آخر تحديث :الأربعاء-01 مايو 2024-02:05ص

أزمة الخطاب السياسي..دفاعا عن الجنوب

الجمعة - 03 مارس 2023 - الساعة 06:40 م

عبدالفتاح الصناعي
بقلم: عبدالفتاح الصناعي
- ارشيف الكاتب


هنالك بعض الأخطاء الأساسية والجوهرية  التي تقع فيها بعض الأطراف الجنوبية على المستوى الإعلامي والسياسي والتي ينتج عنها حالة من الفوضى والضبابية والتخبط والتناقض وإثارة صراعات لاداعي لها بالضرورة..لأنها مجرد تخندقات وتطرفات لن ينتج عنها شيئا إيجابيا وإنما دوامة من المتاهات..

وتكمن هذه الأخطاء بالعداء المبدئي للشمال بطريقة لا تكتفي بما بعد حرب 94 ..وانما تسعى للهمز واللمز وكيل الاتهامات  لشخصيات ورموز سياسية ووطنية منذ دولة الإشتراكي مثل الرئيس عبدالفتاح اسماعيل الذي عرف بإخلاصه الإيدولجي الأممي الذي تجاوز كل الأطر وتم مقتلة كضحية في انقسام حزبي كل أقطاب الانقسام جنوبية ..
يتهموا عبدالفتاح بأنه من فجر الصراع بينهم وهذا رأي هزيل لا يستند إلى أي حقيقة ..

كان عبدالفتاح اسماعيل رئيسا وترك الرئاسة بسلام وبكل هدوء  وغادر إلى الاتحاد السوفيتي بدون أن يشعل صراع ليحافظ على رئاسته ..
عاد عبدالفتاح متشبعاً أكثر  بأحلام الماركسية وقيم الاشتراكية كمنظر وسياسي يرى أحلامه اكبر من الصراعات الصغيرة..حتى حين تآمروا على سالمين لأنه خرج عن الأيدلوجيا فأن رأي وموقف عبدالفتاح كان أعدل راي  وأدق موقف..لأن موقفه إن لم يكن الوحيد الغير دموي فأنه أقل قسوة وابعد نسبيا عن الدموية ..فقد كان على خلاف الجميع يرى بأنه يجب محاكمة سالمين وليس قتله.. بالرغم بأن لا أحد أكثر اخلاصا للإيدلوجيا وضد المساس بها مثله اي عبدالفتاح..

دعونا نتسأل بالتالي:

-ماذا لو كان عبدالفتاح اسماعيل مكان سالمين الذي أنتقم للحمدي وقتل الغشمي؟ وحمل الحزب ودولة الجنوب إدانة الجامعة العربية ماذا كانوا سيقولون ؟!

- ماذا لو كان عبدالفتاح اسماعيل مكان علي ناصر الذي أحرق كبار قادة الحزب وشخصيات الجنوب داخل القاعة وكأنهم بدم بارد وكأنهم حشرات وفر إلى الشمال ؟!

-ماذا لو كان عبدالفتاح اسماعيل مكان علي سالم الذي قدم تنازلاته لأجل الوحدة ؟!!

-ماذا لو كان جار الله عمر مكان الرئيس عبد ربه؟!

كثيرة هي الاستشهادات التأريخية والحديثة والحالية التي تبرهن بأن الشمالي بطبيعته ليس عدائيا للجنوب من قبل 94 ومن بعدها حتى اليوم ..مع وجود بعض الحالات..

لا أحد ينكر كارثة حرب 94 وبأن قيادات شمالية كانت في الواجهه وصاحبة الخطايا الكبرى ولكن بنفس الوقت هنالك قيادات جنوبية قاتلت مع الشماليين على اعتبار بأن العودة للإنفصال سيخلق وضع أكثر كارثية وسلسلة من الحروب كانت ستكون هي الأسوئ ..

كما أنه لا أحد ينكر بأن تداعيات الحرب ومساؤها ونتائجها قد لحقت بالشعب الجنوبي بالطرق المختلفة المباشرة والغير مباشرة..ولكن الحرب في حقيقتها كانت وستظل حرباً بين نظامين ونخبة سياسية وليست ضد الجنوب ولا بين شعبين ..وإيجابيات وأخطاء نظام صالح كانت هي نفسها بالشمال والجنوب وعلى المستوى النخوبي والسياسي ظلت المشكلة مع النخبة التي أعلنت الحرب بداية كما تم احتوى كثيرا من قيادات الاشتراكي ودخلوا في حزب المؤتمر وأكثرهم جنوبيين ..وبعضهم ظل في المعارضة..كما أنه سرعان ما عاد صالح لمحاربة النخبة الشمالية التي قاتلت معه في 94 واعترفت هذه القوى نفسها بكارثة الحرب التي شاركت فيها..

كثير من الشعب بالشمال وبعض من النخب الشمالية من مختلف الأحزاب كان ومازال موقفهم متضامنا مع الرئيس علي سالم معتقدين بأنه لاقى تهميشها متعمدا جره إلى موقف الانفصال ..و بعضهم لازال حتى اليوم يرى بأن علي سالم ظُلم وهو صاحب الفضل الأكبر للوحدة..

حين بدأ الحراك السلمي كانت مواقف كثير من نخب الشمال مثفقين وكتاب  وصحفيين وسياسيين مع الحراك قلبا وقالباً معترفين بالممارسات والأخطاء التي نالت الجنوبيين وظلت مجالس المثقفين والسياسيين تعج بهذا الحديث إلى أعلى سقف.. كما كانت القضية الجنوبية تحظى باهتمام الصحف الشمالية بأكبر قدر ممكن حتى انتشار صحيفة الأيام العدنية كان كبيراً داخل صنعاء ..حتى نشرت الأيام نفسها صورة لقارئ للصحيفة داخل أزقة صنعاء القديمة في أوج ثورية صحيفة الأيام ..وحتى اليوم لايزال النقاش في المجالس والمنتديات في صنعاء يدين أخطاء 94 ومابعد هذه الحرب .. قبل أسبوع في إحدى المنتديات بصنعاء سمعنا في إحدى المنتديات حدة النقد للشمال في حق الجنوب بما يمكن أن نقول حد المبالغة في جلد الذات..كما لاتزال نخب من الشمال تقف في صف الإنتقالي..

الخطاب السياسي العدائي والمتطرف ضد الشمال والشماليين.. لن يؤثر سلباً على المؤمنين بالقضية الجنوبية من أبناء الشمال .. بقدر ما تأجج الصراعات المناطقية الجنوبية وتؤثر على وحدة الصف الجنوبي أولاً في اصطفافه خلف قضية عادلة وقيادات لديها أفق سياسي وقدرة على التحاور والتفاهم والعمل السياسي المرن وإحداث التوافقات وادارة الخلافات بحكمة مع الداخل والخارج برؤية سياسية واضحة تحدث تقدمات حقيقية وتفتح الآفاق الممكنة ..

عبدالفتاح الصناعي