آخر تحديث :الخميس-18 أبريل 2024-01:43ص

ملفات وتحقيقات


تقرير: استشهاد القعيطي.. هل يمثل صورة حية للاستهداف الممنهج للصحفيين في اليمن؟

السبت - 03 يونيو 2023 - 06:33 ص بتوقيت عدن

تقرير: استشهاد القعيطي.. هل يمثل صورة حية للاستهداف الممنهج للصحفيين في اليمن؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يُحيي الذكرى الثالثة لاستشهاد الزميل نبيل القعيطي ويخوض في نتائج ومصير قضيته..

إلى أين وصلت التحقيقات في قضية الزميل نبيل القعيطي؟

لماذا لم نرَ إنجازاً أمنياً في هذه القضية رغم مناشدات أسرة القعيطي؟

أين ذهب المتهمون المضبوطون على ذمة قضية الزميل القعيطي؟

ما دور الصحفيين والمنظمات الحقوقية تجاه مناصرة هذه القضية؟

القوى السياسية.. ما موقفها من القضية وهل تجاهلتها كما تجاهلت سابقاتها؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

ثلاثة أعوام مضت، وما زالت قضية مقتل واستشهاد الزميل الصحفي نبيل القعيطي تراوح في مكانها، دون أن يتم البت فيها، رغم أنها من أكثر القضايا التي تحولت إلى قضية رأي عام مجتمعي وشعبي وحتى رسمي، غير أن كل هذا لم يشفع لها أن تتقدم في إجراءاتها، ولم يتم الفصل في ملابساتها الغامضة.

ما تعيشه قضية المصور الصحفي نبيل القعيطي ليس مختلفًا عما عاشته كافة القضايا الجنائية وغير الجنائية ومنظومة الأمن برمتها في العاصمة عدن، والتي لم تحقق أي تقدم ملموس فيما يتعلق بالكشف عن المتورطين في قضايا القتل التي شهدتها عدن خلال السنوات الثماني الماضية.

وما يجعل من قضية الصحفي القعيطي ذات خصوصية بالغة، كونها استهدفت إسكات صوت الحقيقة التي يمثلها كل صحفي حمل على عاتقه كشف الحقائق والمضي قدمًا في مهمة العمل داخل بلاط صاحبة الجلالة، وبين دهاليز الوظيفة الأخطر على مستوى العالم، باعتبارها مهنة البحث عن الحقيقة الغارقة في المتاعب.

حتى أن كثيرين اعتبروا الصحفي "مناضلًا" وليس مجرد صاحب مهنة يؤديها بسطحية أو بشكل هامشي لإسقاط الواجب؛ ولهذا تحولت القضية إلى رأي عام لأنها استهدفت مناضلًا طالما كان نموذجًا للعمل الصحفي الباحث عن الحقيقة، مهما كانت هذه الحقيقة متعبة، كما أن نبيل القعيطي اسم ارتبط بتاريخ المقاومة في عدن ضد التواجد المليشياوي الحوثي، ووثق تفاصيل اندحار الانقلابيين منذ الوهلة الأولى لانطلاق المقاومة.

الأمر الذي يقود إلى الاستغراب من تأخير الفصل والبت في قضية أحد مناضلي النصر في عدن، ومناضلي العمل الصحفي كما ينبغي أن يكون، في غموض مريب يكتنف مصير التحقيقات الأمنية الخاصة بقضية استشهاد الزميل نبيل، في ظل مناشدات متواصلة لأسرته التي ما انفكت تطالب بإنصاف روح الشهيد وإحقاق الحق.

وهو ما عبرت عنه أسرة نبيل القعيطي المكلومة، التي أصدرت أمس الجمعة، بيانًا عبرت فيه عن كل ما يطالب به الشارع الجنوبي والعدني، والرأي العام الشعبي في مختلف البلاد وليس فقط في عدن أو المحافظات الجنوبية، كما كشفت عن الكثير من الخفايا التي طالت قضية الشهيد نبيل، وأكدت الغموض والضبابية التي رافقت مطالبها بمعرفة مصير التحقيقات في قضية مقتل واستشهاد نجلها.

