن أبني نصَّاً ، لا عمارة .

أريد أن أتسلَّق غصن زيتون أو ريحان أو جُلّنار .. في مدينة ينبت القات في أحجارها ، وتُثمر في أشجارها عناقيد القار !

لا لبلاب في البحر يتمطّى ، ولا نيون .

وفي صنعاء استشرت ديدان النايلون ، على أغصان البرتقال والليمون !

أشتهي أن أُصلِّي صلاةً بَحْرية .. أحُجُّ الى شاطىء لازوردي .. أطوف بساحل العشق الأبدي .. وأعود مُبللاً كعصفور الندى .. مُكللاً بالحريق والمطر .. ومُظللاً بالعواصف والخطر .

فاعطني يا صديقي بحراً ، أُصلِّي لصنعاء دهراً .

اعطني صَدَفة أُوشوشها وأنفخ فيها صور العشق الأعظم .

فمن دون صَدَفة واحدة ، ومن دون حبة رمل ، ومن دون زَبَد يرغي في فمي ، أرى صنعاء جهنم .

دَبَّ الجدب فيَّ ، واستشرى القحط الأرقم .

وناءت بكلكلي صخور الوادي اللاهث الى قطرة ماء ، من زمزمية كانت أو زمزم .

2 -

هنا ،

حيثُ نامت بلقيسُ

على حَجَر الخُـــرافه .

وانهمرتْ بهاراً

من رماد الرقص

واندلقتْ قهوةً

لم يبقَ منها

غيرُ السُّـــلافه .

هنا ،

- في أديِّس

يا برديس -

حيث ديك الحَبَش

أنتشى .. وانتفش

والخُلاسيةُ تحسو ما تبقَّى

من " عَرَقٍ "

على شفـــاهي

ومن أَرَقٍ

تَمَوسقَ في مياهي

ومن تباشـــير الغَبَش .

----------------------

(  بلقيس )