آخر تحديث :الثلاثاء-07 مايو 2024-12:18ص

اليمن واللا عودة عن نفق لبنان.

الإثنين - 13 مارس 2023 - الساعة 11:56 ص

منصور الصبيحي
بقلم: منصور الصبيحي
- ارشيف الكاتب


مثلما هو الغرض المعلن من الحرب على الحوثين ردعهم وردهم إلى جادة الصواب، مثلما هي أيضاً أضحت في ظل العجز التام عن الوصول لهدفها صنعاء عامل من عوامل انتاجهم وإشهارهم داخليًا وخارجيًا، بالمعنى المرادف فبقدر ما تمادت في قتلهم وحصارهم، بقدر تماهيها بشكل أو بأخر معهم وسّعت من رقعة سيطرتهم العسكرية والسياسية.

ما هو شائع اليوم عند الغالبية العظمى من الناس، بأن من الأسباب الرئيسية للصراعات الناشبة المنوطة بالكوارث وبالأزمات في المنطقة هو ناتج تباعد إيران والسعودية، لكن هناك من لا يفهم بأن كما هو في تباعدهما يوجد من التداعيات الخطيرة المزعزعة للأمن والاستقرار أيضًا في تقاربهما ضررًا لا يقل عنه تأثيرًا.

فإعلان فتح صفحة جديدة من العلاقات الدبلوماسية بينهما بوساطة صينية وذلك بالتزامن مع ما يجري من لقاءات سرية تقدم عليها السعودية نفسها مع الحوثين برعاية عمانية، كل هذا يذكّرنا بمصالحة الطائف عام 90م والتي جرت بين الفرقاء اللبنانين وأعقبت حرب ظروس طالت الأخضر واليابس في هذا البلد ولكن لم تتحقق إلا وقد سبقها ما سبقها من التهيئة الدبلماسية والنفسية بين طهران والرياض، ومن يومها ولبنان لم يعرف الرخى إلا في الأحلام وما زال يحلّق على مدار الضياع إلى ما لا نهاية.

ولأؤلئك من إخواننا الجنوبين من اللذين لم يعتبروا من ما أصاب أممًا من عثرات ناتج تفشّي مرض الطائفية داخلها، وما زلوا يشطحون إلى هذه اللحظة محاولين إقناعنا بأهمية الحفاظ على الوحدة اليمنية وفي ظل المتغيّرات الجديدة وانتهت إليها السعودية وذلك بالتّسليم مصير البلاد في يد جماعات عقائدية لا تعترف بحدود النماء والتطوّر آلى من باب مصالحها الضيقة المحكومة بالضوابط المذهبية والقبلية المتخلّفة، فلا نفهم منهم هذا الاصرار والتفاعل والأمور قد غدت غاية من الوضوح في الرؤية، وتنذر بأن القادم أسوأ من ما قد مر والنظام المراد له أن يسود المستقبل القريب هو في أحسن حالاته لن يكون إلا نسخة طبق الأصل من سيناريو لبنان والعراق، وهذا ما لم يعزز ولاءهم للقضية الجنوبية وبضرورة عدم التخلّف عن ركبها وللعمل في سبيل تجنيبها المؤامرة.

فكما هو ملاحظ بأن المشهد السياسي الذي أعتمد من بعد عام 90م أبان دمج جنوب اليمن وشماله يمر بنقطة تحوّل حرجة وذلك بإضافة عناصر متأسلمة صلبة وقاسية إلى النظام الجمهوري ذو الطابع المرن من قبل غزو الحوثين لصنعاء، وهذا بحد ذاته يمثل كارثة بكل المقاييس على البلد وذلك باستخلاف سلطة صالح والحمران الزيدية المزينة بما يشبه الديمقراطية في حينها، بكم كذا سلطات متعددة الواءات السياسية والإدلوجيات المذهبية الضعيفة بإرتهانها للخارج.

ومن باب التعاطي مع مشروع المصالحة بين الحوثين وبقاياء الكوكتيل المؤلّف من الشرعية ومن أشباه أنصارها إذا قدّر لها يومًا بأن تستقيم على يد السعودية في مسقط أو غيرها من المدن والعواصم العالمية ومفلحة في جر البلاد إلى اللاعودة عن نفق لبنان، فمن البديهي والمسلّم به بأن أنصار الله الحوثين هم صورة تحاكي تماما حزب الله ودور عبد الملك فيها يمثل دور حسن نصر الله على الضاحية الجنوبية، لكن ماذا عن شخصية حريري اليمن المناط به لعب الدور وتأديته على اكمل وجه؟ ذلك ما لا نتكهنه وأن كانت كل الدلائل والقرائن تشير لوجود ما يماثله في وسط الزحمة إلا أنه لم يحدد بعد وقادم الأيام هي الكفيلة إخبارنا عنه!.