آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-05:01ص

ملفات وتحقيقات


هل حانت لحظة مغادرة حزب الإصلاح وتوقف مشاركته في الحرب باليمن؟

السبت - 13 أغسطس 2022 - 08:31 ص بتوقيت عدن

هل حانت لحظة مغادرة حزب الإصلاح وتوقف مشاركته في الحرب باليمن؟

(عدن الغد)خاص:

تحليل يتناول مصير حزب الإصلاح سياسيا ومشاركته في الحرب على الحوثي..

ما حقيقة تهم الإقصاء التي طالت الإصلاح من خلال انخراطه في قوام الشرعية اليمنية؟

هل هناك توجه فعلي من قبل التحالف العربي لإخراج الحزب من وجوده السياسي في اليمن؟

هل تسير اليمن على خطى النموذج المصري والتونسي والسوداني في التخلص من "الإخوان"؟

ماذا لو غادر حزب الإصلاح المشهد السياسي في اليمن.. هل ستنتهي الأزمات والمواجهات الداخلية؟

كيف سيساهم خروج الإصلاح من المشهد في إنهاء الحرب.. وهل سينعكس سلبا أم إيجابا؟

هل يمثل الإصلاح عائقا أمام التوصل لتسوية سياسية مع الحوثيين؟

ما موقف الكيانات والأحزاب السياسية اليمنية وهل ستكون طرفا قويا في مواجهة الحوثي؟

الإصلاح.. تحت المجهر

(عدن الغد) القسم السياسي:

بعيدا عن نظرة البعض تجاه التجمع اليمني للإصلاح، والاتهامات التي طالت الحزب وانتماءاته لجماعة الإخوان المسلمين، وتورطه في الحرب على الجنوب عام 1994، أو اتهامه بالتواطؤ مع الحوثيين في جبهات الشمال اليمني، إلا أنه يبقى أحد أبرز الأحزاب الشعبية.

وهذه الصفة، بغض النظر عن كون تاريخ الحزب سيئا أو إيجابيا، تجعل من إعلان الحزب مغادرة العمل السياسي والحياة العامة عبر بيانه الاخير، تحولا مهما لم يشهده المشهد الحزبي والسياسي اليمني من قبل.

كما أن الإصلاح كحزب سياسي، لا يمكن تغافل تاريخه ومشاركته في الحياة السياسية اليمنية، ليس فقط منذ إقرار التعددية الحزبية عقب الوحدة عام 1990، ولكن قبل ذلك بكثير، حين كان مجرد جماعة دينية تعمل سرا، أو حتى تحت عباءة المؤتمر الشعبي العام.

وهذا ما يجعل الإصلاح حزبا كبيرا بمعية حزب المؤتمر الشعبي العام الذي كان جزءا منه ذات يوم، أو بمعية التيارات اليسارية اليمنية الأخرى، كالاشتراكي والأحزاب البعثية والناصرية الأخرى.

وإن كان البعض يعيب على الإصلاح ارتكازه على الأيديولوجية الدينية كمرجعية لأفكاره السياسية، فيما يطلق عليه بـ"الاسلام السياسي"، إلا أن الحزب ساهم في التأثير على الحياة العامة في البلاد طيلة أكثر من ثلاثة عقود.

هذا التأثير الذي لا ينكره حتى معارضو الإصلاح، يمكن أن يتجلى يمكن أن يكتسب مزيدا من الزخم في حالة مغادرة الإصلاح للمشهد، كما حددها في بيانه، والذي تضمن مطالبه بإقالة محافظ شبوة وإحالته للتحقيق عطفا على أحداث عتق الأخيرة.

وهي مطالب يراها مراقبون بأنها من الصعوبة بمكان أن تتحقق وينفذها المجلس الرئاسي، وهو ما يعني أن لحظة مغادرة حزب الإصلاح للمشهد باتت قريبة، خاصة في ظل ضغوطات من قبل ممثليه في المجلس الرئاسي بالاستقالة من المجلس.

