آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-11:56م

عن ابي اتحدث .

الأحد - 09 يوليه 2023 - الساعة 12:00 ص

محمد الدلالي
بقلم: محمد الدلالي
- ارشيف الكاتب


 كتبت العديد من المقالات السياسية والاجتماعية والحقوقية شكرني بها كثيرون ؛ غير انني لم اكتب مقالة واحدة عن ابي الحبيب الذي له الفضل بعد الله في اخراج هذا القلم الى النور .

توفت والدتي وانا طفل لم ابلغ الحُلم بعد وانا اكبر اخوتي الاربعة في حرب صيف 94 اللعينة ؛ اقولها لعينة لأنني فقدت خلالها في عدن من كانت الجنة تحت اقدامها امي الحبيبة "رحمها الله" .

غير ان ابي استطاع وبجهد جهيد ان يلعب دوره اباً ودور الام ايضاً ؛ الكثير من اهل ابي وامي كانوا في لندن وروما وولاية هاواي الامريكية ودول الخليج ؛ بعد وفاة والدتي عرضوا على ابي المكلوم بموت ام اولاده ورفيقة دربه المغريات ؛ اهل ابي قالوا له نُسفّر الاولاد الى لندن حيث نحن وعلى حسابنا ونزوّجك ؛ بينما اهل امي ايضاً قالوا له نُسفر الاودلاد الى السعودية ونحن نتولّى رعايتهم وتعليمهم .

رفض ابي ذلك وبقوة قائلاً لمقدمي العرض "اهلنا" كثّر الله خيركم وشكراً لكم ؛ وان الحّ احدهم على عرضه كان رد والدي هو " اولادي فقدموا امهم .. هل تريد ان يفقدوا اباهم ايضاً وانا على قيد الحياة!!!" بدون تردد ينسحب المُلّح على طلبه خجلاً وحياءاً .

شدّ والدي ازره وتوكل الله ليتولى رعايتنا وتعليمنا في بلد يُعد افقر بلدان العالم "اليمن" وهو شاقي ؛ بمعنى لا مال له ولا منصب ولا وظيفة يأكل من عرق جبينة سائقاً .

تزوّج اكثر من امرأة بعد وفاة امي وكان شرطه الوحيد على الزوجة "اهتمام ورعاية ابناءه" فلم تصمد معه غير خالتي نور سعيد بن بشر "رعاها الله" ؛ وعدته واوفت .

بعزيمة وارادة ومسؤولية تمكّن والدي من تربيتنا والنفقة علينا فلم نبت ليلة واحدة دون اكل ؛ لم نحتاج لاحد غيره ؛ بل كان مُشجعاً ومُحفزاً لنا للالتحاق بالدراسة الجامعية رغم انني كُنت رافضاً الاّ انّه استخدم حيلة لي ؛ ثلاثة منّا انهوا مساق البكلاريوس هم مذيعة ومقدمة برامج فطوم حسن الدلالي واستاذة اللغة عربية عائشة حسن الدلالي وانا الصحفي والكاتب محمد حسن الدلالي ؛ واثنان من اشقائي رفضوا اكمال الدراسة "هذا شأنهم" .

ذلك هو ابي الذي افخر به ببساطته غير انه عظيم فعلاً .. فكم من اب متعلم لم يكترث بتعليم اولاده ونراهم لا وزن ولا دور لهم في المجتمع .

دوماً نحن الصحفيين والكُتاب ننشغل بامور السياسة والوضع في البلاد لنكتب عنهم ؛ وقلّما تجد كاتباً يكتب عن اباه او امه احدهما او كلاهما كان له او لهما الفضل فيما وصلت اليه .

وانني هُنا اقدّم هدية على شكل مقالة لوالدي نظير ماقدّمه لي واخوتي وهو قليل بحقه والحقيقة هي انني وما املك ملكٌ له ؛ اكتبوا عنهما وهما على قيد الحياة ليفرحا بك "اقصد الابوين" ؛ وعندي ان تُقدّم وردة لشخص على قيد الحياة خيرٌ من ان تُقدّم باقة ورود على قبره... ابي الحبيب حفظك الله ورعاك...