آخر تحديث :الأحد-01 سبتمبر 2024-02:34ص

صفحات من تاريخ عدن


عدن زمان : ذكريات مشك الباغه

الإثنين - 17 فبراير 2014 - 11:01 ص بتوقيت عدن

عدن زمان : ذكريات مشك الباغه
سوق الصيد - التواهي.

عدن((عدن الغد))متابعات:

 

كعادتي كل يوم أمر في سوق شارع سليمان جوهر ، على اليمين واليسار سوق طويل تنتشر فيه بسطات البائعات للسمك والعيش و الفواكه والخضار ، لقد اعتادوا رؤيتي اليومية حتى أن البعض منهم يعرفني ويحيني ويبتسم لي ، سيدات وآنسات من شتى الأعمار ، تسمع من البسطات أغاني أم كلثوم والأغاني الشبابية من التلفزيون ولا أدري من أين يشبكوا الكهرباء ، كرنفال ملون جميل لسوق شعبي لا تجده في أي مكان في العالم ، وسيارات تقف للشراء – سيارات فخمة أنيقة وسيارات قديمة خليط من البشر يتدفق يحملوا في عيونهم الحب والمرح والتصميم على الحياة ، ويأكلوا بجانب البسطات وبجانبهم عيالهم ، ويتبادلوا النكات والمعارك الكلامية ، إنها مصر وعلى باب مصر تدق الأكف.

 

إنه شعب عربي عريق يحمل حضارة 10 الآلاف عام. ناس بسطاء تكاليف الحياة لديهم قليلة ولكن طموحهم بلا حدود. أشعر بالسعادة حين مروري في الشارع وأتحدث مع بعضهم ، وألتقي بناس من مختلف الأعمار والمهن وأسمع منهم قصص الحياة ومعلومات يستفيد منها الكاتب ولا يجدها في أرشيف المكتبات والوثائق.

 

قالت الحجة فطوم أصبر يا محمد با أعمر ماي فرست بوري وبا أجيب لك عواف خواجات بمناسبة عيد ميلادك – كيك من حق فرن الجريكي – كيك زبيب أبو قلص وكوفي ، لقد وقف بك الهوري في بلاد قدماء المصريين واليوم أصبحت يا محمد من قدماء العدنيين . قلت لها ضاحكاً خلي المناجمة يا حجة فطوم با أحازيك عن الصيد الباغه. يا حجة فطوم الباغه ألذ وأرخص أنواع الصيد – إنه هدية الله إلى الفقراء في عدن ، والباغه تصلح للموفى أو صانونه مطفايه على الطاوه أو المقلى ، ومن غرائب هذا الحوت إنه لا يقبل * التبريد * ويذهب طعمه كأن الإرادة الإلهية تريد أن يؤكل في حين إصطياده فلا يجمد أو يخزن بعكس الحيتان الأخرى ، وأخبرني في جدة السعودية عام 1974 صديقي العزيز أحمد صالح الفضلي ، أن الباغه تتواجد أمام ساحل أبين بكميات ضخمه جداً حتى أن البحر يرميها إلى الساحل ، وبعضها يسمن وبتضخم حتى ترى على جسمه زيت من التغذية التي يتغذها الحوت. قالت الحجة فطوم ماذا يأكل الباغه ، قالت لها يأكل من طمى السيول وأعشاب أخرى تجرفها السيول إلى البحر ، فيأكلها الباغه ويزداد وزنه.

 

يا حجة فطوم في القاهرة ألتقيت بأحد أبناء الخيسه ووالده صياد قديم ، وحدثني عن الباغه قصة غريبة ، قال إن من الغريب عند سقوط المطر على البحر فأن حيتان الباغه تصعد إلى السطح ونراها ونلتقطها بالمغارف، و لا أحد يدري ما علاقة الباغه بالمطر وليس بقية الحيتان. ستبقى ذكرى مشك الباغه تستقر في أذهان الناس عند المغرب وهم في طريقهم إلى المخبازه.

 

غنت الحجة فطوم : خد لك من الباغه - والقد والزيزان - لا أيركنيدشن إلا حمى النيسه - البحر قدامي خايف من الحيسه. قلت للحجة فطوم خورت مشك باغه في المخبازه خبز فته عسل وخبز رطب - مطيبه مرق وحلبه بالبسباس الأخضر - وفريق من عراري المخبازه أدخل معهم في معركه بالمجالس بسبب حوت باغه.

 

بقلم : محمد أحمد البيضاني 

كاتب عدني ومؤرخ سياسي