آخر تحديث :السبت-20 أبريل 2024-02:59ص

ملفات وتحقيقات


الرئيس علي ناصر: أصبح الوضع في الهاوية بعد عام 2015 (17)

الأربعاء - 08 فبراير 2023 - 01:54 م بتوقيت عدن

الرئيس علي ناصر: أصبح الوضع في الهاوية بعد عام 2015 (17)

((عدن الغد)) خاص.

إعداد / د. الخضر عبدالله : 

 بعد فوات الأوان

ويستعرض الرئيس علي ناصر محمد حديثه عن السياسة الخارجية قبل مغادرة السلطة، وفي هذه المرة يحكي عن الرئيس منغستو هيلا مريام ويقول مسترسلا :" بعد هذا العَرض للعلاقات مع المملكة العربية السعودية وزياراتي الرسمية لها، سأتحدث عن زيارات أخرى قمت بها للمملكة. فقد قمت بزيارات خاصة عام 1991م بناءً على طلب الصديق منغستو هيلا مريام الذي رتب بدوره هذه الزيارة بالتعاون مع سفير المملكة العربية السعودية في أديس أبابا عبد الرحمن الطعيمي. كانت هذه الزيارة امتداداً لسلسلة الزيارات التي قمت بها لعدد من البلدان العربية، لشرح التطورات على الساحة الإثيوبية والبحر الأحمر بناءً على طلب الرئيس منغستو عندما كان يواجه أخطر المعارك في إريتريا وعلى مشارف العاصمة أديس أبابا. كان رأي الجانب السعودي أننا تأخرنا وجئنا بعد فوات الأوان، وشعرت حينذاك بأن قرار الكبار قد اتخذ بشأن إسقاط النظام في أديس أبابا، وهو ما حدث فعلاً عندما طلب من الرئيس منغستو مغادرة أديس أبابا وتسليم الحكم لنائبه وإجراء مصالحة مع قوى المعارضة في لندن تحت رعاية أميركا وبعض الدول الأخرى. طلب منغستو مقابل انسحابه الحفاظ على وحدة إثيوبيا ووقف الحرب التي توقفت بعد الاتفاق على تقسيم إثيوبيا بين إسياس أفورقي وملس زيناوي. كانت هذه هي النهاية الموقتة لحرب استمرت أكثر من ثلاثين عاماً أتت على الأخضر واليابس ونهاية لحكم منغستو هيلا مريام." 

مناسك العمرة 

ويواصل الرئيس ناصر حديثه بالقول :"  وقمت بزيارة أخرى للسعودية لأداء مناسك العُمرة عام 1998م وشاهدت التطورات والتوسعات التي شهدها الحرم المكي والمسجد النبوي بفضل الاهتمام والرعاية من قبل خادم الحرمين فهد بن عبد العزيز، الذي لُقِّب بخادم الحرمين الشريفين عام 1986 بدلاً من لقب جلالة الملك. وهذا التوسع استمرار للتوسعات التي شهدها هذان المكانان المقدسان لاستيعاب ملايين الحجاج الذين يزورون بيت الله الحرام وقبر الرسول عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة. في هذه الزيارة قمت بزيارة المسجد النبوي وأدينا الصلاة، وعندئذ شعرت بالرهبة في هذه الأماكن المقدسة حيث قبر الرسول وقبور بعض الخلفاء الراشدين، وكان الآلاف من المسلمين من كل أنحاء العالم يقفون في صفوف منتظمة بثبات وسكون يرددون بصوت واحد بعد الإمام «الله أكبر»، وبعد الصلاة وقبلها يشربون من ماء زمزم الذي يوزع مجاناً في مسجد الرسول الأعظم. وزرنا أيضاً المعالم التاريخية الإسلامية في المدينة المنورة، وحولها شاهدت في ضواحي المدينة ومكة وجدة بعض الأحياء الفقيرة والمباني المتواضعة التي شبهها البعض من المرافقين معي ببعض الأحياء في ضواحي مدينة عدن. وأعتقد أن القيادة السعودية قد أدركت ذلك أخيراً وبدأ الملك عبد الله بن عبد العزيز بزيارة بعض هذه الأحياء الفقيرة في الرياض وجدة، وطالب المسؤولين في المملكة بالرعاية والاهتمام بهذه  المناطق الفقيرة في بلد يتربع على ربع احتياطات العالم من النفط. والمواطن اليوم، وفي ظل انتشار الوعي ووسائل الإعلام، لا يمكن أن يقتنع بأن الفقراء لهم الجنة فقط، لأن من حقهم أن يعيشوا عيشة كريمة في بلد يزخر بالثروات والخيرات والمقدسات، لأن البديل لذلك انتشار الفقر والبطالة والإرهاب في أوساط الشباب، فاستقرار المملكة استقرار لدول المنطقة جميعها، فهي كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحُمّى. لكنّ ما يحدث في اليمن بعد حرب عام 2015 أصبح يهدّد هذا الجسد الذي بدأت تشتعل فيه هذه النيران بكل مكان، ما يُوجب على الحكماء في المنطقة الإسراع إلى إطفائها. لكن يبدو أننا في زمن اختفت فيه الحكمة والكبار والكبرياء. 

