أغنية "يشهد الله" تجسيد لمعادلة اكتمال الحب عند الحرمان

من القصائد الشعرية ماهو ساحر ومبهر، ينتزعك من واقعك لتحلق في عوالم لا ضفاف لها، ومنها ما يشبه تلاوة من كتاب مقدس لترانيم في محراب العشق، انها نصوص خلدت كلماتها قائليها، ومن هذه النصوص قصيدة "يشهد الله"، التي حولها الأسطورة الحضرمية كرامة مرسال رحمه الله الى أغنية خالدة، من خلال اللحن الجميل والأداء الأجمل.

لايزال الخلاف قائم بين الباحثين في مجال الشعر والأدب، حول قائل هذه القصيدة بل الرائعة، فمنهم من ينسبها للشاعر محمد هيثم الحميري رحمه الله، الا ان كثيرون ايضا يجزمون القول بأنها لشاعر اسمه أحمد عمر الحامدي، مضيفين انها هي القصيدة الوحيدة له أي انها يتيمة.

دون الخوض في الجدال الجاري بشأن نسبتها لأي من الشاعرين، فان قصيدة "يشهد الله"، التي كانت عروس الأغاني في الساحة الغنائية الحضرمية، في سبعينات القرن الماضي، ولا تزال الى اليوم تحتفظ بجمالها واحساسها القوي، فهي تصور لنا بشكل جلي معاناة العشاق من الحرمان، وكيف ان العشق يبلغ أوجه في حالة الحرمان، وكيف يمكن أن تتحول المعاناة الى حبر العاشق المتدفق، الذي يسكب الألحان في وجه القمر، ليحيلها نور وضياء في صدور العاشقين.

لقد جسدت هذه القصيدة مقولة ومن الحب ماقتل، حين يقول شاعرها "المحبه الشديده أتعبت كمن انسان"، وهو ينشد حبيبه أن يجود ويتفضل عليه بالوصال قبل أن يصاب بالتعب، والتعب الذي يعنيه هو المرض ومن ثم الهلاك، لقد جمع الشاعر في هذا النص الرفيع كثير من معاني العشق، وصدق المشاعر، وتأكيد الوفاء ونبذ الخيانة والغدر، ويكفي انه يشهد الله على حبه لمحبوبه واخلاصه له، وانه لا يزال متمسك به غير متخل.

رحم الله الاسطورة كرامة مرسال، الذي أضفى على جمال الكلمات سحر أكبر، من خلال اللحن الرائع، ليمنحها بذلك عمرا طويلا لأجيال قادمة باذن الله.