خسائر الذهب الحالية ربما تكون مؤقتة وسط ارتفاع الأسهم والعملات المشفرة والدولار
لقد توقف ارتفاع الذهب منذ إعادة انتخاب "دونالد ترامب" في 6 نوفمبر الجاري، مع إعادة اختبار المعدن الأصفر عند مستوي الدعم النفسي البالغ 2600 دولار للأونصة، حيث يقوم المتداولون بجني الأرباح والتحول إلى الدولار الأمريكي والأسهم والعملات المشفرة، ولكن مع استمرار الرياح المعاكسة المتعددة التي تواجه الاقتصاد العالمي، يعتقد المحللون في مجلس الذهب العالمي أن التراجع سيكون مؤقت فقط.
كتب محللو مجلس الذهب العالمى في أحدث تعليقاتهم: "في الأسبوع الأول من نوفمبر تراجع المعدن الأصفر بوتيرة كبيرة بعد أن سجل أعلى مستوى له علي الإطلاق فى أول الشهر بالقرب من مستوي 2800 دولار".
ما أسباب تراجع الذهب؟
واجه الذهب ضغوط هبوطية عقب الاعلان عن فوز مرشح الحزب الجمهوري "دونالد ترامب" في الانتخابات الرئاسية، والتي تمثلت في قوة الدولار الأمريكى والعديد من العوامل بما في ذلك التدفقات الخارجة من صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب والتى جاءت عقب شهر قوى بشكل استثنائي وتراجع صافي الأموال المدارة في بورصة كومكس التي انخفضت بمقدار 74 طن متراجعًا بنسبة 8% عن الأسبوع السابق، مما يعكس احتمالية التخلص من التحوطات قبل الانتخابات.
تأثر سعر تداول الذهب بعمليات السحب من صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة، والتي خسرت ما يقرب من 809 مليون دولار أمريكى (12 طن) في الأسبوع الأول من نوفمبر، حيث جاء الجزء الكبير من التدفقات الخارجة من الولايات المتحدة والتى تم تعويضها بشكل جزئي من التدفقات الآسيوية القوية.
وقال المحللون: "لقد تسببت نتائج الانتخابات الأمريكية في إحداث بعض التراجع المفاجئ للذهب الذي حقق ارتفاع مذهل منذ بداية العام وحتى الآن، ولكن من المرجح أن يتوقف هذا التراجع في الأمد القريب حيث يعتقد البعض أن التراجع كان تصحيح صحي".
وقال مجلس الذهب العالمي إن السياسات التضخمية التي من المرجح أن ينتهجها الرئيس الأمريكي المنتخب "دونالد ترامب" من شأنها أن تعزز من أداء العملة الأمريكية وعوائد السندات مما سيكون له أثر سلبي على أسعار المعدن الثمين، حيث أعلن ترامب في حملته الانتخابية عن سياسته تحت عنوان "أمريكا أولًا" والتي تضم تقليص الهجرة غير الشرعية وتخفيضات الضرائب وفرض تعريفات جمركية على الوادرات الصينية والأوروبية مما ينذر باشتعال حرب تجارية واسعة النطاق ستؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي العالمي وتعزز من الاقبال على الاستثمارات الأمريكية في الداخل، ومن جهة أخري، تحظى العملات المشفرة الآن بمزيد من التأييد لدى الإدارة الأمريكية القادمة مما قد يؤثر على أداء سعر الذهب.
وخلص التقرير إلى أنه "باختصار، فإن رد الفعل السلبي للذهب على نتائج الانتخابات الأمريكية والاستمرار في التحرك نحو الارتفاع في عائدات السندات والدولار الأمريكي، في رأينا، ظاهرة قصيرة الأجل".
هل هذا هو الوقت المناسب للشراء مع تراجع الذهب؟
لقد كان أداء الذهب مثيرًا للإعجاب حتى الآن، حيث تفوق على العديد من الأصول الأخرى على مدار الأشهر القليلة الماضية، طوال عام 2024 حطم المعدن الأصفر باستمرار الأرقام القياسية ووصل إلى مستويات قياسية جديدة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى عدم اليقين الاقتصادي وعدم الاستقرار العالمي واهتمام المستثمرين بالأصول الآمنة، مما يؤكد جاذبيته كاستثمار موثوق به في الأوقات المضطربة، عشية الانتخابات الرئاسية الأمريكية كان سعر الأونصة عند 2748 دولار وهو أقل بقليل من ذروته الأخيرة وبزيادة تزيد عن 33% منذ بداية العام.
ومع ذلك، بعد فترة وجيزة من الانتخابات، بدأ سعر الذهب في الانخفاض حيث تراجع إلى ما دون مستوي 2600 دولار لفترة وجيزة ثم عاد ليتداول فوق هذا المستوي، لقد فاجأ هذا الانخفاض الذي حدث بعد الانتخابات العديد من المستثمرين وأثار تكهنات حول ما ينتظر سعر الذهب، في حين قد يكون بعض المستثمرين حذرين من انخفاض الأسعار ويرونها علامة على عدم الاستقرار يرى آخرون أنها نقطة دخول محتملة.
