مقتل الحوثي.. انهيار المشروع(تحليل سياسي)

(عدن الغد)خاص:

تحليل يتناول حقيقة مقتل عبدالملك الحوثي زعيم مليشيا الحوثي وانهيار جماعته..

ما حقيقة مقتل زعيم مليشيا الحوثي إلى جانب السفير الإيراني إيرلو؟

لماذا لم يلق عبدالملك الحوثي خطاباً في الذكرى الثانية لمصرع قاسم سليماني؟!

ما سر الوثيقة الإيرانية المسرّبة المتعلقة بهذا الشأن.. وهل حانت لحظة انهيار جماعة الحوثي؟

لماذا عقد المجلس السياسي الأعلى للحوثي جلسة سرية وكلف محمد علي الحوثي بأعمال رئيس المجلس؟!

هل بموت عبدالملك الحوثي سينهار المشروع الحوثي أم أن الفكرة ستستمر؟

هل هناك علاقة لتسارع وتيرة التحركات العسكرية للتحالف بهذه الأنباء؟

تحليل يتناول حقيقة مقتل عبدالملك الحوثي زعيم مليشيا الحوثي وانهيار جماعته..

(عدن الغد) القسم السياسي:

طرح غياب زعيم المتمردين الحوثيين عبدالملك الحوثي عدة تساؤلات، خصوصا وأن أحداثا كثيرة وصاخبة يموج بها اليمن، كان من المفترض أن يخرج ويدلي بموقف حيالها أو يشارك بها.

ولم يشارك زعيم المتمردين في تأبين السفير الإيراني حسن إيرلو الذي توفي نتيجة ما قالت عنه طهران إنه مضاعفات إصابة بفايروس كورونا، كما لم يظهر الحوثي خلال إحياء ذكرى اغتيال قاسم سليماني قائد فيلق القدس الجناح الخارجي للحرس الثوري الإيراني، وما كان لزعيم المتمردين أن يتخلف عن المشاركة في هذين الحدثين في الظروف العادية.

وأثار غياب زعيم المتمردين الكثير من التكهنات بين من يرى أنه قتل خلال غارة للتحالف العربي بقيادة السعودية، وبين من يقول إنه أصيب، فيما يذهب آخرون إلى أن اختفاءه مناورة حوثية جديدة.

بداية القصة

تداولت مواقع إعلامية ومستخدمون لموقعي التواصل الاجتماعي (فيسبوك) و(تويتر)، خلال الأول من يناير وحتى الرابع من الشهر ذاته، مقطع فيديو لقناة MTV اللبنانية، يُعلن فيه المذيع عن مقتل زعيم الحوثيين، عبدالملك الحوثي. وزعم ناشرو المقطع المتداول ومدته 58 ثانية، أنه حديث.

ونسب المذيع الخبر لقناة العالم التابعة لإيران، لافتًا إلى أن قيادات بجماعة الحوثي امتنعوا عن التعليق على أنباء مقتل زعيمهم.

وقال المذيع، نقلًا عن مصادر قبلية في صعدة، إن الغارة استهدفت منزلًا بمنطقة مران كان يتواجد فيه عبدالملك الحوثي، برفقة ابن عمه عبدالمجيد، بالإضافة إلى عدد من مساعديه. وحظي مقطع الفيديو بمئات المشاركات عبر موقعي (فيسبوك) و(تويتر).

كما نشر موقع (وطن يغرد خارج السرب) الخبر يوم الأحد 2 يناير تحت عنوان "قناة لبنانية تزعم: مقتل عبدالملك الحوثي في غارة جوية للتحالف العربي" أشار فيه إلى أن تلك المعلومات حتى الآن أنباء غير مؤكدة. خاصة مع عدم خروج أي بيان رسمي من قبل جماعة الحوثي بشأن هذه الأنباء.

وأدرج الموقع في خبره تسجيلا مجتزءاً من نشرة إخبارية للقناة المذكورة يقول مقدمها خلاله إن الخبر مصدره "قناة العالم الإيرانية. بالإضافة إلى مصادر يمنية وصفها بالمطلعة"، وأشار موقع (وطن) إلى أنه راجع "حسابات قناة العالم الإيرانية على مواقع التواصل، وكذلك موقعها على الإنترنت. فلم يصح نشر القناة لخبر مقتل الحوثي ولا يوجد على أي من صفحاتها كما ذكرت القناة اللبنانية".

