آخر تحديث :الثلاثاء-23 أبريل 2024-08:39م

ملفات وتحقيقات


تحليل/ هل هناك عوامل أخرى غير القوة العسكرية تمنع حسم الحرب ضد الحوثي؟

الخميس - 06 أكتوبر 2022 - 09:31 ص بتوقيت عدن

تحليل/ هل هناك عوامل أخرى غير القوة العسكرية تمنع حسم الحرب ضد الحوثي؟

(عدن الغد)خاص:

تحليل يستقرئ احتمالات تجدد الحرب بعد فشل جهود تمديد الهدنة الأممية في اليمن..

ما علاقة الصراعات السياسية داخل معسكر الشرعية بالحرب ضد الحوثي؟

كيف ستعيد الحرب- إذا تجددت- كل جهود السلام إلى نقطة الصفر؟

ما الذي يمنع القوات الحكومية بمأرب من تحرير مديريات المحافظة؟

كيف ستتعامل مناهضة الحوثي مع السلاح الباليستي والمسيرات؟

تجدد الحرب.. لصالح من؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

فشلت جهود تمديد الهدنة الأممية في اليمن، وهو ما يعني العودة مجددا إلى قرع طبول الحرب، بعد نحو ستة أشهر من الاستقرار النسبي بين طرفي الصراع الرئيسيين في البلاد.

مؤشرات فشل الهدنة وعدم تمديدها كانت واضحة وملموسة حتى قبيل انقضاء الهدنة الأخيرة في الثاني من أكتوبر/تشرين أول الجاري.

وتجسدت تلك المؤشرات في استعراض القوة المتبادل بين طرفي الحرب الأصليين، وخاصة الحشود العسكرية الضخمة التي ظهرت عليها مليشيات الحوثي الانقلابية قبيل الإعلان الرسمي عن نهاية الهدنة بأيام.

وذلك يحمل الكثير من الدلالات التي تؤكد أن ثمة من كان يتوقع فشل الهدنة، أو بالأحرى مبيت النية على عظم تجديدها، رغبةً منه في العودة لمربع التوتر وعدم الاستقرار الذي تلاشى مؤقتا قبل سنة أشهر، بفضل الهدنة.

الوضع الحالي، يشير إلى استئناف جولة جديدة من الحرب، ليس انطلاقا من رؤية تشاؤمية، ولكن بناء على معطيات الواقع، رغم استمرار جهود دولية وأممية لإحياء الهدنة، حتى بعد إعلان موتها رسميا.

وهذه الفرضية، تقودنا إلى طرح عديد تساؤلات حول مآلات الحرب في حال تجددها فعلا، خاصة في ظل استعراض كلا الطرفين قواهما العسكرية مؤخرا، متباهين بما يمتلكانه من أسلحة وعتاد وقوة بشرية.

فلصالح من سترجح كفة الميزان العسكري إذا عادت رحى الحرب إلى الدوران مرة أخرى، وهل بالفعل يمتلك كل طرف قوة عسكرية حقيقية، أم أن الاستعراضات كانت مجرد عروض شكلية لا وجود لها على الواقع؟.

> قوى الحوثيين

قد يكون التحالف العربي متقدما بخطوات على مليشيات الحوثي من الناحية العسكرية فيما يتعلق بسلاح الجو، واستخدام التحالف المقاتلات والقصف الجوي دعما للقوات الحكومية ومساعدتها في التصدي لقوات الحوثيين.

غير أن المليشيات الحوثية باتت منذ سنوات، تمتلك أسلحة مؤثرة، رجحت من كفتها على الأقل إذا تمت مقارنة بالقوات الحكومية التي حرمت من التسليح ومدها بالأسلحة الحديثة.

بينما عمل داعمو المليشيات في إيران وحزب الله اللبناني على بناء القوة الحوثية وتعزيزها في جوانب تقنية حديثة، تفتقر إليها دول بحالها، كالطيران المسيّر وتطوير الصواريخ الباليستية التي كان الجيش اليمني يمتلكها بكثافة قبيل الانقلاب الحوثي.

وهي أسلحة ترك الحوثيون يطورونها ويستحدثونها دون أدنى تحرك من التحالف أو الحكومة في الحد من امتلاكها، الأمر الذي دفع ثمنه التحالف العربي ذاته ودوله التي أضحت في نطاق مرمى نيران المسيرات والصواريخ الباليستية الحوثية.

وهي ذاتها الأسلحة التي يهدد فيها الحوثيون اليوم الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب، تنفيذا لأجندات طهران ومصالحها في ابتزاز العالم عبر أداتها الحوثية.

كما أن الحوثيين، وإمعانا في سلوكياتهم اللا مسئولة واللا إنسانية، تفوقوا في سلاح الألغام التي يروح ضحيتها الكثير من المدنيين الأبرياء، لكنها أيضا تمنع تقدم القوات المناهضة للمليشيات ميدانيا.

إضافةً إلى كل ما سبق، ظهر الحوثيون في استعراضاتهم الأخيرة خلال ذكرى انقلابهم في 21 سبتمبر/أيلول الماضي وكأنهم قد ازدادوا قوة، من خلال عرض عدد من الصواريخ الباليستية والألغام البحرية.

وهو ما يعطيهم فرصة تنفيذ تهديداتهم الأخيرة الخاصة بالملاحة البحرية، والعودة مجددا لتهديد دول الجوار بالصواريخ والمسيرات العابرة، ما يؤكد أنهم مجرد عصابات إجرامية لا يمكن أن ترتقي سلوكياتها إلى مستوى سلوكيات الدولة.

وفي حالة عدم مساعدة تلك القوة التي يمتلكها الحوثيون في مزيد من التمدد والتوسع واحتلال مزيد من المحافظات اليمنية، بفعل تدخل طيران التحالف، فإنها حتما ستمنح المليشيات فرصة أخرى للصمود أمام مناهضيهم وٱطالة أمد في اليمن، وهذا له تبعات لا تقل خطورة.

> قوى الحكومة

في المقابل، لا ترغب الحكومة الشرعية في العودة إلى الحرب مجددا، ليس ضعفا فيها- وإن كانت حقيقة ملموسة- ولكن الحكومة باعتبارها تمثل الدولة فإنها تحرص على مصلحة مواطنيها ورعاياها.

ولعل القوى التي تمتلكها الحكومة الشرعية هي الحرص على تجنب الحرب، وتمسكها بالسلام ينم عن مسئولية إنسانية وقانونية، لكن هذه المسئولية لا يمكن أن تدحر الحوثيين الذين لا يمكنهم العيش أو الازدهار إلا في بيئة الحرب والصراعات، كطبيعة أية مليشيات.

وبعيدا عن هذه الجزئية، تبقى الحكومة معبرة عن جيش وطني وقوات تابعة للدولة، ولعل ما استعرضته القوات الموالية للدولة في مأرب عشية ذكرى ثورة 26 سبتمبر/أيلول ضد الإماميين، يعطي بصيصا من الأمل بوجود قوى ما، ما زالت تمتلكها الدولة اليمنية.

لكن ثمة استغراب وتساؤلات عن عدم قيام هذه القوى في تحرير المديريات الجنوبية لمحافظة مأرب من سيطرة الحوثيين، رغم أن العرض العسكري الأخير في مأرب كشف عن مخزون بشري وعتاد عسكري مهيب، يمكن توظيفه في هذا الهدف.

وحتى وإن كانت هذه القوى تقليدية أو غير نوعية مقارنة بقوى الحوثيين، إلا أنها ما زالت تؤمن بشرعيتها مقارنة بالانقلاب المليشياوي، وهذا التفوق المعنوي قد لا تمتلكه مليشيات الحوثي التي تدرك أنها مجرد مليشيات مهما سيطرت أو امتلكت من عتاد وسلاح.

