آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-01:44م

ملفات وتحقيقات


الرئيس علي ناصر يتحدث حول اللقاء الذي جمعه بأمراء آل سعود الحلقة (16)

الإثنين - 06 فبراير 2023 - 05:43 م بتوقيت عدن

الرئيس علي ناصر يتحدث حول اللقاء الذي جمعه بأمراء آل سعود الحلقة (16)

(عدن الغد)خاص:

إعداد / د. الخضر عبدالله: 

لقاء مع الأمراء 

كان حديث الرئيس علي ناصر في الحلقة الماضية حول موقف السعودية من أحداث حرب 1986م  الدموية بين فصيلي الرئيس ناصر من جهة والرفاق من جهة أخرى .. وفي هذا العدد يحكي الرئيس ناصر حول لقائه مع الأمراء خاصة عقب مغادرته عدن حيث يقول مستدركا:" وخلال إقامتنا في صنعاء التقينا عدداً من الشخصيات العربية والخليجية، وأبرزها من المسؤولين السعوديين، الأمير عبدالله ولي العهد، والأمير سلطان وزير الدفاع والأمير نايف وزير الداخلية وقد تحدثنا معهم جميعاً عن المصالحة الوطنية والحوار الوطني، وناشدناهم بذل جهودهم مع الحكام في عدن لإقناعهم بالحوار لحل مشاكل عشرات الآلاف من الذين لجأوا إلى صنعاء وإلى دول أخرى من أجل تسهيل عودتهم إلى أعمالهم وإلى أهلهم وإلى منازلهم. وكان اللقاء الأول مع الأمير عبدالله، وعُقد في القصر الجمهوري بصنعاء في أيلول/سبتمبر 1986م، وقد شكاني الأمير عبد الله إلى الرئيس علي عبد الله صالح، إذ إن السعوديين كانوا ينتظرون مني أن أمرّ بالمملكة في طريقي من دمشق التي كنت في زيارتها، ولكنني سافرت مباشرة إلى أديس أبابا، وهو ما أثار حفيظة السعوديين. لكن الخطأ كان خطأهم، إذ لم يستطيعوا تمييز الموقف الذي دعاني إلى عدم زيارة المملكة في تلك الظروف. وكان الأستاذ عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري، قد أبلغ المسؤولين في المملكة أنني في طريقي إليهم، اعتقاداً منه بأنني ذاهب إلى المملكة، بينما توجهت الطائرة التي كانت تقلني إلى أديس أبابا.

عتاب الملك عبدالله 

ويكمل الرئيس ناصر حديثه وقال :" في البداية، رحبت بالأمير عبد الله في وطنه الثاني، وشرحت له آخر التطورات والمستجدات في اليمن الديمقراطية، وأكدت رغبتنا في المصالحة الوطنية، وقلت إنه لا حلّ إلا بإجراء المصالحة الوطنية في الجنوب. وبادرت إلى شرح الأسباب التي جعلتني أعتذر عن عدم زيارة المملكة بعد أحداث كانون الثاني/يناير 1986، وقلت إن ذلك كان لمصلحتنا جميعاً، لأنكم والأميركان والرئيس علي عبد الله صالح كنتم جميعاً متهمين بتفجير الأوضاع في اليمن الديمقراطية، وحتى لا أحمّلكم تهمة وأحداثاً لا علاقة لكم بهما قررت عدم زيارة بلادكم. أكدت له أن ما حدث صراع داخلي، ونحن جميعاً في اليمن الديمقراطية مسؤولون عنه.

أبدى ولي العهد السعودي ارتياحه للحديث الذي سمعه مني، وخصوصاً في ما يتعلق بالأسباب التي جعلتني أحجم عن زيارة المملكة، وبادر إلى القول:

لا أخفي عليكم أن خادم الحرمين مستاءٌ كثيراً منكم و«آخذ على خاطره»، ولكن ما دمت أوضحت لنا موقفك الآن فنحن نقرك على صحة القرار الذي اتخذتموه ونقدر الحكمة من ورائه. ونحن نتفهم وضعكم جيداً وسوف نبلغ أخاكم الملك فهد بذلك. وسألني الأمير عبد الله عن علاقتي بكل من إثيوبيا وليبيا وسورية والجزائر، فأخبرته أنها علاقات طيبة، وقلت له: إن من مصلحتنا ألا نفقد أحداً ولا نعادي أحداً. أبدى الأمير ارتياحه لهذا الموقف، وشدد على التمسك به. وأشار إلى ضرورة الاهتمام بالعلاقة مع سورية بصورة أكثر. وقد خرجت بانطباعات طيبة من لقائي مع ولي العهد السعودي الأمير عبد الله ومواقفه من القضايا القومية، والموقف تجاه إثيوبيا. وقال إنه سينقل إلى الملك فهد كل ما سمعه مني خلال هذا اللقاء، وحضر اللقاء معالي الشيخ عبد العزيز التويجري، وأتذكر أنه قدم إليّ هدية ثمينة، عبارة عن كتاب للكاتب المصري عصمت سيف الدولة، وطلب مني بطريقته الودية أن أقرأه وقـال: «لن أقول لك وداعاً، ولكن إلى اللقاء» لنناقش الكتاب ومحتوياته في لقاء لاحق، وسألت نفسي آنذاك: «أين ومتى نلتقي؟»، ولكنني تركت ذلك للزمن، فلكل منا ظروفه ومشاغله وبرامجه وتنقلاته وتحركاته. ومرت الأيام والأشهر والسنون، ثم التقيته وتعرفت إليه أكثر من خلال قراءتي ومطالعاتي لكتبه، وفي مقدمتها الكتاب القيّم والثمين «لسراة الليل هتف الصباح»، الذي وصفه الأستاذ محمد حسنين هيكل بأنه «قصيدة حب... لمؤلف عاشق لبطله»، وشبهه رياض نجيب الريس بأنه «صهيل خيول وصليل سيوف»، وهو يستحق مثل هذا الوصف والتقدير من قبل هذين الكاتبين الكبيرين.

