آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-11:12م

ملفات وتحقيقات


تحليل: من موقع المسافة الواحدة من الجميع.. هل تقود سلطنة عمان جهود إنهاء الحرب في اليمن؟

الأحد - 04 يونيو 2023 - 08:59 ص بتوقيت عدن

تحليل: من موقع المسافة الواحدة من الجميع.. هل تقود سلطنة عمان جهود إنهاء الحرب في اليمن؟

(عدن الغد)خاص:

قراءة تسلط الضوء على الجهود الدبلوماسية العمانية في إيقاف الحرب اليمنية ومدى قدرتها على الوصول إلى وضع نهاية للحرب..

هل ما يزال الرهان على سلطنة عمان في وضع نهاية للحرب باليمن قائماً؟

ما مدى قدرة السلطنة على التقريب بين الأطراف اليمنية ودفعهم إلى الحل؟

ما هو انعكاس الاتفاق الإيراني السعودي على الجهود الدبلوماسية العمانية؟

ما طبيعة الموقف العماني من الحرب اليمنية وأين تكمن العقبة في أي اتفاق يتم الوصول إليه؟

ما هي نتائج زيارة سلطان عمان إلى إيران مؤخراً؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

لا تُعرف الجارة الشرقية لليمن إلا من خلال استقبالها نتائج دوامة الصراع السياسي في اليمن.

فمن استقبالها لنائب الرئيس اليمني الأسبق علي سالم البيض عقب حرب صيف 94م إلى الرئيس السابق عبدربه منصور هادي الذي لحقه إليها في مارس 2015، إثر انقلاب مليشيا الحوثي عليه والتوافق الوطني في سبتمبر 2014.

ولم تكتف سلطنة عمان باستقبال الرئيس هادي وقيادات مؤتمرية وإصلاحية، بل لحقهم بعد حين من الزمن أولاد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح بعد أن نفذ الحوثيون انقلابا على الشراكة معه في المجلس السياسي وقتلوه في 4 ديسمبر 2017.

وفي 2018 استقبلت السلطنة العديد من القيادات الحوثية على رأسهم المتحدث الرسمي للجماعة الحوثية محمد عبدالسلام الملقب بـ"فليته".

ومن واقع الحياد الذي يميز السياسة العمانية تجاه الدول الأخرى، تضع سلطنة عمان قدما مع السعودية وحلفائها وقدما أخرى مع إيران وحلفائها.

في السنوات الأخيرة فرضت السلطنة نفسها كوسيط محايد بين مليشيا الحوثي وبين خصومها في مجلس القيادة الرئاسي، وكان لها دور بارز في تقريب وجهات النظر فيما بينهما في كثير من القضايا السياسية الخلافية، ونجحت في قيادة اتفاق سعودي حوثي مطلع أبريل 2022 تحت مسمى "الهدنة الموسعة" على أن تفضي هذه الهدنة إلى خارطة طريق لحل سياسي ينهي الحرب في اليمن.

في هذه الأيام يترقب قطاع عريض من اليمنيين نتائج زيارة يقوم بها سلطان عمان هيثم بن طارق إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ أيام.

من المؤكد أن هناك رسائل عدة يحملها الوفد العماني الرفيع إلى طهران تخص جهود الوساطة بشأن إحراز تقدم في  التسوية السياسية المتعثرة حتى اليوم.

> الرهان على السلطنة لايزال قائماَ

كثافة من الحوارات والتحركات بين وفود يمنية وإقليمية ودولية فاعلة في الملف اليمني، وباتت مسقط وجهة لكل الباحثين عن السلام، الذين يحدوهم الأمل بحل الخلافات بين اليمنيين ووضع حد لاستمرار الحرب الممتدة منذ 8 سنوات مضت.

لايزال الكثيرون يراهنون على الدور العماني في الأزمة اليمنية بتحقيق قفزات نوعية في تفاهمات المتضادين، وتعديل وجهات نظر المتعاكسين لتصب جميعها في مجرى الرؤية العمانية التي تستند إلى أن أي حل في اليمن يجب أن يقوم على أساس حل الخلافات بالحوار والتفاوض وليس بالحرب وفرض الأجندات السياسية بالقوة العسكرية.