كما نشر موقع (المشهد اليمني) يوم الاثنين 3 يناير الادعاء ذاته في خبر بعنوان "صحيفة تتحدث عن مصرع زعيم الميلشيات عبدالملك الحوثي" ونسبه لصحيفة (عكاظ) السعودية.

كما نقلت صحيفة (سبق) السعودية، عن مصادر يمنية، أنه من الممكن أن يكون زعيم ميليشيا الحوثي في اليمن عبدالملك الحوثي لقي مصرعه في إحدى الغارات الجوية لطيران التحالف العربي بصحبة عددٍ من قيادات الميليشيا، من أبرزهم مهدي المشاط.

وقالت الصحيفة إن آخر خطاب لعبدالملك الحوثي كان قد ألقاه في 18 ديسمبر، أي قبل 17 يوماً بمناسبة ما يسمى "يوم الشهيد"، قبل أن يختفى عن الظهور الإعلامي، وهو أمرٌ غير معتاد، بحسب ما ذكر يمنيون.

عنوان مضلل

ولاقى الادّعاء انتشاراً على عدد من الصفحات الإخبارية والشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أجرى مراقبون بحثا للتأكد من صحة الخبر فلم يعثروا على نتائج داعمة له، كما لم تنشر أية جهة يمنية رسمية أو مرتبطة بجماعة الحوثي أي بيان بشأن مقتل الحوثي من عدمه.

وأظهرت نتائج البحث العكسي عن التسجيل المجتزأ من إحدى النشرات الإخبارية لقناة (إم تي في) اللبنانية الذي يعلن مقدمها خلاله نبأ مقتل الحوثي أنه يعود للعام 2015 وليس حديثاً.

وبالعودة إلى الخبر الذي نشرته صحيفة (عكاظ) السعودية والتي نسبت بعض المصادر الادعاء لها، تبين أنها لم تؤكد نبأ مقتل الحوثي. إنما تحدثت في مقال لها- بتاريخ الأحد 2 يناير بعنوان "عبدالملك الحوثي.. مصير مجهول يقلق أنصاره"- عن أنَّ مصير زعيم المليشيا الحوثية عبدالملك الحوثي لا يزال غامضا منذ آخر خطاب له في 20 أكتوبر العام الماضي".

ومن خلال التحقق من الخبر المتداول، تبين أنه مضلّل، وأن مقطع الفيديو المتداول قديم ونشرته قناة MTV اللبنانية عام 2015، وحذفته لاحقًا من على منصاتها. كما لم يصدر عن جماعة الحوثي أي تعليق يؤكد أو ينفي الخبر.

وتعود آخر الغارات الجوية التي شنها التحالف العربي على محافظة صعدة إلى يوم 24 ديسمبر 2021، وقال حينها إنه استهدف "كهفين جبليين لتخزين الصواريخ الباليستية والأسلحة"، دون أن يحدد على وجه الدقة المنطقة الجغرافية التي استهدفها، واكتفى بالإشارة إلى صعدة بشكل عام.

لكن جماعة الحوثي قالت، في اليوم ذاته، إن الغارة استهدفت منطقة المهاذر بمديرية سحار غرب صعدة.

ولا توجد أية معلومات تشير إلى تعرض عزلة مران التي تعد المعقل الرئيس لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، للقصف خلال تلك الفترة.

وجاء تداول الادعاء حديثاً مع قيام قوات التحالف العربي بقيادة السعودية بضربات جوية على مناطق متفرقة من محافظات مأرب وشبوة وصعدة ونجران، بحسب ما نقلت قناة العالم الإيرانية الناطقة باللغة العربية.

وتتردد الأنباء عن تعيين صادق الأشرفي خلفاً لعبدالملك من قِبَل قائد الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاني بعد لقائه به مؤخراً في طهران، وسيحل محمد الحوثي خلفاً للمشاط.

كما علق متابعون قائلين بأنه ثبت مقتل زعيم مليشيا إيران  عبدالملك الحوثي ومهدي المشاط وآخرين.. وحل صادق الأشرفي محل عبدالملك، وحل محمد الحوثي محل المشاط.

سر الوثيقة

أشارت صحيفة (سبق) السعودية إلى أن هناك وثيقة مسرّبة كانت قد كشفت عن صدور توجيه من الخارجية الإيرانية، بتهريب زعيم ميليشيا الحوثي الانقلابية عبد الملك الحوثي من صنعاء إلى إيران.

وأوضحت الصحيفة أن تاريخ الوثيقة يعود إلى 23 ديسمبر 2021 بعد يومين من إعلان إيران وفاة سفير إيران لدى الحوثيين، حسن إيرلو، الذي تم إجلاؤه من صنعاء إلى طهران عبر العراق بتاريخ 20 ديسمبر 2021.

ونشر مسئول في وزارة الإعلام اليمنية، صورة للوثيقة قال إنها من الخارجية الإيرانية تُوَجه بسرعة إجلاء زعيم ميليشيا الحوثي الانقلابية عبدالملك الحوثي من صنعاء إلى إيران.

وقال المستشار في وزارة الإعلام أحمد المسيبلي، في تغريدة له، إن ميليشيا الحوثي تداولت نشر وثيقة تتضمن أوامر من طهران بسرعة إجلاء عبدالملك الحوثي إلى طهران حرصاً على سلامته، وبيّن أن تعمد ميليشيا الحوثي نشر الوثيقة في هذا التوقيت يثبت أن عبدالملك الحوثي قد يكون فارَقَ الحياة وأصبح في خبر كان، على حد وصفه.

بل إن قنوات ووسائل إعلام تتبع جماعة الحوثي تلتزم الصمت تجاه ما يتم تداوله حول مقتل عبدالملك الحوثي في إحدى الغارات الجوية التي نفّذتها قوات التحالف العربي، حيث لم يرد أي فيديو جديد أو خبر يظهر زعيم الجماعة.

في المقابل علق الكاتب والصحفي عبدالفتاح الحكيمي على خبر إجلاء زعيم مليشيات الحوثي عبدالملك الحوثي.

وقال الحكيمي  انه محض افتراء تبثه أجهزة استخبارات الحوثيين التي يديرها الحرس الثوري الإيراني ومليشيات حزب الله.

وأضاف الحكيمي إن المذكرة المسربة حول طلب إيران إجلاء وإخراج الحوثي من اليمن بسبب الأخطار المحدقة بحياة هذا المعتوه تهدف إلى تضليل قيادة غرفة عمليات قوات التحالف العربي بعد تنفيذ حملات الضربات الجوية المكثفة الاخيرة على مدار الساعة والتي استهدفت ملاحقة قادة مليشيا الحوثي في مختلف أوكارهم  بصنعاء وغيرها بصورة ممنهجة ودقيقة وحققت إصابات عديدة كان أبرزها مصرع الإرهابي الدولي حسن ايرلو.

وأوضح الحكيمي بأنه تم تسريب خبر إجلاء عبدالملك الحوثي في عملية إيرانية خاصة بغرض حمايته من ضربات طيران التحالف والتشويش عن مكان تواجده الفعلي داخل الأراضي اليمنية وربما في إحدى غرف الصرف الصحي للتمويه وتفادي مصيره الذي تحدد مسبقاً من قبل قوات التحالف بخطوة لا رجعة عنها.

ردود المسؤولين والسياسيين

قال سليمان العقيلي، عضو مجلس إدارة الجمعية السعودية للعلوم السياسية، في تغريدة على تويتر "غياب عبدالملك الحوثي عن حفلات تأبين مجرمي الحرب الإيرانيين المقامة في العواصم المحتلة، تدل على واحد من أمرين: إما أنه قتل وإما أنه أصيب إصابة بالغة في إحدى الغارات الجوية للتحالف".

وتحدث الباحث في الشؤون الأمنية محمد الهذلي عن أن "هناك أنباء مسربة عن مقتل زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي في غارة للتحالف على مقر اجتماع كان يضم قيادات حوثية وخبراء من حزب الله برفقة حسن إيرلو، وأن الأنباء تتحدث عن ترتيبات إيرانية لتسمية خليفة له، وعدم إفشاء مقتله يعود إلى الحفاظ على معنويات أتباعهم".

كما شن ضاحي خلفان نائب رئيس شرطة دبي، يوم الأحد، هجوما لاذعا على زعيم جماعة الحوثي عبدالملك الحوثي، كما استخدم أسلوبا غزليا للتحدث عن تبعيته لإيران.

وقال ضاحي خلفان عبر حسابه الرسمي بتويتر: "شرفاء اليمن هم من يدحر عبدالملك وعصابته ومليشياته.. لو كنت معهم لما تركت له جحرا يختبئ فيه إلا ودكيته"، حسب قوله.

وقال الصحفي كمال السلامي خلال تغريدة له على حسابه في "تويتر": هناك شائعة تسري في أوساط الناس بصنعاء، حول حياة عبدالملك الحوثي. والشائعة تقول أيضا إن الجماعة تتجه لإعلان مرحلة جديدة، تتضمن إنهاء الشراكة مع المؤتمر وحل المجلس السياسي، وتجميد البرلمان، والسيطرة على الحكم عسكرياً من قبل الجماعة". واختتم: "لا أدري مدى صحة الشائعة، لكنها تدور على الألسن".

كما تحدث المحلل السياسي يحيى العابد عن مصير زعيم مليشيا الحوثي الانقلابية عبدالملك الحوثي ورئيس المجلس السياسي للجماعة مهدي المشاط، فقال في منشور عبر موقع فيسبوك: "ايرلو صريع وعبدالملك والمشاط مصير مجهول!. لماذا لم يلق السيئ عبدالملك الحوثي خطاباً في الذكرى الثانية لمصرع الدعي قاسم سليماني كما تحدث في الذكرى الاولى؟!".

وأضاف: "لماذا لم يستقبل الدعي مهدي المشاط منتخب الناشئين ولماذا صفحته على تويتر خامله منذ اخر تغريدة له؟!. ولماذا اعلنت ايران اصابة ومصرع ايرلو ولم يتحدث اعلام الحوثي عن اصابته او حتى بيان او خطاب عن هذا الموضوع رغم اهميته؟!".

وتابع العابد: "لماذا عقد ما يسمى بالمجلس السياسي الاعلى جلسة سرية وتم تكليف الدعي محمد علي الحوثي بأعمال رئيس المجلس؟!".

كما أشار باحث ومستشار في الشؤون الأمنية السعودية إلى أن زعيم المليشيات الانقلابية الحوثية عبدالملك الحوثي قد لقي حتفه في يوم مقتل سفير طهران لدى الحوثيين حسن إيرلو بصنعاء.

وقال المستشار الأمني السعودي د. محمد بن حمود الهدلاء، إن هناك أنباء مسربة عن مقتل عبدالملك الحوثي بغارة جوية ضمن قيادات حوثية وخبراء من حزب الله برفقة حسن إيرلو في اجتماع لهم بصنعاء.

واضاف الهدلاء: "هناك أنباء مسربة تتحدث عن مقتل زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي في غارة التحالف على مقر اجتماع كان يضم قيادات حوثية وخبراء من حزب الله برفقة حسن إيرلو".

وتابع الهدلاء بالقول: "الأنباء تتحدث عن ترتيبات ايرانية لتسمية خليفة له وعم افشاء مقتله يعود للحفاظ على معنويات اتباعهم الذين يتلقون هزائم منكرة في اليمن".

كم مرة قُتل (الحوثي)؟!

على مدى السنوات الـ13 الماضية، نُشرت أخبار حول مقتل زعيم الحوثيين عبدالملك بدر الدين الحوثي، ثم يخرج بخطاب يؤكد أنه مازال على قيد الحياة.

بدأ هذا الخبر بالظهور في ديسمبر 2009، حين نشرت قناة بي بي سي عربي خبر مقتل الحوثي في قصف جوي في صعدة.

وفي العام 2015 مع بدء الحرب في اليمن بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا، ظهر الخبر مجددًا على عدد من وسائل الإعلام، لكن الجماعة نفت آنذاك مقتل زعيمها.

وفي مارس 2021، أُعيد نشر خبر مقتل زعيم الحوثيين بغارة للتحالف، وتداول حينها مستخدمون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو قناة MTV اللبنانية.

ويرى محللون أن خبر مقتل عبدالملك الحوثي سيؤثر تأثيرا كبيرا في سير مجريات الأحداث، ولعل تسارع الوتيرة العسكرية للتحالف العربي في شتى الجبهات جاء بعد هذا النبأ، وربما ستعم الفوضى بين صفوف جماعة الحوثي، بل ربما ينهار مشروعهم الملكي السلالي.