آخر تحديث :الإثنين-06 مايو 2024-08:23م

مسار جديد للمناطق المحررة تجاه الوحدة

الثلاثاء - 30 مايو 2023 - الساعة 02:25 م

منصور الصبيحي
بقلم: منصور الصبيحي
- ارشيف الكاتب


في مقال سالف كتبت عن مسار الحل للصراع اليمني وقلت فيه: ليس من المعقول له أن يأخذ التحالف بيد طرف من حلفائه ويتخلّى عن الطرف الآخر، واقصد بذلك المناطق المحررة من الشمال اليمني والتي أصبحت في ظل عاصفة الحزم همّها المشترك مع الجنوبين مواجهة الحوثين ومنع تمددهم، وما لخصته النظرة التحليلية تلك حول ما اعتزمت المملكة السعودية آنذاك فعله مفاجئة الجميع وأردت به بعد موائمة الانتقالي بالشرعية التمهيد لإنجاح مصالحة مع الحوثيين تقوم على أساس المحاصصة الطائفية.

وفق ذلك لو افترضنا أن هذا المسار بات معلّق او بالأحرى معطّل العمل به بسبب ما لقيه من معارضة شديدة داخليًا وخارجيًا، ولحيث أنه جرّب عربيًا في مكانيين مختلفين واثبت فشله... وعليه إذا آمنا بهذا الرئي فما هي البدائل الأخرى التي ياترى بالإمكان يصلح البناء عليها شكل من اشكال السلام الملائم للجنوب والمناطق المحررة من الشمال؟.

فيما يليه من المسار المحتمل، عن ما اعترى مضمون الخطاب المسئول وغير المسئول لرموز من الشمال نفسه من تحوّل مفاجئ، ابرزهم رئيس المجلس الرئاسي د.العليمي، بما يعد للمراقب مؤشر إيجابي تجاه القضية الجنوبية وكتباشير بثمة رغبة أكيدة في التعاطي مع مشروعها ليس من باب الفضول ولكنه أصبح في ظل وضع الشمال المعقّد والهش يتّخذ اسلوبًا منهجيًا غير مسبوق، الهدف منه ربما التجاوز بالجنوب حدوده المتعارف عليها دوليًا من قبل الوحدة وإلى مسافات اعمق وابعد من ذلك.

فبالرغم ما لعبه ويلعبه الانتقالي من دور محوري استطاع بموجبه خلق مسارًا مختلف للقضية الجنوبية وما زال يتكئ على الشرعية في كثير من الأمور، محتفظًا معها إلى الآن بعلاقات ودًية متوازنة، إلا أنه لم يتمكّن  ويمضي عامه السادس من الانتفال لمشروعية السيادة الجنوبية بالكامل بما يعنيه بأن الفرص باتت مواتية لاستعادتها إستنادًا للجمهورية المصادرة بعيدًا عن صنعاء وبقية المناطق المقبوضة بالسلاليين.

فجنوب مكتمل التحرير بما يمثّله من أبعاد مختلفة منها اجتماعية ومنها سياسية تاريخية، وشمال أبعد من الإكتمال، بما يمثله من ميدان لخلق التباينات على الساحة المحلية والإقليمية، يعد بمثابة إقرار بواقعة التقسيم وفق معايير الولاء والمصالح إستنادًا للطائفة والانتماء الجغرافي.

وبما يمتلكه الجنوب من أوراق ضغط تمكًنه من التحوّل أثناء عقد أي حوار إلى ند رئيسي يقف قصاد الحوثيين بقوة، وأمرا كهذا وأن تم لن يكون موقف محور الشمال المحرر فيه إلا كالاطرش وسط الزفّة. لذا حتّم عليهم الظرف استباق الحدث وتعزيز موقعهم وليس من باب للدخول إلا من باب المحكومين معه بالعلاقة المستويّة والقائمة على ثقافة المقاومة ورفض الانقلاب على الدولة والنظام الجمهوري.

فعلى ضوء العجز التام عن حسم الصراع عسكريًا في وسط تعثّر جميع المسارات ولا من أمل يلوح في الأفق، يبدو هذا المسار هو الاقرب للواقع، إلا إنه لازال يتمرجح ويتأرجح بين التحالف بقيادة المملكه العربيه السعوديه والرفض الشعبي الجنوبي المحاصر بمطلب استعادة دولته التقليديه قبل عام ٩٠م، والذي لطالما حولها مستمر بالعناد ولم ينفك من عقدتها ويقدّر حجم التضحيات التي قدمتها الجغرافياء المتاخمة لحدوده، فثمان سنوات من المواجهات وضعتهم في موقع لا يحسدون عليه، ولا يمكنهم لمواقفهم الموسومة بالعدى تجاه الحوثين توقّي خطرهم، سوى إبرام شراكة وحدنة جديدة مع الجنوب قائمة على المصالح المشتركة ومحكومة بضوابط ومحددات الصراع ذاته.