ومنذ انطلاق العمليات العسكرية للتحالف العربي في 26 مارس/آذار 2015، والسلطنة تقدم رؤية مغايرة للحل في اليمن تختلف عن نظرائها الخليجيين، ووفق هذه الرؤية العمانية نأت السلطنة بنفسها ولم تشارك في الحرب وفضلت أن تلعب دور الوسيط المحايد حتى اليوم.

تفضل السلطنة العمل الدبلوماسي في حلحلة الأزمة اليمنية على من سواه من الحلول، وعلى الرغم مما تفعله السلطنة إلا أنها لم تسلم من اتهامها بتهريب السلاح للحوثيين عبر سواحل البحر العربي ومنافذ محافظة المهرة المتاخمة لحدودها، فضلا عن علاقاتها المتميزة تاريخيا مع إيران منذ حكم الشاة.

استضافت مسقط العديد من جلسات المشاورات والمفاوضات بين الحكومة المعترف بها دوليا وبين الحوثيين، ومؤخرا بين السعودية ووكيل إيران الحصري في اليمن جماعة الحوثي.

في السنوات الماضية استضافت السلطنة العديد من الشخصيات السياسية من كل الطيف السياسي اليمني دون تمييز، وقدمت الكثير من التسهيلات لليمنيين في ما يخص فتح منافذها وتسهيل اجراءات الإقامة والسفر.

لا يعرف بعد نتائج التحركات العمانية الأخيرة في طهران، وإن كان هناك من يأمل أن تقوم إيران بدور فاعل في ممارسة المزيد من الضغوط على ذراعها في اليمن لتقديم المزيد من التنازلات والمضي قدما نحو التسوية السياسية النهائية وطي صفحة الحرب التي اثقلت كاهل اليمنيين منذ 8 سنوات مضت.

وبحسب الوكالة الإيرانية "ايرنا" فإن الموقف الإيراني والعماني متطابق فيما يخص الحل في اليمن، لكنها لم تورد المزيد من التفاصيل حيال ذلك.

> الموقف العماني من الحرب اليمنية

لا تنفرد سلطنة عمان بأي حلول سياسية للشأن اليمني غير تأكيدها على المرجعيات الإقليمية والدولية، وبالتالي لا تخالف هذه الرؤية رؤية الحكومة المعترف بها دوليا والتحالف العربي بقيادة السعودية، وتنسجم مع إرادة المجتمع الدولي والأمم المتحدة في ضرورة ايجاد حل سلمي في اليمن يقوم على الحلول السياسية والدبلوماسية لا على الحلول العسكرية.

تأتي اسهامات سلطنة عمان في سياق الهواجس العمانية، كونها دولة حدودية مع اليمن، ولها مصالح متبادلة اقتصادية وأمنية مع محافظة المهرة الواقعة شرق البلاد، كما أن كل ما يهم السلطنة هو أمنها القومي.

> هل تدفع السلطنة الجميع إلى الحل النهائي؟

ليس من السهل أن تأتي بتفاؤل مفاده أن الدور العماني بإمكانه أن يحرز تقدما ما، فالتهديدات الحوثية بضرب المصالح السعودية تعود مجددا على لسان قيادات الجماعة الحوثية.

لا أحد يجهل حجم التأثير السياسي على الحوثيين بعد إيران من قبل السلطنة، فالسلطنة تستضيف معظم قيادات الحوثيين في مسقط منذ العام 2018، وتوفر لهم نافذة يطلون عليها من العالم، وفرصة الالتقاء بالأطراف اليمنية والإقليمية والدولية.

لكن هناك في المقابل الكثير من خيبات الأمل عبر عنها رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي في خطاباته غير مرة، وأشار إلى أن هناك صعوبات للتوصل إلى تسوية سياسية عاجلة من أي نوع مع مليشيا الحوثي في القريب العاجل، مما يؤكد أنه ليس هناك بوادر للخروج من هذا المأزق الذي وضع الحوثيون أنفسهم به وارغموا به الجميع.

