آخر تحديث :الأحد-19 مايو 2024-04:10ص

اكتسحوا حياتنا وغيروا كل شيء

الأربعاء - 02 مارس 2022 - الساعة 12:00 ص

علي عمر الهيج
بقلم: علي عمر الهيج
- ارشيف الكاتب


اكتسحوا حياتنا واحلامنا البسيطة التي عشناها ورسمناها في الايام الخوالي..
اعتقلوا الانسان والمدينه وهوائها وارستقراطيتها وثوبها الوردي الأنيق..

اعتقلوا العقل وجردوا المدينه من كل شيء
غيروا كل شي..خطوط السير.. والقاء السلام..
ومواعيد نومنا ونهوضنا حينما كنا ننهض في صباح منعش نظيف تسطع بين جناحاته همم وعزم واصرار والانطلاق الى اعمالنا ومصانعنا ومدارسنا كحمامات بيضاء للسلام ومدينه منضبطة ونظام وسكينة

غيروا فينا اهازيج الاعراس ولقائات المحبه حين نقشناها في (واعلى امحنا..) وصحبة وظيوف وطبل واغاني وزفة ونسوه تسترق النظر من اعلى رفوف الحاره..
اضافو الى اعراس مدينتنا رصاصات وبنادق وجماعات تسرح وتمرح ليلا كوحوش ضالة وضجيج وهوس وسيارات واطقم وخاتمة الم وبكاء ودموع ونعوش بسبب رصاص اصاب الحاضرين والمارين

غيرو كل شي.. مواقيتنا ووجباتنا اليوميه حيث يجمعنا مساء قمري يسامرنا وحبات الضوء تتسع وتصافح كل ارجاء المنزل
من بلكونات منازلنا كنا نطل على حارتنا ونشاهد اهلنا ورائحة عطورنا..وفتيه عابرون يضحكون ويستأنسون..ونسوه يدخلن باب الجيران
ومجتمع ملائكي.. شوارع مدينتنا ومقاهيها وبقالاتها وساحات مساجدها كفروض يوميه تزاورنا ونزورها

من اعلى النافذه المطله على مساجدنا نشاهد رجل كبير صالح معتكف يقرا القرآن يديه الى السماء يبتهل الى الرحمن ان يحفظ هذه الارض واهلها ويبارك له بالصحه والستر والسلام..
وحفيدته الجميله تحتضنه يديها فوق رقبته تقبله تارة وتارة تطل بوجهها من على جانبيه تضحك وتقول له  جدو واااو اني هنا ثم تركض للجانب الاخر من المسجد

غيرو حياتنا في كل شي..
في تلك الجوله يصلن طالبات جامعيات ذاهبات كلياتهن..وبسرعه يلتف حولهن شباب وباصات ومهرجين كل يدعوهن الى حافلته معلا كريتر خور تواهي..
يشعرن الفتيات بالحرج والخوف وكأنهن عرضه للاختطاف..
اناس هنا وهناك وضجيج ونقاط تفتيش وقيادات عسكريه ومواكب وتفحيط ومدافع موجهه نحو كل العابرين ومدينة تختنق وتصرخ بطوابير الوقود والغاز وطرقات في منتصفها اطفال وطفلات وعائلات ونازحون وفقراء يستجدون الحصول على مال ..
ودولة معطلة بلارئيس ولا مؤسسات ولا حياه وداعمون اثرياء يشاهدون بصمت غير انساني

في كل مكانِ وجوه متعبه وقلوب منكسره تهيم بعيدا تفكر بوجبه غذائيه او اجرة باص او دبه غاز وعيون حمراء مرهقة من السهر الكهربائي ونظرات شاردة ترقب هذا النمط الجديد من الحياة ومدينة تم كسر اعناقها تترنح لا تعرف الى اين تتجه..

علي الهيج