آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-02:47م

ملفات وتحقيقات


تقرير: 26 سبتمبر.. ما الذي تبقى من الثورة؟

الإثنين - 26 سبتمبر 2022 - 09:38 ص بتوقيت عدن

تقرير: 26 سبتمبر.. ما الذي تبقى من الثورة؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول واقع ومستقبل ثورة 26 سبتمبر 1962 في ظل الانقلاب الحوثي..

هل انتهت ثورة سبتمبر بانقلاب الحوثيين؟

هل ما زال اليمنيون قادرين على استعادة وهج هذه الثورة؟

كيف يمكن الكشف عن ادعاءات الحوثيين الكاذبة تجاه هذه الثورة؟

ثورة 26 سبتمبر.. هل شاخت فعلا وفشلت في تحقيق أهدافها؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

قد يكون 60 عاما رقما كبيرا في قياسات وحسابات الناس والذي إذا بلغه أي إنسان قد يكون فعلا بلغ مرحلة الشيخوخة، غير أن هذا العمر لا يقارن بهذه الطريقة بالنسبة للتحولات التي تعيشها الأوطان.

فثورة مثل 26 سبتمبر/أيلول، التي اندلعت صبيحة هذا اليوم من عام 1962، ضد حكم الإمامة الكهنوتي السلالي في المحافظات الشمالية من اليمن، لا يمكن قياسها بالسنوات، بقدر ما تقاس بما حققته وإنجازاتها.

ومن غير الإنصاف الحديث عما قدمته 26 سبتمبر أو محاكمة هذه الثورة اليوم في ظل تاريخ طويل من المؤامرات التي حيكت ضدها منذ الوهلة الأولى لاندلاعها، سواء من الداخل أم الخارج، أو حتى من بعض المحسوبين عليها.

وإذا كان البعض يتحدث عن أن الثورة وإنجازاتها لم يعد لها وجود اليوم، ولم يتبق منها شيء؛ عطفا على انقلاب الحوثي على الدولة والجمهورية التي بشرت بها ثورة 26 سبتمبر، إلا أن هناك من يشير إلى أن الواقع المقاوم للحوثيين، واستمرار مناهضته عسكريا وسياسيا وإعلاميا وفكريا، ما زالت تؤكد أن قيم ومبادئ 26 سبتمبر ما زالت حية وباقية إلى اليوم.

وهذا بالإضافة إلى 6 عقود من الجمهورية التي أمنت وصول الخدمات والتعليم والصحة إلى قرى نائية ومناطق قصية لم تكن تعيش الحضارة ولم تصلها المدنية إطلاقا قبل 26 سبتمبر.

بل إن كثيرين يشيرون إلى أن ما فعله الحوثيون كان انتقاما مما حققته ثورة 26 سبتمبر 1962، خاصة فيما يتعلق بالعلاقة الطبقية بين اليمنيين، وإزالة الفوارق الاجتماعية بين فئات المجتمع والشعب.

> ما الذي تبقى من الثورة؟

لم تنقلب مليشيات الحوثي على الدولة والجمهورية فقط، بل انقلبت أيضا على قيم ومبادئ وأهداف ثورة 26 سبتمبر، وهو هذا بالفعل ما جاءت لأجله، حينما انطلق من غياهب كهوف مران وصعدة.

ولهذا، فإن ممارسات المليشيات خلال ثماني سنوات منذ انقلابها عام 2014، وحتى اليوم تؤكد بلا ريبة أو شك أنها تحاول إعادة عقارب الزمان إلى الوراء، وتعيد الشعب اليمني إلى عهد ما قبل عشية يوم ثورة 26 سبتمبر المجيدة.

ولعل هذا أكبر دليل على أن الثورة وأهدافها ما زالت باقية، رغم القبضة الحديدية والمنهجية القمعية للمليشيات تجاه المواطنين في مناطق سيطرتها، اعتمادا على سياستها الطائفية والسلالية التي تحاول محو ما غرسته ثورة أيلول في نفوس وعقول اليمنيين.