في العاشر من إبريل الماضي 2023  زار السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر العاصمة صنعاء بمعية وسطاء عمانيين، ورافق هذه الزيارة موجة من التفاؤل لدى اليمنيين بأن النهاية للحرب قد اقتربت وما تبقى إلا وضع اللمسات الأخيرة عليها.

بغض النظر عن الدور العماني والضغوطات التي تمارسها مسقط على الحوثيين من موقع المحايد أو الحليف الصامت، كما يصفها البعض، لكن لن يتعدى هذا الضغط إلى تقديم تنازلات كبيرة من قبل الحوثيين قد تسهم مثلا في اختراق لجدار الأزمة وبالتالي التقدم نحو الحلول المرضية للجميع.

يرى المتابعون أن الحوثيين يتبعون مسارين ضد خصوهم، المسار الأول التهديد والوعيد، والمسار الثاني تحقيق المكاسب عبر المفاوضات، وهو ما تحقق لهم عبر الهدنات الإنسانية المعلن عنها.

> هل تفعلها السلطنة؟

تحظى السلطنة بمكانة معتبرة لدى الأطراف اليمنية، وبات الرهان عليها للقيام بدور يسهم في إنهاء الأزمة اليمنية، لما تتمتع به من قدرة دبلوماسية يمكنها من التعامل مع كل الأطراف اليمنية.

تتجلى هذه القدرة من خلال ممارسة الضغط وسياسة الاحتواء التي تنتهجها الدبلوماسية العمانية، لكن محاولاتها في إنفاذ خارطة الطريق للحل النهائي من خلال حوار الحل الشامل الذي يجمع بين مجلس القيادة الرئاسي والمجلس السياسي للحوثيين تبدو مهمة صعبة وتكاد تكون مستحيلة في ظل التعنت الحوثي وشروطه التعجيزية.

وإزاء ذلك، نخلص إلى أن أمام الدور العماني عقبات كثيرة، بالنظر إلى تعقيدات الصراع والعوامل التي تسهم في استمراره، علاوة على طبيعة المتدخلين الإقليميين والدوليين ومراعاة مصالحهم في أي اتفاق يجري بين اليمنيين، بالإضافة إلى ان الحوثيين غير جاهزين لتقديم المزيد من التنازلات.

يرى كثيرون أن الحل السياسي يفوق تصورات ربما الوسيط العماني نفسه، فلا أرضية ملائمة يمكن أن ينبت فيها هذا الحل السياسي المستدام.

والمتتبع لسلوك الحوثيين السياسي المراوغ تجاه المبادرات السابقة، يصل إلى هذه النتيجة.

فما الذي تحقق مثلا في جنيف (1) يونيو2015، وجنيف (2) ديسمبر 2015، و4 جولات في مشاورات الكويت 2016، وجنيف (3) 2018، ومشاورات العاصمة الأردنية في إبريل 2020 وفبراير 2021، إضافة إلى الهدنة الموسعة في إبريل 2022؟!.

وبحسب السلوك السياسي العام للحوثيين المراوغ والمتفلت من أي اتفاقات يعتقد الكثيرون أنه لن يتنازل بسهولة، فكثيرا ما يغرقك في التفاصيل التي يخرج منها بمكاسب تخصه، وإن تنازل ووقع على أي اتفاق ما فسرعان ما يماطل أو يلتف عليه و لا ينفذ شيئا من ذلك.

بالطبع، هذا الاستنتاج يأتي عطفاً على سلوكه السابق وليس تقليلا من الجهود العمانية المبذولة في سياق إيجاد حل سياسي يضع نهاية للحرب في اليمن بشكل نهائي.

يظل الرهان الأخير على قبول الحوثيين بالتنازلات الاتفاق الإيراني - السعودي الذي جرى برعاية صينية في مارس من هذا العام، وبدأت بوادر تنفيذه من قبل الرياض باستقبال رئيس النظام السوري بشار الأسد، بالإضافة إلى عودة السفير الإيراني لدى السعودية لممارسة عمله من السفارة الإيرانية في الرياض.