لكن طبيعة التأثير المتوقع لقرار مصيري كهذا بحق حزب عريق وذو شعبية، تختلف وتتباين وفق نظرة معارضي ومؤيدي الحزب، فالمعارضون يرونها فرصة للتخلص من حزب طالما اتهم بالتورط بمعظم مشاكل اليمن، بينما يرى مؤيدوه أن مغادرة الإصلاح للحياة السياسية خسارة وطنية فادحة، عطفا على تاريخه وخبرته السياسية.

> تاريخ الإصلاح

وعند الحديث عن علاقة الإصلاح بالمؤتمر الشعبي العام، أو أن الأول كان تحت عباءة الثاني، فإن القصد هنا عن يشير إلى بداية الاعتراف بوجود التيارات السياسية ذات الأيديولوجيات المتباينة، والتي كانت تعمل سرا خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي في شمال اليمن.

حيث كانت كافة التيارات السياسية بمختلف انتماءاتها وانطلاقاتها الفكرية، سواء كانت يمينية "دينية" أو يسارية اشتراكية، ممنوعة من العمل السياسي تحت قاعدة "من تحزّب خان"، والتي حرمت الأحزاب شمالا حتى مطلع الثمانينيات.

وجاءت فكرة المؤتمر الشعبي العام الذي أسسه الرئيس اليمني الراحل صالح عام 1982، ليحتوي كافة التيارات الدينية واليسارية في بوتقة وطنية واحدة، عقب "أحداث المناطق الوسطى" التي كان فيها التيار الديني مواليا للسلطة بالشمال في مواجهة التيار اليساري المدعوم من النظام في الجنوب.

ومن هنا، تشكلت علاقة قوية، وصلت لدرجة التحالف، بين السلطة والتيار الديني السياسي في الشمال، الذي تحول عقب إقرار التعددية الحزبية في 1990 إلى حزب سياسي تحت مسمى "التجمع اليمني للإصلاح".

هذا التحالف تجسد واقعا عقب انتخابات عام 1993 التي أفرزت حزب الإصلاح كقوة ثالثة زاحمت الحزبين الذين حققا الوحدة اليمنية، المؤتمر والاشتراكي، بل وأزاحت هذا الأخير إلى المرتبة الثانية، وشاركت حزب المؤتمر في مواجهة الاشتراكي خلال حرب 1994.

واستمرت علاقة التحالف هذه بين المؤتمر والإصلاح بعد إزاحة الاشتراكي وإضعافه، حتى انتخابات 1997، والتي سمحت نتائجها بانفراد المؤتمر بالحكم والسلطة المطلقة، وتحول الإصلاح إلى حزب معارض، أسس بمعية أحزاب معارِضة ما يسمى بـ"أحزاب اللقاء المشترك".

هو ما جعل الوضع السياسي في البلاد متوترا، حتى حانت فرصة الإصلاح من خلال ركوب موجة الربيع العربي وثورة الشباب عام 2011، بحسب رأي معارضيه، والتي عجلت برحيل النظام السابق ودخول البلاد منعطف مختلف وغير مسبوق.

> الإصلاح تحت المجهر

لفت الإصلاح كحزب ذو انتماءات "إخوانية" أنظار الإقليم والعالم، في ظل اتهامات بالركوب على موجة ثورة الشباب والربيع العربي، واستغلالها للتخلص من الحزب الحاكم ورئيسه.

وهو ما جعل الاتهامات تطال حتى الحكومة التي أعقبت التوقيع على المبادرة الخليجية بأنها حكومة إصلاحية عملت على إقصاء الآخرين من الأحزاب الأخرى والاستئثار بالسلطة، رغم أن حزب الإصلاح لم يمتلك سوى ثلاث حقائب وزارية في تلك الحكومة.

