آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-06:09م

أخبار وتقارير


كيف يمكن الحد من تكدس النفايات في شوارع تعز ؟

الأحد - 05 فبراير 2023 - 08:25 م بتوقيت عدن

كيف يمكن الحد من تكدس النفايات في شوارع تعز ؟
صورة ارشيفية في استخدام الحمير لنقل المخلفات في عاصمة مالي

تقرير / نواف الحميري

تعز الوضع لا يسر تتكدس أكوام النفايات في شوارع وأحياء مدينة تعز الواقعة جنوب غربي اليمن متسببة بتشويه وجه المدينة، وانتشار أوبئة وأمراض عجز الناس عن التعافي منها.

ويشتكي المواطنون من هذه الظاهرة التي ما ان تنتهي حتى تعاود الظهور مجدداً وفي هذا الصدد تقول المواطنة جميلة عبد الله : ظاهرة انتشار القمامة في أحياء المدينة و شوارعها ينعكس سلباً على صحة المجتمع ما يجعل الأوبئة تنتشر بشكل مخيف وتؤثر على صحتنا.  

يضطر طلاب مدرسة علي بن ابي طالب عند ذهابهم الى المدرسة للمرور من جانب اكوام القمامة المتكدسة جوار مدرستهم  يستنشقون الروائح الكريهة التي تنبعث منها ويحط البعوض على أجسامهم الغضة ناقلا ميكروبات المرض.

طرق بسيطة يمكن من خلالها معالجة نظام مكسور..

في مدينة باماكو عاصمة مالي الأفريقية الذي تعيش فقرا مدقعا، تضطلع عربات الحمير التي يقودها شباب من عمال النظافة بجمع القمامة

لعبت هذه العربات دوراً حيويا في مواجهة مشكلة المخلفات المتنامية في المدينة ونجحت في التخفيف من تراكم النفايات فيها، وكذا التخفيف من مخاطر الامراض الناتجة عن تكدس القمامة في الشوارع.

في العام 2011 تم إطلاق مبادرة تمثلت في استخدام الخيول و البغال و الحمير في عملية نقل النفايات الى اماكنها المخصصة بدلاً عن استخدام الناقلات التي تعمل بالوقود تبناها سكان في بلدان اروبية و تحديداً في فرنسا حيث تستخدم ستين مدينة و قرية هذه الطريقة التي تمتاز ايضاً بالتقليل من مخاطر الانبعاث الحراري.
ذات الحل الاقل كلفة من استخدام الشاحنات بدأت بتطبيقه قرى ودول مجاورة العام 2012 بحسب مونت كارلو الدولية. وذلك لما له من جدوى إقتصادية و اجتماعية و بيئية.

دخل هذا المشروع فرنسا من اجل الحفاظ على البيئة وتخفيف الازدحام والتوفير الاقتصادي ونجح الحل بنسبة 30% بحسب تقرير مصور بعنوان "جمع النفايات على ظهور الاحصنة" تم عرضه في قناة TF1 .

لاستخدام العربات مميزات متعددة فعلى الجانب الاقتصادي توفر هذا الاسلوب الكثير من التكاليف، ومن الجانب البيئي تعتبر طريقة آمنة و محافظة على البيئة حيث تساعد في التقليل من انبعاثات الكربون من شاحنات النقل، كما تساعد في تخفيف الزحام الناتج عن توقف شاحنات النظافة في الشوارع من اجل رفع المخلفات، اضافة الى امكانية دخولها الاماكن الضيقة التي لا تستطيع دخولها الشاحنة.

تكاليف مضاعفة

تستهلك الشاحنة الواحدة من الوقود أسبوعياً ما يقرب من 800 لتر تبلغ تكلفته نحو مليون ريال يمني ( الف دولار)  وتنقل على متنها في طنا واحدا من النفايات كل مرة. بحسب محمد عبدالله سائق ناقلة نفايات في تعز.


رحب أصيل الصوفي رئيس مبادرة مساهمتي تنمية باستخدام الحمير والبغال كحل لنقل النفايات وقال: ان هذه المبادرة ستخفف كثيرا من المعاناة وستعمل على تغطية مساحات كبيره  بامكانيات قليلة. و أضاف  "يمكن استخدام حل آخر ايضا وهو الـ (تكاتك) لنقل النفايات من الحواري و الاماكن العامة .

يوضح اصيل انه في عام 2017 تم استخدام هذه الطريقة (استخدام التكتوك) من قبل مبادرة مجتمعية بالتنسيق مع السلطة المحلية واستمرت في نقل النفايات مدة شهرين لكن العملية توقفت بعد ذلك بسبب "خلافات بين أعضاء المبادرة والسلطة المحلية" يقول اصيل.

وفي حين عارض مواطنون من ابناء المدينة خلال استطلاع رأي ميداني قمنا به اثناء اعداد هذا التقرير عارضوا هذه الطريقة معتبرين انها يمكن ان تكلف مبالغ طائلة، رأى آخرون انه حل ممكن لتخفيف التكدس المستمر للقمامة في ارصفة الشوارع.

تحتوي مدينة تعز ( القسم الخاضع لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا) ثلاث مديريات هي ( القاهرة، المظفر، صالة) ومن خلال عملية حسابية بسيطة قمنا بها تبين ان استخدام 50 حمارا بعريات لنقل القمامة يمكنها ان تغطي 30% من هذه المساحة.

