آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-02:05ص

ديناميكية نبيل الصوفي بين تجارب المرحلة.. وضرورة اللحظة..

الأحد - 05 مارس 2023 - الساعة 08:05 م

عبدالفتاح الصناعي
بقلم: عبدالفتاح الصناعي
- ارشيف الكاتب


الإهداء:إلى أخي وصديقي المفكر الاستراتيجي المهندس محمد المحيميد.إمتنانا وشكرا عرفان لرقيه وتقديره للصداقة في أشد المراحل حساسية باختلاف الآراء.


على المستوى الشخصي لم تعود المياة إلى مجاريها بعد الخلاف والاختلاف والإنقطاع الطويل بيني وبين الاستاذ..ولكن عاد جو ودي في النقاش والتعليق الفسبوكي...
منذ بداية الخلاف لم أكن بذك الحد من الفجور بالخصومة وجحود الفضل.. وحاولت تجاوز جراحي بالرغم ما شعرت به من مرارة الظلم والألم وخيبة الصدمة التي ماكنت أتوقعها منه..
وبعد مرور عام على خروجي من نيوز يمن كتبت مقال بعنوان بين الكتابة والسياسية والحياة الاجتماعية..بدأت فيه بذكر علاقتي بنبيل وفضله الكبير عليا بالرغم من كل شيء..
فالاستاذ نبيل هو الذي صنع مني كاتبا واعطاني الثقة بنفسي وجو الحرية لبلورة أفكاري ومحاولاتي..

وهكذا الأمر على المستوى العام من العلاقات الشخصية بكل مستوياتها وعلى مستوى العلاقات السياسية العامة بمختلفها..
الجميع ضحية زلزال مرعب عصف بكل العلاقات وغير بعض الصداقات إلى عدوات ..كنتاج طبيعيي لحالة الأنهيار والحرب المعقدة..

وبالتالي فلا بد اليوم من أن نعيد التفاهمات والتماس المبررات لبعضنا البعض..لأن الجميع لديه جراح لازلت تسيل كل يوم في مرحلة صعبة ومعقدة أصابتنا بالإرتباك والعدوات والتخندقات وأثرت على المزاج الشخصي  بالحساسية المفرطة وبعضا من النزق والإندفاع وردة الفعل المبالغ بها المفاجئة والغير متوقعة..

وقد يكون كل هذا هو نتاج طبيعي لكل ما مررنا ونمر به من أصعب  المراحل والتغيرات من الأنهيار والتشظي والانقسام العام الذي تعود ويلاته وحسراته وأحزانه على المستوى النفسي الشخصي..
بحيث أثر ذلك على مستوى الآراء والقناعات السياسية وكذلك في إدارة علاقتنا مع بعض..وفي الأخير لاشيء ينفذنا من جحيم هذه الحالة المؤلمة على المستوى الشخصي والعام..إلا التفهم لبعضنا ومرارة التجارب المؤلمة التي خاضها الآخر وتأثيرها في قناعته وآرائه من موقعه ووجهة نظره..ومحاولة السمو في كل جراحاتنا وتجاربنا المريرة وخلق خيوط التوافقات والتقاربات الممكنة لإعادة بناء القضايا العامة بأفق حقيقي لطي وتجاوز مرحلة الصراع والانقسام. فالكل يمتلك من السلبيات والايجابيات ومن الأطماع والتضحيات ومن المخاوف والمبررات ..الكثير والكثير ..وهي أمور نسبية ومختلطة وليس هنالك من شر محض ومن هو على الحق تماما.

وبالعودة للاستاذ نبيل في إطار التجارب والهموم والمحاولات الوطنية لا سيما في مرحلة الحرب والانهيار نجد بأنه ليس أنموذجا لكاتب وصحفي وسياسي تذوق مختلف المرارات وخاض التجارب الثرية والمؤلمة المختلفة.

