آخر تحديث :الأحد-13 أكتوبر 2024-10:59م
العالم من حولنا

ترجمة : هل هذا حشرة أم جاسوس روبوتي؟

الثلاثاء - 01 أكتوبر 2024 - 09:43 ص بتوقيت عدن
ترجمة : هل هذا حشرة أم جاسوس روبوتي؟
لين كالديروني - مؤلف مشارك | الأمن العسكري الأمريكي.
الذكاء الاصطناعي والحشرات التجسسية

الروبوتات الحشرية تمثل تكنولوجيا محورية تُحدث تغييرًا جذريًا، حيث تفتح آفاقًا كانت تعتبر ضربًا من الخيال قبل جيل مضى.

هل هذا حشرة أم جاسوس روبوتي؟

لين كالديروني - مؤلف مشارك | الأمن العسكري الأمريكي.
- ترجمة: م/فضل علي مندوق.


هذه الروبوتات الحشرية تم تصميمها على غرار الطيور والحشرات وبعض الحيوانات الصغيرة الأخرى، ويمكنها البقاء مخفية على مرأى من الجميع أثناء القيام بأعمال التجسس في المناطق التي لا يمكن للأجهزة المراقبة الأكبر الوصول إليها.

تستطيع هذه الطائرات التجسسية الصغيرة الإقلاع والهبوط في أي مكان، والتحرك بسهولة عبر شوارع المدينة والممرات، كما يمكنها التوقف والدوران بشكل حاد وسريع. بالإضافة إلى ذلك، فهي مجهزة بترسانة من الأسلحة والمستشعرات مثل الصواعق الكهربائية والمتفجرات والكاميرات عالية الدقة وأجهزة الاستشعار بالأشعة تحت الحمراء وقارئات لوحات السيارات وأجهزة التنصت.

فريق من الباحثين بالتعاون مع مكتب البحث العلمي في القوات الجوية الأمريكية يقوم بتطوير ما يسمى المركبة الجوية الدقيقة (MAV) التي ستقوم بمهام تجسسية متنوعة. الحشرة الروبوتية قادرة على التسلل إلى المناطق الحضرية بسهولة، وتتم إدارتها من مسافات بعيدة، كما أنها مزودة بكاميرا وميكروفون مدمجين.

يتميز هذا الجهاز بالقدرة على الهبوط بدقة على جلد الإنسان، واستخدام إبرة دقيقة للغاية بحجم الميكرون لأخذ عينات من الحمض النووي (DNA) بسرعة ثم الطيران مرة أخرى. وكل ما يشعر به الشخص هو ألم مشابه للدغة بعوضة دون الإحساس بالحرقان. يصعب اكتشاف الطائرة الصغيرة، ويمكنها زرع جهاز تتبع باستخدام ترددات الراديو (RFID) تحت الجلد. كما يمكن استخدامها في ساحة المعركة لحقن السموم في العدو.

الولايات المتحدة ليست الوحيدة في مجال تصغير الطائرات التي تحاكي الطبيعة، حيث تعمل كل من فرنسا وهولندا وإسرائيل على تطوير أجهزة مماثلة. قامت فرنسا بتطوير طائرات دقيقة مستوحاة من حركة أجنحة الطيور. أما هولندا، فقد قامت ببناء طائرات BioMAV (الذكاء الاصطناعي المستوحى بيولوجيًا للمركبات الجوية الدقيقة). كما قامت الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI) بتطوير طائرة صغيرة على شكل فراشة تزن 20 جرامًا فقط، وتتمكن من جمع المعلومات الاستخبارية من داخل المباني.

الطائرة الحشرية المزودة بكاميرا تزن 0.15 جرام وبطاقة ذاكرة تُدار عن بُعد باستخدام خوذة خاصة. عند ارتداء الخوذة، يجد المشغل نفسه في "قمرة قيادة الفراشة" ويمكنه رؤية ما تراه الفراشة في الوقت الفعلي.

أما الطائرة بدون طيار "Nano Hummingbird" التي تأخذ شكل الطائر الطنان، فهي أكبر قليلًا من الطائر الطنان الحقيقي وتناسب حجم راحة اليد. تطير بسهولة وتندمج مع محيطها. وهي قادرة على المناورة عبر النوافذ وداخل المباني.

تم بناء الطائرة الطنانة بواسطة شركة AeroVironment الأمريكية، وهي قادرة على الطيران للأمام والخلف والجانبين، وكذلك الدوران في اتجاه عقارب الساعة أو عكسها. ولا تقتصر على تقليد حجم الطائر الطنان، بل إنها تبدو بشكل ملحوظ وكأنها طائر طنان أثناء الطيران.

وقد تمكن الباحثون أيضًا من تطوير طائرة روبوتية على شكل اليعسوب تطير مثل الطيور وتحوم مثل الحشرات. تم تصميم هذه الطائرة لاستخدامها في التصوير الجوي والألعاب المتقدمة والبحث والتطوير والأمن. يمكن استخدام TechJect Dragonfly في أي مهمة تتطلب بث فيديو مباشر ومتنقل، مثل التصوير الفوتوغرافي وأمن المنازل/أماكن العمل، وأبحاث الروبوتات المتعددة، والألعاب المتقدمة، والتجسس.