حيث يدرك الحوثيون جيدا أن ما عملته ثورة 26 سبتمبر 1962، نجحت في إزالة الفوارق الطائفية والمذهبية والسلالية بين اليمنيين، واستطاعت عتق فكر هذا الشعب من العبودية والخضوع لسلالة بعينها، وإلغاء حقوق بقية فئات الشعب.

وهذه القيم الباقية ما زالت المليشيات تجتهد عبثا في محو تفاصيلها من عقول اليمنيين الذين شبوا عن الطوق، وانطلقوا يقاومون ممارسات الحوثيين السلالية في كل مكان، سواء في الجبهات أو المحافل السياسية، أو حتى القطاعات الإعلامية والفكرية.

الأمر الذي يؤكد أن المقولة التي تشير إلى انتهاء ثورة 26 سبتمبر/أيلول على أيدي الانقلاب الحوثي غير صحيحة، فمقاومة مشروع الانقلابيين بالعودة إلى عهد الإمامة الذي ناهضته الثورة ما زالت قائمة وباقية.

> مؤامرات الملكيين الأميين

ما صنعته ثورة 26 سبتمبر خلال 6 عقود كان عظيما، حتى تجاه خصومها، وليس فقط لصالح مناصريها وأبنائها، ويكفي الثورة أنها استوعبت من حاربها من الملكيين، وأكدت تسامحها معهم رغم تحالفهم مع الخارج لإجهاضها.

إنجاز كهذا يحسب لثورة 26 سبتمبر ورجالاتها، ويسجل في رصيد انتصاراتها، كان جزاؤها كجزاء سنمار تماما، حيث أوتيت الثورة وطُعنت في ظهرها من قبل من تسامحت معهم، من الملكيين والإماميين، الذي رضوا بالانخراط في جمهورية سبتمبر بهدف الغدر والإيقاع بها وطعنها من الخلف.

كان ذلك عبر توغل التنظيم السري السلالي للهاشميين في مراكز الدولة للعليا، واستحواذه على القضاء والتعليم العالي ومناصب حساسة في الجيش، واستطاع الصبر حتى حانت له الفرصة للانقضاض على 26 سبتمبر ومبادئها قبل ثماني سنوات في انقلاب الحوثيين.

لم تقدر مؤامرات حصار السبعين أواخر ستينيات القرن الماضي إجهاض الثورة، نظرا للالتفاف الشعبي حولها، وهذا ما دفع الإماميين حينها عبر تنظيمهم السري إلى تأجيل مشروعهم التآمري ضد الثورة عقودا ستة، تحقق جزء منه عام 2014.

غير أن ما تحقق للحوثيين حينها لم يكن سوى السيطرة على السلطة، لكنهم لم يسيطروا أبدا على أفكار وقناعات الشعب، ولم يغيروا قناعاته تجاه حكم هذه السلالة الطائفية الكهنوتية.

رغم أن مؤامرات هؤلاء تمت بدعم خارجي، من الأنظمة الملكية الموجودة في المنطقة، إلا أن فشل تلك الأنظمة في إسقاط الثورة كان مسنودا برغبة اليمنيين في الخلاص نهائيا من حكم الأئمة الذي أذاق الشعب ويلات وصنوف العذابات.

> ادعاءات الحوثيين

يزعم الحوثيون أن ثورة 26 قد شاخت، ولم تعد قادرة على الوفاء بأهدافها، بعد أن سيطر عليها الفاسدون، بحسب ادعاءاتهم.

وهذا ما أعطاهم المبرر بإسقاط الدولة في ثورتهم المزعومة 21 سبتمبر/أيلول 2014، والتي قالوا عنها إنها جددت شباب ثورة 26 سبتمبر/ أيلول 1962، غير أنهم أدانوا أنفسهم بمثل هذا الادعاء.

فهم قد تناسوا، أو أنهم يتناسون، ما قدمته الثورة لكل اليمن، حتى مناطقهم القصية والنائية في صعدة ومران ومناطق شمال الشمال، والتي رزحت قرونا تحت حكم أجدادهم من الأئمة المتصارعين على نهب واستغلال ثورات اليمنيين.