بل أيضاً نبيل يمثل ديناميكية جديدة أكثر عطاء وفاعلية وتميز برؤية أخلاقية أو اجتهادات  -حسب كل مرحلة- وجرأة عالية في التعامل والتعاطي مع الواقع والمتغيرات وطرح أرائه المثيرة بكل تخندقها وتقلباتها فهو حتى عنده الجرأة لتغيير أفكاره وتجاوز الأفق التقليدي للرأي الصحفي والسياسي ..
وهذا ما مكن لنبيل أن يكون أكثر من صحفي ناجح وكاتب ملهم وسياسي حكيم ومخضرم ..

كان ومازال يدهشني في نبيل تناوله المثير لقضايا مصيرية وحساسة خارج سياق التقليدي الركيك للجو الصحفي الذين يتشاركون هذه المبادئ التقليدية الركيكة مع نخبة المثقفين والناشطين دون أن يخشى حدة النقد والعتب الذي وصل حد السخط عليه وكيل الاتهامات له.

عرفت صحفيين كثر مشهود لهم بالوطنية والمهنية والحصافة والحكمة.. لكني ما رأيت مثل نبيل يقدس الفكرة والرأي بحد ذاتهما خارج سياق أي اعتبارات أو توهمات وتخوفات ..
ما رأيت مثل نبيل لم يضع حاجزاً بينه وبين أحد على أرفع مستوى وعلى أدنى مستوى ولم يغتر بانجازه وتجربته فهو ينقد نفسه وتجاربه ويتعلم كل يوم من التجارب التي خاضها ويسمع ويشجع مختلف التطلعات والأفكار لشباب مغمورين من مختلف التوجهات.. وهذا ما لا يمكن لصحفي وناشط أقل من نبيل بكثير أن يكون بهذا المقام من التواضع..وبكل مايمكن من الملاحظات والتحفظات والاختلافات مع نبيل فلا شك بأنه يحمل تواضع الكبار وألم العظماء وهموم العمالقة وعقل الفلاسفة وروح المتصوفة ..

وكل هذا هو ما أمده بالقوة والحيوية بخلق تأثير تجاوز حدود الصحافة والرأي إلى العمل السياسي المبدع بالسعي لكسر حالات الجمود المختلفة والسعي لخلق آفاق جديدة..

والتي لن يكون آخرها مايجريه من تقاربات وحوارات بين أحزاب وفصائل الشرعية المختلفة..وأملي أن يخلق هذا توجه عام للسلام وخلق الإصلاحات والمعالجات لا الوقع مجددا في فخ التحالفات التكتيكية للصراع الذي لم تعد البلد تتحمل مثل هذا..
تبقى لدي تساؤلات عامة في هذا السياق ولايمكنني تقديمها لغير الاستاذ نبيل وهي كتالي:
-هل كتب علينا أن لانحدث أي تقاربات أو نسعى لذلك إلا لأجل الإصطفاف للحرب وللعداء والاستعداء لطرف ما ؟!
نعم أعرف أن هنالك ظروف تحكم هذا الأمر وليس بمقدارنا تجاوزها..
لكني اتسأل بأنه على المستوى الذهني فقط هل سنجد يوما ما حافزا ممكنا بأن نتقارب ونصطف لمراجعة أخطأنا بحق بعض وبحق أنفسنا وبحق الوطن ونسعى لإعادة البناء والترميم والإصلاحات والمراجعات دون أن نضع بالضرورة عدوا من داخلنا أو خارجنا نحمله كل مأساتنا ويحفزنا الأمر للتوحد عليه ؟!

أخيرا وباختصار شديد:
نبيل الصوفي مدرسة صحفية وسياسية وأخلاقية جديدة في قمة العطاء والحيوية والتميز والإبداع بكل مالها وعليها.. لازلت تؤثر في صنع المراحل على المستوى النظري والعملي..لم نشهد نموذجاً عربيا فاعلاً ومؤثرا هكذا باستثناء المرحوم الاستاذ محمد حسين هيكل..هذا ماتبادر إلى ذهني وأنا أشاهد حواره التلفزيوني الأخير..  

عبدالفتاح الصناعي