يثير انخفاض الأسعار هذا سؤالاً مثيرًا للاهتمام: هل الآن هو الوقت المناسب لشراء الذهب؟، نظرًا لمساره الصاعد القوي هذا العام قد يوفر السعر المنخفض اليوم نقطة دخول استراتيجية، ولكن هناك العديد من العوامل التي يجب مراعاتها، أدناه، سنوضح ما يجب مراعاته.
هل يجب عليك شراء الذهب مع انخفاض السعر؟
الإجابة المختصرة هي نعم، قد يكون الآن وقتًا ممتازًا لإضافة الذهب إلى محفظتك، فبعد كل شيء، أظهر الذهب تاريخيًا مرونة وقدرة على النمو في القيمة بمرور الوقت، وخاصة خلال فترات عدم اليقين الاقتصادي، يتوقع المحللون أن الطلب سيستمر في دفع الأسعار إلى الارتفاع، ويتوقع البعض أن يصل إلى 3000 دولار للأوقية في الأشهر المقبلة، وهذا يجعل أسعار اليوم فرصة شراء جذابة للمبتدئين وأولئك الذين يتطلعون إلى توسيع حيازاتهم من الذهب.
إن الاستثمار في الذهب الآن يمكن أن يكون بمثابة تحوط ضد التضخم في المستقبل أيضاً، في حين يقترب معدل التضخم حالياً من معدل هدف البنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، هناك دائماً فرصة لارتفاع التضخم بشكل غير متوقع، وإذا حدث ذلك، فإن تكلفة السلع والخدمات ترتفع وتقل القوة الشرائية للنقود، ولكن الذهب يميل إلى الاحتفاظ بقيمته، وقد جعلت هذه القدرة على التحوط الذهب جذاباً بشكل خاص في السنوات الأخيرة، لذا إذا كنت قلقاً بشأن حماية أصولك من المشكلات المستقبلية المرتبطة بالتضخم فإن إضافة الذهب لمحفظتك يمكن أن تكون خطوة استراتيجية.
ومن جهة أخري، تعمل البنوك المركزية على تعزيز احتياطياتها من الذهب وهو ما قد يساعد في دفع الطلب واستقرار الأسعار بشكل أكبر، لقد كانت البنوك المركزية من المشترين الدائمين للذهب سواء كوسيلة للتحوط أو كوسيلة لتنويع احتياطياتها الخاصة، بالإضافة إلى ذلك، ظلت حاجة القطاع الصناعي إلى الذهب وخاصة في الإلكترونيات والأجهزة الطبية قوية، مما أضاف المزيد من الطلب، تشير كل هذه العوامل إلى توقعات إيجابية طويلة الأجل للذهب وأن التراجع الحالي هو انخفاض تصحيحي مؤقت، مما يجعل الآن وقتًا مناسبًا للاستثمار وخاصة بسعر أقل.
ما هي الأصول الذهبية التي تبدو منطقية للاستثمار الآن؟
إذا قررت الاستثمار في الذهب، فإن السؤال التالي الذي يجب الإجابة عليه هو: ما نوع الأصول الذهبية الأكثر منطقية؟ إليك ما قد ترغب في التفكير في الاستثمار فيه الآن:
1 .الذهب المادي: توفر سبائك الذهب والعملات المعدنية طريقة مباشرة لامتلاك الذهب دون الحاجة إلى الاعتماد على تقلبات السوق لأدوات الاستثمار الأخرى، توفر السبائك شعورًا بالأمان لأنه أصل حقيقي يمكنك الاحتفاظ به، ومع ذلك، فإن تخزين الذهب المادي والتأمين عليه يمكن أن يزيد من تكاليفك.
2 .صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب: لمزيد من المرونة والراحة، تعد صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب خيارًا شائعًا، تسمح صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب للمستثمرين بشراء الأسهم التي تمثل ملكية في كمية من الذهب دون الحاجة إلى إدارة أو تخزين الذهب المادي، كما أنها توفر السيولة وتأتي عمومًا بتكاليف أقل من الذهب المادي.
3 .أسهم تعدين الذهب: يوفر الاستثمار في شركات تعدين الذهب التعرض لأداء سعر الذهب دون شراء المعدن مباشرة، عندما يرتفع سعر الذهب تشهد شركات التعدين عادةً زيادة في الأرباح مما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأسهم، ومع ذلك، يمكن أن تكون أسهم تعدين الذهب متقلبة أيضًا، حيث تتأثر بعوامل مثل تكاليف الإنتاج.
في النهاية، يجب أن يتوافق قرار شراء الذهب مع أهدافك المالية وقدرتك على تحمل المخاطر واستراتيجية الاستثمار، لكن الانخفاض الأخير في سعر الذهب يمثل فرصة فريدة للمستثمرين، نظرًا لأدائه الرائع هذا العام وتوقعاته القوية على المدى الطويل فقد يكون الآن وقتًا استراتيجيًا للاستثمار في الذهب.