وكما يفعل الحوثيون اليوم، كان أسلافهم الأوائل يعيثون في اليمن فسادا، ويغزون مناطقهم بشكل دوري لنهب خيرات ومزارع المواطنين وأموالهم، ثم يعودون إلى شمال الشمال، بعد أن استحلوا دماء وأموال الشعب بفتاوى أئمتهم المزعومين.

ويكفي الحوثيين كذبا وادعاءً الزعم بأحقيتهم السيطرة على اليمن وحكم اليمنيين نظرا لنسبهم إلى بيت النبوة، وهو أكبر ادعاء كاذب تفضحه ممارساتهم الدموية بحق اليمنيين.

وهذا الواقع هو ما يريدون إعادة اليمنيين إليه، واستعادة إرث أجدادهم الدموي المبني على القتل والنهب، وهو ما يمارسونه اليوم في مناطق سيطرتهم، بعد أن أوقفته ثورة 26 سبتمبر عام 1962.

> أهداف ما زالت حية

وما يدحض ادعاءات الحوثيين بأن ثورة 26 سبتمبر قد شاخت، أن أهدافها ما زالت باقية، بل إنها مستمرة ولم تنته منها بعد، وهذا يؤكد ديمومة الثورة وشبابها المتجدد.

فما زال اليمنيون غير معترفين بالفوارق الطبقية التي يحاول الحوثيون إعادتها وتكريسها، وهي هدف من أهداف سبتمبر ما زال باقيا وحيا في أذهان اليمنيين، بالإضافة إلى استمرار وتجدد بناء جيش وطني قوي يحافظ على مكتسبات الثورة.

وهو ما تجسد فعليا في مناهضة ومقاومة الحوثيين والتصدي لرغبتهم في السيطرة العسكرية على معاقل الجمهورية في مأرب وتعز وغيرها.

ولعل في هذين الهدفين، أبرز قيم ومبادئ سبتمبر التي تؤكد أنها باقية ومستمرة ولم تمت أو تشيخ بعد، بالإضافة إلى الأهداف الأخرى المتمثلة في الجوانب المعيشية والاقتصادية والعلاقات مع الدول الخارجية، وتثبيت سيادة الدولة.

وهي أهداف وإن كانت تسير في خطوط متأرجحة إلا أن ببقاء الحاجة في تنفيذها ما يؤكد أن الثورة يجب أن تستمر وتمضي حتى تحقق كافة غاياتها، وليس كما يحاول البعض الترويج له من أنها تعثرت.

> وهج سبتمبر

حقيقة الواقع اليمني، ووجود أطراف مناهضة لمشروع الحوثي، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن اليمنيين ما زالوا قادرين على استعادة وهج هذه ثورة 26 سبتمبر.

ولعل ما يجري حاليا خلال هذه الأيام في مأرب وتعز وفي داخل المدارس وبأيادي الأطفال والشباب يؤكد أن اليمنيين ما زالوا ينظرون إلى ثورة 26 سبتمبر كأمل لا بد من التشبث به وبأهدافه لإخراج البلاد من نفق الحوثيين وانقلابهم.

فمهما حاول الحوثيون تعزيز وجودهم في حكم شمال اليمن، وفرض إتاوات وجبايات وممارسة الظلم والجور والقهر كأسلافهم الإماميين، أو مصادرة قيم ومبادئ سبتمبر، فإنهم لن ينجحوا في إزالة الفكر السبتمبري من عقول الشعب، صغارا وكبارا.

الأمر الذي يستدعي من كافة الأطراف في صف الجمهورية والدولة التي ادعت وتدعي أنها تحمي الثورة والجمهورية الوقوف إلى جانب الشعب وإعادة وهج الثورة من جديد، فهي قادرة على إثبات وجودها بفعل ما تحمله من قيم سامية، فقط إذا وجدت رجالا يأخذون الكتاب بقوة.