غير أن هذه التهم هي ما استغلها الحوثيون في إسقاطهم للعاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، والانقلاب على الدولة بحجة إسقاط الحكومة الفاسدة، ربما بمعية أطراف خارجية وأخرى محلية للانتقام من ثورة الشباب وكل من استغلها.

ويرى مؤيدو الإصلاح أنه حزبهم دفع ثمن وقوفه إلى جانب الشعب في ثورته، غير أن معارضيه عززوا من تصوراتهم عن الإصلاح كحزب انتهازي يستغل الأزمات للوصول إلى السلطة والاستحواذ بها.

ويستدل معارضو الإصلاح على نواياه الاستغلالية في أنه لم يسعى لقتال الحوثي الذي أسقط صنعاء، واكتفت قيادات الإصلاح العسكرية بالهروب من صنعاء وتركها نهبا للحوثيين، بينما يعتقد مؤيدوه أن الإصلاح كان معرضا لمؤامرة إقليمية ومحلية للقضاء عليه في حينه.

ولهذا بات الإصلاح كحزب وكقوة عسكرية تحت رقابة العالم والمجتمع الإقليمي على غرار ما حدث في عدد من الأقطار العربية التي شهدت ثورات شبابية تصدرها الإخوان المسلمين.

> هل هناك توجه للخلاص من الإصلاح؟

بنظرة فاحصة على خارطة ثورات الربيع العربي، نجد أن كافة الدول العربية التي شهدتها عانت كثير من مخاضات وحوادث زادت من معاناة الناس وصراعات جعلت من الأنظمة السياسية في تلك الدول هشة وغير مستقرة.

واليمن إحدى تلك الدول التي سارت على خطى نصر وتونس والسودان، حتى ليبيا في صراعاتها السياسية والعسكرية، في ظل اتهامات إقليمية ودولية في تورط الإخوان المسلمين بوضع كهذا في كل تلك الأقطار العربية.

ولهذا السبب، يعتقد مراقبون أن حزب الإصلاح بصفته مرتبطا بالتنظيم الدولي للإخوان يتعرض هو الآخر لتوجه دولي وإقليمي للتخلص منه في اليمن، عطفا على سيطرة حزب الإصلاح وقياداته العسكرية على السلطة في اليمن، عقب 2011، ومرورا بـ2015.

ويبدو أن الضعف الذي بدت عليه الشرعية اليمنية أتاحت للإصلاح فرصة في السيطرة عليها، من خلال القادة العسكريين، وإقصاء بقية الأحزاب السياسية الأخرى، ربما تجسيدا لرغبة واحلام الحزب القديمة في الاستحواذ على السلطة، منذ بدء تحالفاته مع النظام السابق.

غير أن الإقليم والعالم استطاع أن يلعب على أخطاء الإصلاح، تارةً عبر إشراكه في مواجهة الحوثيين واستنزاف القوة العسكرية للإصلاحيين، وتارة بتحميله مسئولية تمدد الحوثي والانسحابات التي تتم في الجبهات، وتارة أخرى بإقصائه من المشهد السياسي مؤخرا عبر إقصاء رجالاتها من قوام الشرعية اليمنية.

ولعل في أحداث شبوة الأخيرة، وإقصاء القيادات العسكرية من المشهد، مسمار النعش الأخير للإخوان وحزب الإصلاح في اليمن، وفق ما يراه مراقبون، الذين يعتقدون أن اشتراط الإصلاح بقاءه في المعركة ضد الحوثي أو في الحياة السياسية العامة مرهون بإقالة المجلس الرئاسي لمحافظ شبوة،. هو أمر غير متوقع الحدوث.

ما يعني أن مغادرة الإصلاح للمشهد متوقعة، وربما أن الحزب قد استوعب التوجه الدولي والإقليمي في الخلاص منه، فسارع إلى وضع اشتراطات قد لا تكون قابلة على التحقق، ما يحفظ ماء وجهه عند خروجه من الحياة العامة.