غير أن الحرب تحتاج أيضا إلى الجوانب المادية المحسوسة، وإلى القوة العسكرية الملموسة، وليس فقط إلى التفوق المعنوي، الذي يعوضه الحوثيون باستفزازاتهم وانتهازيتهم للعالم بأسره ومنظماته وهيئاته الأممية، لكن الحكومة الشرعية قد لا تعوض تأخرها عسكريا.

كما أن القوات الحكومية لا يمكنها مقاومة التفوق الحوثي التقني في مجال الصواريخ الباليستية والمسيرات المفخخة، والتي عجزت عنها حتى دول كالسعودية والإمارات تمتلك منظومات دفاع جوي متطورة، الأمر الذي يرجح كفة المليشيات في هذه الجزئية.

وللأسف، فإن الوضع الذي آلت إليه الحكومة الشرعية عند مقارنتها بوضع المليشيات الحوثية عسكريا، لا يعود سببه فقط إلى المقارنة في القوى العسكرية، ولكن هناك عوامل غير عسكرية متورطة في هذا الوضع.

> صراعات الساسة

يتمسك الحوثيون حول قيادة واحدة تعمل على توجيه كافة قدرات  المليشيات نحو هدف الإبقاء على سيطرتهم، غير أن هذا النوع من القيادة، بل إن الولاء العسكري حتى غير متوفر في معسكر الشرعية المتشظي، وهو ما يحول دون تحقيق تفوق حكومي على الحوثيين.

فالصراعات البينية التي ضربت قوى وتيارات ومكونات الشرعية، ووصلت إلى قوام المجلس الرئاسي نفسه، ناهيك عن الأحزاب والمكونات اليمنية الأخرى، ذات الأهداف والغايات المتعددة، أثرت كثيرا في إضعاف قوى الحكومة الشرعية بشكل عام.

ولهذا تبدو هذه الأخيرة في موقف أضعف مقارنة بالحوثيين، حتى على مستوى الخارطة الجغرافية، التي تتوحد فيها الوحدة السياسية للحوثيين، وتتشظي في جزر وكانتونات متباعدة في المناطق والمحافظات المحررة.

وهذا يتطلب توحيدا لجهود القوى السياسية اليمنية، لمواجهة المليشيات الانقلابية، أو على الأقل تأجيل هذه الصراعات الجانبية إلى حين الخلاص من الخطر الأكبر المتمثل في الحوثيين.

ولعل التقارب الأخير بين حزبي المؤتمر والإصلاح يصب في هذا الاتجاه، غير أن ذلك لا يكفي، فالجميع مطالب بمثل هذا التقارب، حتى بين الانتقالي والإصلاح مثلا، ما دام الأمر لهدف وغاية سامية.

هذا ليس كل شيء، فهناك ما يحول ايضا دون توازن القوى العسكرية بين الجانبين على الأقل، ويتمثل في التماهي الدولي والصمت الأممي تجاه ممارسات المليشيات الحوثية، وهو ما يزيدها مضيا نحو غطرستها والتباهي بقوتها.

> فاتورة الحرب

في الوقت الذي يحاول العالم تجنب حل صراعاته وخلافاته قدر المستطاع بعيدا عن الحرب، إلا أن القوة اليمنية ترمي بنفسها لتكون أداة ابتزاز بيد الغير، تماما كما يفعل الحوثيون، فالمليشيات التي تخدم أجندة إيران في المنطقة لا تكترث لمعاناة اليمنيين من تجدد الحرب، وتداعياتها المؤلمة معيشيا وإنسانيا، والفاتورة الضخمة التي يدفعها اليمنيون في كل مكان، بشكل مباشر أو غير مباشر.

والتي تنعكس على كل مناحي الحياة، وتحيلها إلى كابوس حقيقي، لم تنفع معه أية إجراءات أو محاولات للتخفيف من وطأتها المؤلمة، كما أنها تعيد كل جهود السلام ومساعي التوصل لتسوية سياسية شاملة إلى نقطة الصفر.