تكلفة العربات و احتياجات الحمار..

تبلغ قيمة العربة الواحدة التي يستطيع الحمار اوالبغل جرها بسهولة لنقل (٦٠٠) كيلو غرام من النفايات نحو 100 الف ريال يمني، اي ما يعادل ( ٩٢دولارا)  بحسب ( صابر خضيري ) مالك حمار يجر عربة تحمل على متنها خزان ماء بمساحة (800) لتر في مدينة حيس محافظة الحديدة غربي اليمن.

ويضيف الخضيري " الحمار يستهلك في الشهر الواحد ستين حزمة من الخيش تبلغ قيمتها ( 12 الف ريال يمني)  اي ما يعادل تقريبا (10 دولارات ).

ويتابع "اقوم باعطائه الى جانب الخيش مخلفات و بقايا طعام من المطاعم اجلبه بشكل يومي وهو مجاني  كما اقوم بشراء كيس من قشر الدقيق بقيمة 15 الف ريال كل ثلاثة اشهر اي ما يقارب ( 15 دولارا) .

اما من ناحية الاحتياجات الصحية التي تحتاجها الحمير و البغال يقول الطبيب البيطري يزن الحمادي : "يحتاج الحمار إجراء فحوصات طبية كل شهر لتجنب إصابته بأية اوبئة نتيجة نقله للمخلفات بالإضافة الى عملية نظافة اسبوعية لتجنب لتقليل احتمالات اصابتهم بالامراض".


تدوير النفايات


قاسم سعيد (٣٥ عاماً)، من سكان مدينة تعز يقوم بجمع المخلفات البلاستيكية، و بيعها لمحلات الخردوات التي تقوم بدورها ببيعها لشركات تعيد تدويرها بطرق مختلفة.

يستخدم سعيد جمع المخلفات البلاستيكية كمصدر للرزق يجني من  خلاله نحو 3 الف ريال اي ما يقارب ( دولارين ونصف يوميا ).

وفي هذا الجانب يقول حسام الصلوي رئيس فريق مبادرة "معاً من اجل بيئة نظيفة" : "قدمنا فكرة الاستفادة من المخلفات البلاستيكية و اعادة تدويرها لصناعة طوب لبناء الارصفة" موضحا: "يتم ذلك من خلال صهرها وإضافة كمية من الرمل اليها حتى تصبح متماسكة وصلبة و لا تذوب بفعل حرارة الشمس".

نحتاج هذه العملية بحسب حسام الى شاحنة او وسيلة نقل لجلب المخلفات البلاستيكية و كمية من الرمل، وفرنا لافح من اجل اذابة البلاستيك، الى جانب خلاطة نقوم بخلط الرمال مع البلاستك المذاب و قوالب تشكيل مختلفة الحجم يتم توفيرها جميعا لمرة واحدة ويمكنها توفير قوالب تكفي لا عادة ترميم ارصفة المدينة بل واستحداث ارصفة جديدة".

كان حسام اعد بمعية مجموعة من زملائه في الجامعة كما يقول مشروعا في هذا الاتجاه وقدموه خلال مسابقة للابتكار في جامعة تعز و حصد المشروع المركز الثاني على مستوى الجامعة. يضيف حسام:"بعد ذلك قاموا بتسفيرنا الى جمهورية مصر للمشاركة في مسابقة على مستوى الجامعات العربية و لم نوفق في المسابقة لكن تم تبني فكرتنا من قبل شركة مصرية".

وعن مصير المشروع محليا يقول الصلوي في البدء حصلنا على ترحيب كبير من قبل المجتمع  لكننا لم نتلق الدعم اللازم من اجل مواصلة تحويل الفكرة الى واقع بسبب غياب الامكانيات فتوقفنا لكننا قادرون على تنفيذ المشروع متى ماتوفر التمويل الكافي".

سعيد عبدالله ( 45 عاما) يعمل في اعادة تدوير المخلفات المعدنية كالحديد يصنع منها بطريقة يدوية  ادوات منزلية جميلة الشكل ذات جودة جيدة وسعر معقول يقبل عليها سكان المدينة كما يقول.


مشكلة مستوطنة في مدينة تعز.


تشكل النفايات المتراكمة مشكلة بيئية تنخفض معها جودة الهواء في المدينة، وترتقع معها مؤشرات تلوث المياه، حيث تتسبب في انتاج سوائل وغازات سامة وتعد بيئة جاذبة للصراصير، الذباب والفئران والبعوض في مدينة تشكو تناميا مستمرا في الحميات والكوليرا وامراض الجهازين الهضمي و التنفسي بحسب تيسير السامعي المسؤل الإعلامي في مكتب الصحة التابع للمحافظة .

ويضيف: "من الأمراض التي يسببها تكدس النفايات، امراض المعدة، التقيؤ، الإسهال، الكوليرا، الأمراض الجلدية، والحساسية في الجهاز التنفسي. والامراض البكتيرية الناتجة عن التلوث، كاضطرابات الجهاز الهضمي. علاوةً على امراض التيفوئيد، الملاريا، وحمى الضنك التي باتت ملازمة للمدينة". 

 

*تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي*