آخر تحديث :الخميس-28 مارس 2024-12:22م

ملفات وتحقيقات


صالح من ضابط مغمور إلى قائد مشهور (3)

الأربعاء - 18 مايو 2022 - 05:32 م بتوقيت عدن

صالح من ضابط مغمور إلى قائد مشهور (3)

(عدن الغد)خاص:

إعداد / د. الخضر عبدالله :

الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح الذي يقول: "إن حكم اليمن يشبه الرقص على رؤوس الثعابين"، فجعل من نفسه "ساحرا" لتحقيق ذلك فأحكم قبضته على اليمن حتى بعد خلعه من الحكم بعد اندلاع الثورة اليمنية، حيث لا يزال لاعبا رئيسا في أحداث اليمن.

وولد الرئيس علي  صالح في 21 مارس  عام 1942 في قرية بيت الأحمر بمنطقة سنحان بمحافظة صنعاء لأسرة فقيرة وعاش معاناة كبيرة بعد طلاق والديه في سن مبكرة.

مرت على حياته العديد من الحروب والصراعات السياسية منذ توليه السلطة,حيث ان غالبية الرؤساء الذين حكموا شمال اليمن بين عامي 1962 إلى 1978 قتلوا إما بالاغتيالات أو بالانقلابات.

وأنتهت حياة الرئيس صالح خلال اشتباكات مسلحة مع الحوثيين في الرابع من يناير عام 2017، لكنه حكم اليمن لنحو 33 عامًا تعرض للعديد من محاولات الاغتيال وهو الذي قيل عنه إنه "احترف الرقص بين الأفاعي".

( عدن الغد) تنفرد بنشر الذاكرة السياسية للرئيس الراحل علي صالح وخرجت بهذه المادة الصحفية ..

> مناصب "تيس الضباط"

ذكرنا في الحلقة الماضية أن الملازم علي عبدالله صالح لم يكن بعيداً عن الأحداث التي عصفت بالجمهورية في 8 نوفمبر 1968م، وكادت أن تسقط صنعاء بيد الملكيين، في معركة من أشرس معارك الحصار على مشارف مدينة صنعاء ونجح في تحطيم الحصار الذي صنعه الملكيون والذي استمر سبعين يوماً، وأن علي صالح كان بطلاً من أبطال حرب السبعين يوماً.

وفي القوات المسلحة واصل علي عبدالله صالح دراسته وتشكلت شخصيته على نحو خاص، حيث ظهر في الظروف الجديدة التي شهدت تحديثاً للمؤسسة العسكرية متميزاً عن أقرانه الضباط، فقد جمع ميزتين قلما وتوافرتا مجتمعتين في أحد من زملائه الذين كانوا إما مغامرين إلى درجة العبث بالنظام، أو منضبطين إلى حد الخوف، فظهرت أفضليته من انضباطه العسكري بغض النظر عن الرتبة التي يحملها، وفي جرأته التي برزت فيه كسمة قيادية. وقد شغل علي عبدالله صالح مناصب قيادية كثيرة منها:

- قائد فصيلة دروع.

- قائد سرية دروع.

- أركان حرب كتيبة دروع.

- مدير تسليح المدرعات.

- قائد كتيبة مدرعات وقائد قطاع المندب.

- قائد اللواء تعز وقائد معسكر خالد بن الوليد (1975 - 1978م).

> قائد لواء تعز العسكري

عين الرئيس الحمدي الضابط علي عبد الله صالح منتصف سبعينات القرن الماضي، قائداً للواء تعز العسكري، ومقره معسكر خالد بن الوليد بميناء المخا الاستراتيجي، لما عرف عن صالح من الشجاعة والإقدام، حتى لُقِّب "تيس الضباط.

تمثّل تعز حجر الزاوية بالنسبة للملاحة الدولية، لموقعها المطل على مضيق باب المندب ومرفأ المخا التاريخي الذي ينسب إليه الفضل في تصدير القهوة (موكا) التي عرفها العالم. وتكون تعز بذلك حلقة وصل بين آسيا وأفريقيا، إلى جانب دورها المحوري سواء في الاستقرار أو في الاضطراب السياسي الداخلي، لكونها خزاناً بشرياً رافداً للدولة، مما حمل النظام العسكري للاعتقاد بأن صالح جدير بهذه المهم.

ومن جانبه يقول السياسي مصطفى النعمان "إن علي صالح كان مغمورا خارج دائرة الجيش ولم يكن ضمن دائرة الأحداث، لكن اسمه لمع عندما كان قائدا لمعسكر (خالد بن الوليد) غرب مدينة تعز، حين كلفه الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي بتنفيذ أمر إقالة (المقدم) درهم أبو لحوم من موقعه كقائد عسكري لمحافظة تعز، ثم عينه خلفاً له، واستمر في موقعه طيلة فترة رئاسة الحمدي ثم الغشمي الذي كان يعلم بطموحه".

ويضف النعمان "أخبرني أحد الذين عاصروا تلك الفترة أن الغشمي لم يكن يسمح لصالح بالبقاء في صنعاء لفترات طويلة، لما شعر به من تطلعاته بعد أن أصبح الوصول إلى سدة الرئاسة غير محكوم بقواعد معروفة، وجاء مقتل الغشمي ليفتح أمامه الباب واسعا، ليحقق حلماً كان يتصوره الكثيرون غير معقول".

> مواجهة تهريب الخمور

يقول الكاتب اليمني أحمد عبد الرحمن الهاجري: "واجه صالح تحديات في صميم عمله، منها التهريب الذي كان عليه مواجهته. لكنه، بدلاً من ذلك، انخرط هو وقواته المدربة تدريباً عالياً، في علاقة شراكة مع مهربي الخمور من القرن الأفريقي إلى اليمن".

ويضيف الهاجري: "ومع أن طرق التهريب سبقت لمعان نجم صالح، إلا أنها اكتسبت زخماً أكبر بتهيئة الأجواء لها. ودخلت–وهي ظاهرة تستحق الدراسة- أريافاً محافِظة تابعة لقبائل الطوق الغربي للعاصمة، في تجارة الخمور بسبب التحاق أبناء هذه القبائل بالقوات المسلحة".

> قصة صالح مع الأفريقي

ويواصل الكاتب الهاجري في مقال صحفي نشر عبر موقع السفير العربي وقال فيه: "تأتي المخيلة الشعبية الشفاهية على هذه الفترة بحكاية تتحدث عن أفريقي كان يعمل في بيع الخمور من القرن الأفريقي إلى اليمن في السبعينات الفائتة.

وأنه وفي فترة الاستقرار التي سادت جنوب شرق أفريقيا، توقف الأفريقي عن بيع الخمور، وتحول لتجارة أقل مخاطرة، حتى أتت فترة التسعينات، حيث شهدت أفريقيا اضطرابات اضطرت صاحبنا الأفريقي للعودة لبيع الخمور إلى اليمن.

عبر الرجل البحر على ظهر "صنبوق" (قارب خشبي تقليدي صغير) إلى ميناء ذوباب، بالقرب من باب المندب، وهناك احتجزته سلطات الجمارك في أحد مكاتبها، وطلبوا منه مبالغاً مالية كبيرة، حتى يستطيع إدخال خموره إلى البلد وبيعها.

تلفّت الأفريقي حائراً، فرأى صورة الرئيس صالح تتصدر الجدار أعلى مكتب المدير. فقال، وهو لا يعلم أن الذي في الصورة صار رئيساً لليمن:

- جيبو (أحضروا) لي هدا (هذا) الفندم أتفاهم معه، فهو كان طيب يأخذ 50 (يكتفي بـ50 ريالا)، لكن أنتم 500 ريال ما تريدون (لا تكتفون بها)".

> الغداء الأخير

ومما ذكر الكاتب الصحفي الهاجري: "إنه في 28 إبريل/ 2018م أعدت قناة الجزيرة فيلماً وثائقياً عن اغتيال الرئيس اليمني إبراهيم الحمدي (اغتيل في 11 تشرين الأول/ أكتوبر 1977)، حمل عنوان "الغداء الأخير".

ومع أن الفيلم أكد ما هو الأكثر رسوخاً في الذاكرة السياسية اليمنية، من أن مؤامرة الاغتيال تقف وراءها السعودية، فهو ألمح بطريقة التوائية عابرة إلى القبائل التي كانت لها المنفعة القصوى في الإطاحة بمشروع الدولة اليمنية الحديثة.

فدولة الحمدي قلصت دور الزعيم القبلي النافذ عبد الله بن حسين الأحمر (1933 - 2007 ) إلى حدود إقطاعية حاشد (شمال اليمن)، وقلّمت أظافره في الدولة والجيش، ما دفعه بالتعاون مع قوى يمينية وعسكرية، إلى التحالف مع (..) التي دبرت "الغداء الأخير"، لرئيس الجمهورية اليمنية حينها.

أما وقد أعاد الفيلم إبراز لجوء القائدين العسكريين – آنذاك - علي عبد الله صالح (1947 - 2017) وأحمد الغشمي (1935 - 1978) للدسيسة، بوضع قناني ويسكي وفتاتين فرنسيتين مقتولتين بجانب جثة الرئيس المغدور، فقد عمدت قوى مسلحة من الإخوان المسلمين المدعومة من قطر بعد ثلاثة أسابيع من بث الوثائقي، للغة الدعاية نفسها، مبررةً اقتحام منزل المحافظ، بوجود قناني من الويسكي في أقبيته".(للحديث بقية).