آخر تحديث :الثلاثاء-19 مارس 2024-01:50م

اليمن في الصحافة


الباحث رامز الشيشي يكتب: حقيقة الدور الإيراني في اليمن

الخميس - 04 أغسطس 2022 - 03:12 م بتوقيت عدن

الباحث رامز الشيشي يكتب: حقيقة الدور الإيراني في اليمن

إعداد: الباحث رامز الشيشي:

   حل الأزمة اليمنية يتطلب وجود تسوية سلمية شاملة بين الأطراف في الخارج على انهاء الصراع الديني والطائفي الذي تؤجهه ايران بتدخلها في الشأن اليمني هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، نتيجةً للسياسات الإقليمية فإن تحسن الوضع الداخلي في اليمن سيكون مرهونًا بوجود قوة دفع إقليمية دولية حتى يُمكن إنقاذ الشعب اليمني من الكوارث الاقتصادية التي تزداد حدة يومًا عن يوم.

 

   وان صحّ القول أن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية غير مهددة بشكل مباشر بالأزمة اليمنية وغير معنية بالدخول في الصراع اليمني، إلا أن الادارة الأمريكية بشكلٍ أو بآخر  مظطرة للالتزام بحماية أمن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة خاصة في ظل تهديدات توسع النفوذ الايراني في المنطقة وتوتر العلاقات الإيرانية الأمريكية، حيث تتسم هذه العلاقات بنوع من الجمود والتعقيد بسبب تعثر حصول اتفاق بشأن الملف النووي الإيراني. 

 

بادئ ذي بدء، عانت ولا تزال تعاني اليمن تاريخياً أزمات سياسية واقتصادية حادة قائمة منذ عقود بفعل عوامل داخلية وخارجية على حد السواء. الأزمات الاقتصادية تراكمت على الرغم من موارد ضخمة متاحة، حيث أن اليمن يتحكم بموانئ بحرية هامة كميناء عدن والحُديدة بجانب تحكمه في مضيق باب المندب الذي تمر منه ربع التجارة العالمية. هذا فضلًا عن امتلاكه اليمن لثروات هائلة وحقول نفطية تُمكنها في حال وجود سلطة سياسية قادرة على توحيد الدولة شمالها وجنوبها، ما قد يمكنها أن تصبح من أبرز الاقتصاديات النامية القوية في العالم مستقبلاً، وهذا بالنظر إلى حجم العوائد المالية التي يمكن أن توفرها تلك الموانئ السابق ذكرها، وكذلك الثروات المعدنية المتوفرة في البلاد.[1]

 

تاريخيًا، يعد اليمن دولة عربية صاحبة حضارة عريقة تعود إلى ٢٥٠٠ سنة قبل الميلاد، فكانت تضم ممالك قوية أبرزها (مملكة سبأ، حضرموت، معين)[2]. بالإضافة إلى ذلك، تم توصيف اليمن باسم “العربية السعيدة.

 

وباللغة الانجليزية “Happy Arabia”، وبالفرنسية L’Arabie Heureuse –وهي ترجمة لللاتينية “Arabia felix”. وفي الأصل كانت تُشير جميع هذه المصطلحات إلى «خصبة أو منتجة»، وبهذا المعنى تم استخدام المصطلح. وفي وقت لاحق أصبح يعني “سعيد”. فقد كان الرومان – ومن قبلهم الإسكندر الأكبر Alexander The Great – هم الذين أطلقوا على المنطقة الجنوبية من شبه الجزيرة العربية (اليمن اليوم) اسم “الجزيرة العربية السعيدة” بسبب ثراء التربة وخصوبتها.[3]

 

جغرافيًا، اليمن دولة صغيرة المساحة تُقدر بحوالي 528 ألف كيلومتر مربع، وذلك بغض النظر عن حجم مواردها ومُقدراتها. أيضًا، يقع اليمن في غرب القارة الآسيوية، وتحديدًا في جنوب غرب شبه الجزيرة العربية. فيحد البلاد شمالًا المملكة العربية السعودية، وجنوبًا بحر العرب، وشرقًا سلطنة عمان، وغربًا البحر الأحمر.

