آخر تحديث :السبت-27 يوليه 2024-08:14ص

صفحات من تاريخ عدن


عدن زمان: البُقشة العدنية والحجة فطوم

الخميس - 06 مارس 2014 - 05:46 م بتوقيت عدن

عدن زمان: البُقشة العدنية والحجة فطوم
رجل حامل بقشة بجبل هيل بالتواهي .

عدن((عدن الغد)) متابعات:

 

قلت للحجة فطوم كان رمضان شهر الخير والسلام ، رمضان هو الطفولة ومحازي رمضان ، وكل رمضان يأتي تكون هناك أشياء جديدة , إن التقدم السريع جدا والذي لم يحدث في تاريخ الجزيرة العربية وحتى تاريخ العرب والعالم، كان هذا التقدم السريع في تاريخ الأمة الأمريكية التي كانت تسعى لإقامة امبراطورية تخلف الإمبراطورية البريطانية والفرنسية وتستلم الريادة في العالم وقد بداء ذلك بعد الحرب العالمية الثانية .
 



 
بدأت امريكا تقدم سريع لم يحدث في التاريخ في كل مجالات الحياة .. الصناعة ، التجارة ، السينمأ ، المسرح ، السلاح بكافة أنواعه، علوم الفضاء الطب وكل مجالات الحياة. وفي عدن حصل تطور تاريخي بالنسبة للعرب لم يألفوه ولم يحدث قط مثل هذا التطور. إن التطور الحقيقي والفعلي والشامل بدأ من سنة 1940 حتى سنة 1960 ، ولكن السرعة القصوى الهائلة كانت خلال عشر سنوات .. السنوات الذهبية ، كان سببها زعيمان هزوا الإمبراطورية البريطانية في الشرق .

 
 
يا حجة فطوم هذا البركان فجره الدكتور مصدق في إيران حين أمم النفط .. ردت عليه بريطانيا بإنشاء أكبر مصفاة نفط في تاريخ الشرق ، كانت مصفاة عدن أعجوبة تاريخية ومعمارية صممتها شركة بيكتل الأمريكية العملاقة ، ومجموعة شركات بريطانية ، وشركة سي سي اللبنانية ، أنشأوا ميناء لتحميل أكبر ناقلات النفط في العالم ، ومنازل عمال نظيفة مرتبة ، وطرقات ومستودعات ومسابح ونوادي وملاعب . صنعوا تلك الأعجوبة في أجمل ساحل في الدنيا .. ساحل البريقة وجزره الساحرة. ضحكت الحجة فطوم وقالت فتحوا أحدث مخبازه حديثة في تاريخ المخابيز في عدن – مخبازة على كراسي وأمياز وبدون عراري المخبازه وقد ذكرنا ذلك في مقال منذ يومين ، قلت لها خلي المناجمه يا حجة فطوم.

 
 
في الجانب الآخر كان هناك الزعيم المصري التاريخي اللفتنانت كولونيل - المقدم جمال عبد الناصر الذي غير تاريخ مصر وبعض دول الشرق الأوسط ودول إفريقيا. قام المقدم جمال بتأميم القنال ، وطالب بريطانيا بسحب قواعدها الضخمة من داخل مصر وقناة السويس . ردت عليه بريطانيا بإستعياب كل هذه القوات الضخمة في قاعدة عدن ، وبدأت نهضة معمارية لم تحدث أبدآ في الشرق، وبدأ آلالاف العمال التدفق على عدن ، وشيدت العمارات الكبيرة – أنشأت الشارع الرئيسي في المعلا – أطول شارع في الجزيرة العربية . أستفادت عدن من الواقع السياسي وتطور الأحداث في الشرق .. فقامت نهضة حضارية  جبارة. 
 


قالت الحجة فطوم أصبر يا محمد با أجيب لك عواف مدربش وباجيه وبسباس أحمر مع الخل – خل الحسوة وبعدين حازيني . قلت لها يا حجة فطوم بلادنا تعج بالتاريخ – تاريخ أمة عظيمة .. اليوم با أحازيك عن البقشة العدنية .. ما هي البقشة - منديل لحمل الأغراض ، كانت البقشة في عدن لها عدة أنواع وأغراض Hand Bag – في بقشه فاخرة من الحرير الملون تستعمل لحمل الهدايا الفاخرة – منديل بقشه غالية الثمن من الحرير من عند مستودع السوري العظيم – ومستودعه في الشارع الطويل – كريتر ، وبقشة أخرى مختلفة الألوان والأشكال منها الرخيص وارد عيال موهنلال بتيل من الهند ، وبعضها كان يأتي من جاوا. 
 
 

 
يا حجة فطوم كانت كل سيدة في عدن لها بقشه حين تخرج من المنزل لحمل أغراضها. في بداية 1950 حدث التغيير والأناقة وحملت السيدة العدنية الشنط الجلدية الأنيقة بكل أنواعها .. جاء عصر بيار كادرن وإيفون وياردلي  يا حجة فطوم .. في الريف حمل الرجال شنطة جلدية على الظهر من الجلد الفاخر تسمى "المَسب" لحمل الأغراض الشخصية للرجل ، واليوم في عصرنا هذا أرى الجيل الجديد من الشباب يحملوا شنط على الظهر وأفرح من هذا التقليد المجيد .. أفرح بعيالنا الشباب المثقف الحضاري .
 
 
ضحكت الحجة فطوم وقالت اليوم شنط من البلاستيك .. وأهلنا في الجبال يحملوا شنط "مَسب" من الجلد .. كان أجدادنا يحملوا كل أغراضهم الشخصية في "المَسب" .. حتى السلاح الشخصي للدفاع عن النفس . قالت الحجة فطوم - دنيا يا محمد كان الماضي جميل . يا حجة فطوم هل معك بقشة .. ضحكت وقالت معي شنطة من بيار كاردان.
 
 
أغنية الحجة فطوم – هناك أغنية شعبية عدنية قديمة تقول : بنتي حلا ورشه مخضبه نقشه وحامله البقشة مسافرة الحبشة .قالت الحجة فطوم ايش تشتي سحور – قلت لها خاور خبز طاوه فته مع اللبن والسكر..
 



 
 
بقلم: محمد أحمد البيضاني
كاتب عدني ومؤرخ سياسي