> ما بعد الإصلاح

يعتقد البعض أن المشاكل والصراعات والأزمات ستنتهي بانتهاء تواجد حزب الإصلاح في العمل السياسي اليمني، غير أن الحقيقة ليست كذلك، فالأزمات والصراعات ليست مرهونة أو مربوطة بتواجد الإصلاح من عدمه، أو أي حزب آخر.

وما يحكم كل تلك الصراعات والأزمات واستمرارها من عدمه، هي المصالح والأجندات الخارجية، بالإضافة إلى المكاسب التي تحاول الأحزاب والتيارات السياسية المحلية تحقيقها على حساب خصومها أو منافسيها.

وفي الوقت الذي تتعرض مشاركة الإصلاح العسكرية في الحرب ضد الحوثي للكثير من التفاوت والتباين في تقييمها من حيث الجدوى والفعالية، إلا أن القرار في التخلص من مليشيات الحوثي واستعادة الدولة غير مرهون هو الآخر بحزب ما.

فالإصلاح لم يكن يوما الصخرة التي تحكم عليها الحوثي، كما لم يكن يوما سببا في تمدد المليشيات الانقلابية، بدءا من دماج ومرورا إلى عمران وصنعاء ووصولا إلى الجنوب، فمناهضو الحوثي كثر، والمتعاونون معه أكثر.

لكن في المقابل يجب أن يتم تسليط الضوء على تسريبات ومعلومات لم تتأكد، ولكنها تحمل تبقى معطيات يُبنى عليها، تتمثل في رغبة الحوثيين للتخلص من الإصلاح الذي يختلف معهم أيديولوجيا وفكريا، حتى يوافق الحوثيون على تسوية سياسية يجري العمل عليها.

وهو ما يجعل الإصلاح في نظر الحوثيين عائق أمام التسوية السياسية والسلام الذي ينتظر اليمن ويدفع نحوه الإقليم والمجتمع الدولي بقوة، والحقيقة أن الإصلاح يمثل عائقا أيضا في نظر المحيط الإقليمي والعالم، المتوجس ريبة من الاخوان وتنظيماتهم المنتشرة في الأقطار العربية.

> من سيواجه الحوثي؟

مواجهة مليشيات الحوثي لم تكن يوما حكرا على حزب الإصلاح أو غيره من الأحزاب اليمنية الأخرى، ولكن التاريخ يكتب ويسجل كافة المواقف التي تدافع عن الجمهورية والدولة أو تخذلها.

إلا أن القوة التي بناها الانقلابيون الحوثيون ومواجهتهم التحالف العربي، وعدم تحقيق هذا الأخير لأهداف حربه على الحوثيين في اليمن، تجعل المليشيات أكثر قوة، خاصة في ظل التوصل لتسوية سياسية معهم.

الأمر الذي سيجعل من موقف الأحزاب اليمنية الأخرى وعلى رأسها المؤتمر الشعبي العام، كحزب تحظى عودته إلى المشهد بتأييد إقليمي ودولي مسئولية كبيرة في تأسيس ندية مقبولة  الحوثيين وعدم إتاحة المجال لهم للسيطرة على المشهد السياسي والعسكري.

خاصة وأن المؤتمر والحوثي والإصلاح، هي الأحزاب الوحيدة التي تمتلك السلاح وأذرع وأجنحة مسلحة، بالإضافة إلى المجلس الانتقالي، بينما تبقى بقية الأحزاب السياسية الأخرى باليمن قابعة في الظل، لا تمتلك سوى حصة سياسية ضعيفة لا تقوى على فرضها بالقوة كغيرها من الأحزاب.

وهذا الواقع يعني أن ميزان القوة سيبقى محصورا بين الأحزاب والقوى السياسية التي تمتلك القوة، وفصائل مسلحة تحمي بها مطالبها واحلامها للوصول إلى السلطة والحكم، وهو ما سيفقده الإصلاح إن تخلى عن مشاركته في الحرب أو مشاركته السياسية بشكل عام.