> بيان الأسرة المكلومة

بيان أسرة الشهيد نبيل القعيطي حمل الكثير من المشاعر والعاطفة، كشفت مدى المعاناة والمكابدة التي تعانيها الأسرة نتيجة المماطلة بالبت في قضية ابنهم، وفي نفس الوقت كشف البيان الصادر بمناسبة الذكرى الثالثة لاستشهاد نجلها خيبة أمل واضحة جراء البطء في إجراءات التحقيقات بشأن جريمة قتل الصحفي القعيطي.

البيان أشار إلى أن الذكرى الثالثة لاستشهاد نبيل القعيطي في الثاني من يونيو/حزيران عام 2020، برصاص مجموعة إرهابية مسلحة أمام منزله بمديرية دارسعد في العاصمة عدن، تأتي والقضية لا تزال عرضة للإهمال والتسيب، ولم تتحرك فيها السلطات الأمنية قيد انملة، وقال البيان: "كلما ذهبت أسرة الشهيد إلى النيابة العامة للمتابعة لا تجد إلا الإهمال واللا مبالاة وعدم الاهتمام، وهو الأمر الذي يحز في نفوسنا ونفوس كل محبيه".

وأضاف البيان: إننا وإذ نقف أمام الذكرى الثالثة للاستشهاد لا يسعنا إلا نترحم أولا على روح الشهيد نبيل القعيطي الذي أفنى حياته وعمره في خدمة القضية الجنوبية، وكان العين التي نقلت طوال سنوات كل مظالم الجنوب وعذاباته، في الوقت الذي غابت ولسنوات أصوات إعلامية كثيرة وظلت بموقف المتفرج لما يحدث.

وفي هذه الجزئية الكثير من اللوم الملقى على عاتق الأسرة الصحفية في عدن والمحافظات الجنوبية؛ بسبب الصمت المطبق الذي التزمه زملاء المهنة تجاه قضية أحد أبرز الصحفيين في عدن، دون أن يكون هناك موقف مشرف للإعلاميين لتحريك الركود الذي طال قضية أحد أهم زملائهم في السنوات الماضية، ورمز من رموز المقاومة الجنوبية ضد الحوثيين.

أسرة الشهيد نبيل ذكرت محبيه وأصدقائه وأبناء الجنوب كافة أنه وحتى اليوم لم يتم تقديم متهم واحد في قضية المغدور به الشهيد نبيل القعيطي، رغم أن الأسرة وطوال سنوات تلقت تأكيدات بإلقاء القبض على عدد من المتورطين في حادثة القتل، وفق البيان، الأمر الذي عبرت عنه الأسرة بأنه "يحز في نفسها".

اللافت في البيان أن عائلة الشهيد أشارت إلى تقاعس جميع القيادات، دون أن تسميها، وبمختلف أشكالها وأنواعها- سياسية وأمنية وعسكرية- وتجاهلت هذه القضية، ولم تلتفت إلى مطالب اسرة الشهيد بضرورة الكشف عن هوية القتلة وملابسات القضية وتحريك ملف القضية في أروقة النيابة العامة، وهو الأمر الذي ما كانت اسرة الشهيد تعتقد انه سيحدث.

هذه الجزئية فيما يتعلق بالقيادات التي تجاهلت قضية القعيطي تأتي في ظل الخدمات الإعلامية التي قام بها وقدمها الشهيد الصحفي تجاه تلك القيادات التي قام بإبرازها ونشر أخبارها، وفي نهاية المطاف تنكرت لجهوده وأعماله ولم تنصفه.