لقائي الأمير سلطان 

وأشار  الرئيس ناصر  في حديثه كيف كان اللقاء مع الأمير سلطان  حيث يقول :" لقائي التالي جرى في نهاية عام 1987 في صنعاء مع الأمير سلطان بن عبد العزيز، النائب الثاني لرئيس الوزراء السعودي، المفتش العام. شرحت للأمير آخر التطورات والمستجدات في اليمن الديمقراطية، وشرحت له ما سبق أن قلته لولي العهد السعودي الأمير عبد الله عن الأسباب التي دعتني إلى عدم زيارة المملكة، ثم انتقلت بعد ذلك إلى الحديث عن الأوضاع في عدن، وقلت له: لا تراهنوا كثيراً على الأخوة في عدن وتقفوا ضد إرادة الشعب هناك، وتدعموا المجموعة الحاكمة، وتنحازوا إليهم، وتقدموا المساعدات إليهم. وأضفت موضحاً: نحن لسنا ضد المساعدات إذا كانت حقاً للشعب، ولكننا ضد دعم عناصر بذاتها، وضد الترويج من قبل أجهزة إعلامكم لأحكام الإعدام التي صدرت بحق أنصارنا في عدن، والتطبيل والتزمير للكونفرنس الحزبي، بحيث إنني لا أستطيع أن أميز بين ما تنشره «الشرق الأوسط» ومجلة «المجلة» وصحفكم الأخرى وما تنشره صحف عدن وأجهزة إعلامهم.وسألته:

من الذي تحول؟ أنتم؟ أم عدن؟! وأضفت إلى الأمير سلطان:

لا أخفي عنكم أننا مستاؤون من موقفكم المنحاز إلى حكام عدن والمعادي لنا ولشعبنا هناك..

وأضفت: نحن لا نطلب شيئاً منكم غير الضغط على حكام عدن قبول المصالحة الوطنية بحكم ما نراه ونلمسه من العلاقات المتطورة فيما بينكم. كما نطلب منكم وقف التحضير والتطبيل للمحاكمات وأحكام الإعدام.

وتابع الرئيس ناصر حديثه وقال :" كان الأمير تركي الفيصل الذي يحضر اللقاء يسألني بين الحين والآخر أسئلة استخبارية عن محسن الشرجبي ومدى تأثيره في السلطة، وعن آخرين، فأجبته: اسألوا عنهم الرئيس حيدر العطاس وسيجيبكم.

ضحك الأمير وقال: نحن لسنا منحازين إلى عدن، ولا أجهزة إعلامنا منحازة إليهم، ونحن نشرنا لكم مقابلة في مجلة «المجلة» وكان يشير إلى مقابلة أجراها معي رئيس تحرير المجلة عثمان العمير، استغرق إجراؤها معي أربع ساعات كاملة، ولكنها لم تنشر.

علقت على كلام الأمير قائلاً: لم أقرأها، ولم أشاهدها.

أجاب: إنها على مكتبي وأنا قرأتها. قلت: يجوز أنها في مكتبك.

ولم أشر إلى موضوع عدم نشر المقابلة، وعنيت بذلك أنه قد قرأ مقابلتي والأفكار التي تضمّنتها في مكتبه فعلاً، لكنها لم تنشر ولم تر النور.

 السؤال العجيب  للأمير تركي . 

 ويردف الرئيس ناصر  قائلا :" كانت هذه هي المرة الأولى التي ألتقي الأمير تركي، أما الأمير سلطان فقد كان هذا لقائي الثاني به، إذ التقيته في عام 1980م عندما كنت أزور المملكة في زيارة رسمية. وأذكر أن حديثه معي دار في ذلك الوقت حول تنويع مصادر السلاح حين قال لي: لماذا لا تطلب من السوفيات أن يساعدونا على تطوير القوات المسلحة السعودية وتزويدنا بأسلحة متطورة؟! وأجبته: إن علاقتكم بالسوفيات أقدم من علاقتنا بهم، فلماذا لا تتصلون بهم وتبحثون هذا الموضوع معهم مباشرة، بما في ذلك إعادة العلاقة معهم بدلاً من حصر علاقتكم بأميركا والغرب؟! وقد كان لجلالة الملك الوالد عبد العزيز علاقات قديمة معهم.

أذكر أنني قبل أن ألتقي الأميرين سلطان وتركي، سألت الرئيس علي عبد الله صالح عن القضايا التي يمكن مناقشتها معهما، فكان رده: ناقش ورأسك مرفوع، وأي كلام تريد أن تقوله فأنت حر في اختيار الطريقة والأسلوب الذي تختاره للحديث معهما.

اللقاء مع الأمير نايف  

ويسترسل الرئيس ناصر في حديثه ويقول :"  و اللقاء الثالث كان مع الأمير نائف بن عبد العزيز في 

أيلول/سبتمبر 1988م، وجرى في صنعاء أيضاً، ولم يعطني الأمير فرصة للحديث عن أوضاعنا، إذ إنه استرسل في الشكوى من إيران والخطر الإيراني، وموسم الحج القادم، والمصاعب التي يتوقعونها من قبل الحجاج الإيرانيين الذين حسب قوله سيعكرون صفو أمن حجاج بيت الله الحرام، ويهددون استقرار المملكة. وفي الدقائق الأخيرة من اللقاء تحدثت بإيجاز شديد عن الأوضاع في اليمن الديمقراطية، وأكدت موقفنا السابق، وتمنيت له الصحة والسعادة والتوفيق.