 

عاصمتها السياسية هي صنعاء، أما العاصمة الاقتصادية هي عدن[4]. كما أنها ذات نظام حُكم جمهوري قائم على الديمُقراطية والتعددية السياسية، والانفتاح الاقتصادي وفقًا للدستور اليمني، إلا أن الواقع السياسي غير ذلك. فلقد عانت الدولة قبل وحتى بعد وصول الرئيس “على عبد الله صالح” ليحكم شمال اليمن، من العديد من الاضطرابات سواء نتيجة تناحر القوى الداخلية أو بفعل القوى الاستعمارية الخارجية. حيث كان اليمن جزءًا من الإمبراطورية العثمانية Ottoman Empire في القرن السادس عشر، حتى عام 1918، هذا بالتوازي مع وجود استعمار بريطاني British Colonization مُتحكم في ميناء عدن جنوب اليمن منذ العام 1839 انسحب على إثر اندلاع ثورة التحرير (1963) في العام 1967.[5]

 

استمرت التناقضات الداخلية والاشتباكات المسلحة بين اليمن الشمالي والجنوبي، حتى مع وصول الرئيس علي عبد الله صالح للحكم في العام 1978 ورفضه لأية مطالب إصلاحية في عهده، فضلاً عن شنه لحروب عديدة ضد جماعة متمردة تسكن جبال صعدة في جنوب اليمن تُعرف باسم “الحوثيين”، لتتصاعد الأحداث ضده في عام 2011، حيث أجبرت انتفاضة شعبية في اليمن رئيسها علي عبد الله صالح، على تسليم السلطة إلى نائبه، عبد ربه منصور هادي.

 

لم يستطع هادي خفض وتيرة التناقضات والخلافات، حيث كان غرق الرئيس في بحر من المشاكل الاقتصادية المزمنة التي فاقمتها الحرب والمشاكل الأمنية المنجرة عن الهجمات التي يشنها الحوثيون[6].

 

علاوةً على ذلك، مع استمرار عدم الاستقرار وغياب توافق سياسي واستمرار التهديدات، شعرت معظم القوات المسلحة اليمنية بالولاء للرئيس المخلوع أكثر مما شعرت به للرئيس هادي. ونتيجة ارتفاع حِدة توتر الأوضاع الداخلية، تزايد التدخل الإيراني في اليمن وتحديدًا منذ عام 2014[7]، حيث عملت طهران على دعم الطائفة الزيدية وهي أحد المذاهب الشيعية التي تتبناها جماعة الحوثيين المسلحة حيث يتلقى بعض عناصرها تدريبات يشرف عليها إيرانيون. هذه الجماعة توظفها طهران كأداة لخدمة صراعها خاصة مع المملكة العربية السعودية في إطار ما يُعرف بـ”الحرب بالوكالة” Proxy WAR. كما لا تزال متانة الشراكة بين إيران والحوثيين تعتمد على القرارات السياسية للجهات الفاعلة الخارجية، وأبرزها السعوديون والإماراتيون والأمريكيون، الذين يعتبرون جميعًا كل من طهران والحوثيين جهات فاعلة خبيثة.

 

ليس هناك شك في أن استثمارات إيران في اليمن زادت حيث تمكن الحوثيون من تعزيز السلطة السياسية والعسكرية. ومع ذلك، فإن مشروع طهران في اليمن لم يكن إلى حد كبير غاية في حد ذاته، بل كان محاولة لحصول الإيرانيين على ورقة مساومة لاستخدامها مع أكبر منافسيها الإقليميين، المملكة العربية السعودية.[8] وعلى الجانب الآخر، كان الحوثيون آخر إضافة إلى “محور المقاومة” الذي تستخدمه إيران لتهديد الأمن القومي لدول المنطقة.