بيان الأسرة طالب مجدداً بضرورة تحريك ملف القضية، وهو نداء وجهته إلى جميع محبي الشهيد بالوقوف إلى جانبهم حتى يتسنى لهم الاقتصاص من القتلة وإحقاق العدل والحق، مؤكدةً أنها ستظل متمسكة بدماء الشهيد حتى تحق كلمة الحق.

> ملخص القضية

البيان الأسري الصادر بشأن قضية القعيطي، أثبت الكثير من الحقائق المتعلقة بالقضية، ووفر عملية الخوض في تكهنات أو اتهامات للأجهزة الأمنية والشرطوية حول دورها تجاه قضية كهذه، كما أنه فضح التقاعس والإهمال من قبل القيادات السياسية والأمنية والعسكرية التي ادعت في بداية قضية مقتل الزميل نبيل تبنيها الكشف عن المتورطين.

بالإضافة إلى أن البيان فضح أيضًا الموقف الباهت للزملاء الصحفيين تجاه قضية زميل لهم، يمكن أن يتعرضوا لما ما تعرض له، في ظل الأوضاع الأمنية والفوضوية التي تعيشها مدينة عدن تحديدًا، والتي ما زالت مستمرة، وهو بيان يُلخص الوضع العام الذي يعيشه الصحفيون والوضع الأمني عمومًا، الذي لم يرتق إلى مستوى جريمة قتل الصحفي نبيل والكثير من الجرائم الجنائية التي لم ترَ إنجازًا أمنيًا ملموسًا.

غياب الإنجاز في قضية القعيطي يأتي في ظل عدم تقديم أي متهم للعدالة ولم تتقدم التحقيقات الخاصة بمستجدات القضية، ويمثل وضعا شاملا لكافة القضايا التي هزت عدن، وليس فقط مقتل الزميل نبيل، كما أنه يكشف حجم الاستهداف الممنهج الذي يواجهه الصحفيون، سواء عبر القتل أو الاعتقال، ليس فقط في المحافظات الجنوبية، بل على مستوى اليمن برمتها.

فاستشهاد القعيطي.. يمثل صورة حية للاستهداف الممنهج للصحفيين في اليمن، حيث وقع الكثير من الزملاء ضحية الأوضاع الفوضوية والمتوترة وغير الصحية للعمل الصحفي في البلاد، وهو ما يضع على عاتق الإعلاميين مسئولية مضاعفة، في مناصرة زملائهم الذين اعتقلوا أو تم التضييق عليهم، وفي نفس الوقت يتحتم عليهم حماية أنفسهم من الوقوع في الاستهداف.

لكن في هذا الإطار، وبعيدًا عن تحميل الصحفيين والأسرة الإعلامية مسئولية مناصرة ضحايا القمع من الصحفيين، يبرز دور المنظمات الحقوقية التي تدعي الوقوف إلى جانب الصحفيين، حيث تغيب عمليات الضغط الحقوقي على السلطات الأمنية والمحلية للكشف عن المتورطين في استهداف الصحفيين بشكل عام.

كما لا يمكن إغفال الدور الغائب للقوى السياسية والمكونات التي تبنى الشهيد نبيل القعيطي قضاياها السياسية، والتي هي الأخرى تنكرت لتضحيات الزميل نبيل، وتخلت عنه وعن مطالب أسرته، في أكثر المواقف احتياجًا لتحركاتهم والقيام بواجبهم، خاصة وأن صحفيا مثل القعيطي قدم الكثير في سبيل قضايا الجنوب والمقاومة الجنوبية.

وهو ما يحتم على القوى التي استفادت من العمل الصحفي لنبيل تحريك ملف قضيته، والإسراع في البت فيها، وتقديم المتهمين وكافة المتورطين للمحاكمة، حتى يتم إنصافه ميتًا وشهيدًا، بعد أن أفنى حياته في خدمة المقاومة والمكونات السياسية دون أن يحظى بأي مقابل، سوى أنه أخلص لعمله ومهنته.