آخر تحديث :الثلاثاء-07 مايو 2024-04:43م

الرسام الفقير

الأربعاء - 01 مارس 2023 - الساعة 08:00 م

خالد عمر العبد
بقلم: خالد عمر العبد
- ارشيف الكاتب


في احد شوارع مدينة الشيخ عثمان بالعاصمة عدن، وبينما كنا جلوسا في مكان عام نشرب الشاي وقف إلى حوارنا صبي عمره من 15 إلى 17 عام ويبدو عليه آثار العوز الممزوج بروح العزة، ويحمل في احدى يديه أوراقا تتوسد لوحا خشبيا تعلوه كماشة، وعندما لاحظت أنه يقصد التحدث الي باشرته بالقول : ماذا تريد يا بني؟
قال : أريد أن ارسمك . في بداية الأمر قلت له : يا ابني مش وقت الرسم ولا وقت لدي للانتظار حتى ترسم لي صورة . ولما رأيته لم ينصرف أدركت حينها أنه يريد الحصول على المال، وإن قل،  الا ان نفسه العزيزة لم تجرؤ على سؤال الناس؛ حينها بأشرته بالقول مازحا متبسما له : هل انت رسام "عسر" يعني قوي؟ ثم رأيتها ابتسامه ارتسمت على محياه وقال : ولا يهمك يا عم لك صورة طبق الأصل .
قلت له : بكم تعمل الصورة؟
قال لي رخيص يا عم فقط خمسمائة ريال 
قلت له : مادام 500 ريال فقط اتغقنا، تعال  ارسمني سريع شفني مستعجل . جلس أمامي  بداء يخط الخطوط الاولى للرسمة وإنا انظر إليه ثم قلت له واصل عملك يابني، وكنت احدث اخي وأصدقاء كنا واياهم جلوسا معا نشرب الشاي، ولما أردنا القيام والخروج من المكان ولم أرد أن اخدش كرامة رسامي الصغير، قلت له : ماشاء الله عليك يبدو انك مبتدئ في ممارسة الرسم لكن من خلال طريقتك هذه سيكون لك مستقبل في مجال فن الرسم باذن الله، تبسم مسرورا وقال : إن شاء الله ياعم، وأدرك أننا نعتزم الخروج وأخذ يسرع لكي ينجز الا اني بأشرته بالقول : لوحة جميلة ساحتفظ بها للذكرى ومددت له ال500 ريال، ووددت أن ازيده لكن والله اني خشيت أن اكسر عزته وتعففه، ثم خذت منه الورقة التي كان يرسم عليها وغادرنا المكان وغادر هو خلفنا، ولما وجدتها اليوم قبيل كتابة هذه السطور تذكرت الموقف، وقلت كم من أناس هذه الأيام الصعبة العصيبة يعانون العوز والحاجة وشدة الفقر ولكنهم لا يسألون الناس تعففا؟!! .. وآااه كم تمنيت اني طلبت منه تسجيل اسمه ورقم تلفونه أن كان لها تلفونا .. 
الا يا الله يا رب العالمين اصلح البلاد والعباد واقلب الحال واصلح لنا المئآل وخذ الظالمين بالظابمين