 

العلاقات مع سلطنة عُمان 

يستعرض الرئيس ناصر حديثه قائلا :"  لا يمكن فهم العلاقات بين اليمن الديمقراطية وسلطنة عُمان إلا على خلفية علاقتنا بالجبهة الشعبية لتحرير عُمان. وهذا ما سأحاول الحديث عنه.

في 9 حزيران/يونيو 1965م أعلن فرع حركة القوميين العرب، الثورة المسلحة في إقليم ظفار باسم «جبهة تحرير ظفار» التي تعدّ جزءاً من أراضي سلطنة عُمان التي كان يحكمها السلطان سعيد بن تيمور، والد السلطان الحالي قابوس . وأعتقد أن ذلك الإعلان كان بتأثير من نجاحات الثورة المسلحة التي كانت تخوضها الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل المتاخم لحدود عمان، إضافة إلى السبب الرئيس، وهو تردي الأوضاع في عُمان إلى أسوأ درجاتها مع الانغلاق الذي كان يفرضه السلطان عليها، على الرغم من دراسته في لندن، وكان يجيد عدداً من اللغات، ما جعل البلاد في حالة من التخلف، حيث سيطر الثالوث المرعب الفقر والجهل والمرض على أرجاء السلطنة كافة  . طالب البيان الأول جماهير ظفار والخليج العربي بدعم الثورة وإسقاط النظام وإلحاق الهزيمة بالخونة والمستعمرين حتى ترتفع راية الحرية في سماء ظفار الحبيبة. كان أبرز قيادات الجبهة حينذاك سعيد أحمد الجاعدي ومحمد سعيد قطن ومحمد أحمد قرطوب وبخيت سعيد حنسون وحامد مسلم الأعور ويوسف بن علوي...

بعد أن حقق الجنوب استقلاله الوطني في عام 1967م، وبتأثير يسار حركة القوميين العرب والجبهة القومية، دعت «جبهة تحرير ظفار وبعض الشخصيات الوطنية من الكويت والبحرين والإمارات» إلى مؤتمر حمرين في المنطقة الوسطى حضره قرابة ستين مندوباً أعلنت فيه قيام «الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي المحتل» في 10- 11 عام 1968م. وبذلك الإعلان جعلت من منطقة الخليج العربي كلها مسرحاً لعملها السياسي والعسكري المنشود، وليس إقليم ظفار وحده، وقد أقصي لاحقاً التيار المعتدل الذي كان يمثله يوسف بن علوي الذي أصبح فيما بعد وزيراً لخارجية سلطنة عُمان، وانتخبت قيادة من 25 عضواً برئاسة محمد أحمد الغساني. . 

ويكمل حديثه ويقول :" في عام 1971م أُعلن قيام «الجبهة الشعبية لتحرير عُمان والخليج العربي» من اتحاد جبهتين، هما: الجبهة الشعبية لتحرير الخليج العربي، والجبهة الوطنية لتحرير عمان والخليج العربي. وكان هذا المشروع غير مقبول محلياً وإقليمياً ودولياً، ولذا جرى التراجع عنه تحت تأثير قوى داخل الجبهة وخارجها. فكان لا بد من إجراء وقفة في مؤتمرها الذي عقدته في الحوطة بلحج صيف 1974م، لفكّ الارتباط بين هذه القوى التي اجتمعت من ظفار ومسقط والإمارات والبحرين والكويت، والتي برغم مسمياتها الكثيرة كانت امتداداً لحركة القوميين العرب التي كانت في أوج مدّها القومي والسياسي قبل أن تصيبها لعنة الانشقاقات والخلافات. فأُعلن حلّ الجبهة بمسماها السابق وقيام الجبهة الشعبية لتحرير عُمان، والجبهة الشعبية في البحرين التي أعلن قيامها بعد عدة أشهر. وتحول بعض قيادات هذه الجبهة من الكويت والإمارات إلى جماعة المنبر الديمقراطي في الكويت، والآخرون إلى جبهة تحرير عُمان. ( للحديث بقية ))