تُطوَّر طائرات اليعسوب الروبوتية لتتلقى البيانات في الوقت الفعلي من أجل تسهيل اتخاذ القرارات وتقديم صورة شاملة للمشغلين عن بعد. تم تصميم هذه الطائرات لتقليد أنماط طيران الحشرات باستخدام أجنحة عالية التردد للتحليق فوق الأهداف والوقوف لفترات لحفظ البطارية. يجري تطوير تكنولوجيا تمكن الطائرات من امتصاص الكهرباء من الأسلاك ومصادر الطاقة الأخرى لتواصل عملها لعدة أيام أو أسابيع.

يعمل العلماء أيضًا على تطوير روبوتات صغيرة تشبه العناكب، تكون قادرة على أداء مهام جمع المعلومات الاستخبارية. يُقدّر أن حوالي 30% من الناس يعانون من نوع من رهاب العناكب، مما يجعله واحدًا من أكثر المخاوف شيوعًا بين البشر. ومن المنطقي أن العناكب مخيفة وسريعة الحركة بشكل غير منتظم. وقد صمم الباحثون روبوتًا ذو ستة أرجل يشبه العنكبوت، لكنه أسرع وأكثر كفاءة في الحركة، مما يجعله أكثر رعبًا.

لا شيء يجعل الدم يتجمد في العروق مثل رؤية صرصور يركض عبر الأرض. ولكن ماذا لو كان هذا الصرصور يركض لإنقاذك؟ هذا ما فكر فيه الباحثون في جامعة كاليفورنيا، بيركلي عندما صمموا CRAM، نموذجًا أوليًا لروبوت يشبه الصرصور. يتمتع بهيكل خارجي مفصلي وصدفة ناعمة تمكنه من تغيير شكله والتحرك عبر الأماكن الضيقة. يعتقد الباحثون أن CRAM، الذي تم تمويله جزئيًا من الجيش الأمريكي، قد يكون الخطوة الأولى في إنشاء روبوت فعال للغاية في البحث والإنقاذ أو جمع المعلومات الاستخباراتية.

ما يثير الإعجاب بشأن هذه الصراصير الروبوتية هو قدرتها على الركض بسرعة عبر فجوة لا تتجاوز ربع بوصة بنفس السهولة التي تتحرك بها عبر فجوة نصف بوصة، وذلك من خلال إعادة توجيه أرجلها بالكامل إلى الجانب. يبلغ ارتفاعها حوالي نصف بوصة عند الركض بحرية، ولكن يمكنها ضغط أجسامها لتصبح بارتفاع عشر بوصة فقط، أي ما يعادل ارتفاع عملتين معدنيتين مكدستين.

قريبًا، ستحصل القوات العسكرية البولندية على طائرات بدون طيار من نوع "النحلة" لترافق ناقلات الجنود المدرعة. تقول شركة بولندية إنها طورت طائرات درون صغيرة جدًا يمكنها التحليق فوق ساحات القتال لمدة 30 دقيقة. هذا النظام هو نظام اتصالات يعمل بشكل ممتاز في ظروف المعركة.

لا تقدم هذه الطائرات قدرات المراقبة فقط، بل يمكنها أيضًا مهاجمة الأهداف الصغيرة بشحنات متفجرة. رأس "النحلة" يحتوي على كاميرتين مدمجتين ومستقر ميكانيكيًا كهربائيًا بواسطة الجيروسكوب. وعندما تقترب طائرات "النحلة" من أهدافها بما فيه الكفاية، يمكنها الانفجار.

إحدى الميزات الأخرى التي تقدمها هذه الطائرات الروبوتية الصغيرة، المستوحاة من النحل، هي قدرتها على الهبوط في مكان لا يوجد فيه أحد، والبقاء متصلة بالسقف بهدوء دون الحاجة إلى محركات مسموعة، حيث تنتظر اللحظة المناسبة للتحليق مرة أخرى عندما لا يكون هناك أحد. تحتوي الطائرة على رقعة كهرومغناطيسية متصلة تتكون من قاعدة من ألياف الكربون وأقطاب نحاسية وطلاء بولي أميد، تستقر على أسطوانة صغيرة من الرغوة، مما يجعل عمليات الهبوط ناعمة.

عند شحنها، يمكن للرقعة الكهرومغناطيسية أن تلتصق بأي سطح تقريبًا، مثل الخشب أو الزجاج أو أي مادة عضوية تستجيب للكهرباء الساكنة. تعمل هذه التقنية بشكل جيد سواء على الأرض أو على السقف، ولكن الهبوط على الحواف يتطلب قوة لاصقة لمقاومة الجاذبية. باستخدام الطاقة الكهروستاتيكية، تمكن الباحثون من زيادة تنوع المواد والمواقف التي يمكن أن تهبط فيها الطائرة وتقلع مجددًا.

يمكن للطائرة أن تبطئ حتى تحوم مباشرة تحت موقع الهبوط، ثم ترتفع ببطء حتى تلمس السطح. في هذه المرحلة، يقوم الباحثون بتشغيل الرقعة الكهروستاتيكية، مما يخلق ارتباطًا قويًا بما يكفي لإبقاء الطائرة في مكانها، حتى بعد إيقاف محرك الطيران.

لماذا بناء روبوت يمكنه الطيران والهبوط والإقلاع مثل حشرة أو الزحف على الأرض؟ لأنه يمكنه القيام بأشياء لا يستطيع البشر فعلها، وقد يصبح عنصرًا حاسمًا في عمليات المراقبة والتجسس والمتابعة للخصوم، وكذلك في مهام البحث والإنقاذ.