آخر تحديث :الأحد-28 أبريل 2024-01:39م

الشعراء العرب.. والخلافة العثمانية .!

الثلاثاء - 06 يونيو 2023 - الساعة 02:23 م

أحمد عمر باحمادي
بقلم: أحمد عمر باحمادي
- ارشيف الكاتب


 

لم يكنْ الأدباء العرب سابقاً بمنأى عمّا يحدث في بلدانهم العربية والإسلامية من أحداث ووقائع وحراك سياسي .. ولم يكونوا كأدباء اليوم قابعين في أبراج عاجية تاركين الأوطان تدمى على أيدي مجموعة من الجهلة واللصوص والمستبدّين.

تقول كتب الأدب مؤرخة هذه الفترة الحساسة من تاريخ الأمة العربية والإسلامية : أن أنظار هؤلاء الشعراء كانت متعلقة بالبلاد الإسلامية والعربية، وارتباطهم وجدانيًّا بإخوانهم المسلمين والعرب،

 وتحركهم في دوائر الإسلامية والعروبة والشرق .. إلى جانب تحركهم بعمق في دائرة الوطنية المحلية ..

 نتيجة لهذا كله، نجد زعماء الاتجاه المحافظ يتابعون أحداث الخلافة بعد الحرب العالمية الأولى، باكين هزيمة تركيا أولا، ثم مهللين لانتصار مصطفى كمال ثانيًا، ثم جزعين من إلغاء أتاتورك للخلافة آخر الأمر..

 وهم في كل ذلك مدفوعون بمشاعر إسلامية خالصة، يذكرونها صراحة، ويؤكدونها بترديد أسماء المعالم المقدسة في البلاد الإسلامية، ليخلعوا على تلك المعالم مشاعرهم، وليثيروا - بما تحمله من طاقات شعورية - حماس المسلمين في كل مكان.

كما نجد هؤلاء الشعراء المحافظين يسهمون في قضايا البلاد الإسلامية العربية الأخرى، مؤازرين نضالها، مباركين انتصارها، باكين من استشهدوا من أبطالها، 

وهم في هذه المرة مشيدون بالرابطة الإسلامية والرابطة العربية، التي تذكر كل منهما صراحة أو تكنيه، أو يشار إلى أي منهما بلفظ الشرق، الذي كان يعني الوطن العربي أحيانًا، والوطن الإسلامي أحيانًا، كما تدل على ذلك استعمالات الشعراء في ذاك الوقت.

فحين تُحتل الآستانة، ويتقسمها الإنجليز والفرنسيون والطليان، يتحدث حافظ إبراهيم عن هذه النكبة، فيقول مناجيًا الله سبحانه، في تحسر المسلم على ما كان من ضياع أرض إسلامية عزيزة، وإذلال لإخوة مسلمين أعزاء:

أيرضيك أن تغشى سنابك خيلهم ×× حماك، وأن يمنى الحطيم وزمزمُ

وكيف يذل المسلمون وبينهم ×× كتابك يتلى كل يوم ويكرمُ

نبيك محزون وبيتك مطرق ×× حياء، وأنصار الحقيقة نُوّمُ

شعوبنا العربية من الشعوب التي تُخدَع بسهولة ومنهم شعراؤنا الذين انبهروا ذات يوم بأمجاد مصطفى كمال أتاتورك وعدّوه قائداً إسلامياً مجيداً .. لكن الحقيقة بيّنت فيما بعد عكس ذلك ..!!

فحين ينتصر مصطفى كمال أتاتورك سنة 1922، اندفع شوقي إلى مدح مصطفى كمال عند انتصاره على اليونان، بقصيدة عارض بها (عمورية) أبي تمام، فكانت صورة عن عواطفه نحو الأتراك، وترجماناً عن شعوره العميق بالأخوة الإسلامية التي لا تفرق بين جنس وجنس.

وتنهض تركيا بعد ما منيت به من هزيمة واستسلام، يتحدث شوقي عن هذا الانتصار بلغة المسلم المبتهج بانتصار قائد مسلم في معركة إسلامية، حتى ليذكره هذا النصر القريب في الأناضول بما كان من انتصار بعيد في بدر، 

وحتى لينقل إليه مصطفى كمال صورة خالد بن الوليد، وحتى ليجعل الفرحة تهز كل جوانب العالم الإسلامي، وتمس كل آثاره المقدسة، وفي ذلك يقول شوقي :

الله أكبر كم في الفتح من عجب! ×× يا خالد الترك جدد خالد العرب

يوم كبدر فخيل الحق راقصة ×× على الصعيد وخيل الله في السحب

غر تظللها غراء وارفة ×× بدرية العود والديباج والعذب

نشوى من الظفر العالي مرنحة ×× من سكرة النصر لا من سكرة النصب

حتى تعالى أذان الفتح فاتأدت ×× مشي المجلى إذا استولى على القصب

بالأمس القريب كان كمال أتاتورك الذي تمسّح بالإسلام، والغيرة على المسلمين، وحمل المصحف وطاف بالجنود مشجعاً إياهم على الوقوف بجانبه ليصل إلى مأربه حتى قال فيه أحمد شوقي ( يا خالد الترك جدِّد خالد العرب ) ..!!

وكان في الحقيقة السيف الأول الذي سلط أول ما سلط على الرقبة المسلمة، وما أكثر الكماليين في عالمنا الإسلامي، حيث لا تزال تتكرر الصور والأشكال، فقبله كان ابن العلقمي الذي خامر

 التتار ضد بني العباس وبعده جمال عبد الناصر وغيرهم وغيرهم.

فانظروا ماذا فعلت العلمانية ( الأتاتوركية ) في تركيا وكيف حاربت قيم الإسلام جملة وتفصيلاً وألغت الخلافة الإسلامية التي كانت آخر أمل للمسلمين في كيان يجمع كلمة المسلمين ولحمتهم.

▪︎المراجع :

▪︎تطور الأدب الحديث في مصر : أحمد عبد المقصود هيكل.

▪︎شعر شوقي في ميزان النقد : محمد مصطفى المجذوب