لم يكن القيادي الحوثي المدعو يوسف الفيشي، يتحدث عن وجهة نظره، ولم يكن حديثه هذا ميولًا من دون مدلول، بقدر ما هو رؤية عبدالملك الحوثي نفسه حول السلطة والشعب والدين، وأن أي حلول سلمية وأي مفاوضات ينبغي ألا تلامس حقه المزعوم في الحكم نائبًا لله.
وهذا ما يؤكد أن السلام مع عقليات كهذه مستحيل، وعلى المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبيرغ، التأمل جيدًا فيما تفوه به المذكور.
على تويتر، بث المطلوب رقم 23 على قائمة التحالف العربي، المعروف بالوجه الأسود للمليشيا الحوثية ومهندس المؤامرات والنكث بالعهود، المدعو يوسف الفيشي، مقطع فيديو لتضليل الرأي العام، محاولًا- بفجاجة- تقديم المليشيا الحوثية الإرهابية على شكل "حمامة سلام"؛ لكنه في الوقت نفسه كشف حقيقة موقفها من السلام ورؤيتها لما يكون عليه اليمن عند أي تسوية سياسية؛ شعب بلا أحزاب يحكمه عبدالملك الحوثي مندوبًا عن الله، وهذا يعني أن يكون الشعب طبقتين: سيدًا يحكم وعبيدًا محكومين.
ومما يثير الاشمئزاز في حديث الفيشي الذي قاد عملية تهجير السلفيين من دماج في صعدة عام 2013، وأدار عمليات تفجير المساجد ومراكز تحفيظ القرآن الكريم، ادعاءه أن التيارات السياسية والدينية، بمن فيهم السلفيون، يتفقون على الإرهابي عبدالملك الحوثي كرمز يمثلهم؛ والحقيقة أنه رمز للإرهاب وسفك الدماء.
وبشكل مجانب للحقيقة ومناقض للواقع، انبرى الفيشي يزعم أن الجماعة الإرهابية لا تمارس أي شكل من أشكال العنصرية والمناطقية والمذهبية؛ بينما الحقيقة أن المشروع الحوثي يقوم على هذا الأساس الذي ولّد النزعة الدموية لديها في قتل اليمنيين وامتصاص دمائهم تحت مسميات مذهبية ودوافع طائفية بحتة.
ويذهب الفيشي الذي ألغى في حديثه مفهوم الدولة والتعددية السياسية والحريات العامة والحقوق والواجبات، إلى القول "فقط معنا شعب وقائد".. قائد واحد حدده في سيد الكهف!
وينظر الفيشي إلى اليمن كمجتمع "بلا كيانات" يحكمه عبدالملك الحوثي، زعيم المليشيا الإرهابية الذي وصفه بـ"المقدس"، ثم ذهب ليزعم أن أنظمة الحكم العالمية في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان، تتطابق مع فكرة تأليه عبدالملك الحوثي وتمكينه من رقاب اليمنيين!
ولطالما كان الكذب وتدليس الحقائق وبث المغالطات دون خجل، اسلوب يتردد على ألسن القيادات الحوثية التي دأبت على هذه الممارسات لتضليل الرأي العام وإبدال الحقائق الجلية بالزور، رغم إدراكها رفض اليمنيين لهذه الجماعة ومشروعها المتطرف وأفاعيلها الوحشية بحق ملايين اليمنيين الذين أغرقتهم في أسوأ أزمة إنسانية على وجه الكوكب.
