آخر تحديث :الأحد-01 سبتمبر 2024-07:39ص

وفيات


على هامش وفاة الجنرال جباري

السبت - 16 ديسمبر 2023 - 05:22 م بتوقيت عدن

على هامش وفاة الجنرال جباري

الضالع((عدن الغد )) خاص

م حلمي الضالعي

العسكري الفذ، القائد المهني العميد الركن المهندس أحمد قاسم جباري يخلي مقعده في الدنيا ليرتقي سلما يوصل روحه إلى الملكوت الأعلى

عاش حياته للوطن لم يدخر جهدا في خدمته والعمل لمصلحة شعبه ولم تكن حياته ملكا له بل كانت ملكا للناس كان مثالا للكرم في زمن الشح وكان دائما مبتسما وبشوشا ومتفائلا في زمن الكآبه واليأس والإحباط كان بيته قبلة للزائرين والمحتاجين والملتمسين للمساعدة وكان يتقبلهم بصدر رحب ويجود لهم بما يملكه ويتعاهد من لم يتمكن من الوصول إليه بكل كرم وسخاء وقريته خله - بلد العلم والتنوير والقادة والكوادر في مختلف المجالات - تشهد له بذلك وخله لا تشهد إلا للعظماء

في تخصصه كان لا يجاريه أحد حتى أن أعدائه أضطروا للإستفادة منه فبعد أن وضعت حرب صيف 94 الآثمة أوزارها آثر البقاء على تربة وطنه المحتل ولم يفر مع الذين فروا على قوارب مهترئة بل بقي صلبا منتظر مصيره في منزله وبين أولاده فما كان من النظام في صنعاء إلا إستدعائه ليعمل كخبير تسليح وهو العمل الذي يجيده ببراعة فوافق مضطرا بعد أن ترك عاما كاملا في منزله يعاني العوز والفاقة وهو العزيز والكريم وذو النفس الأبية وهو مع ذلك الذي قاتل بضراوة في جبهة الضالع منذ بداية تلك الحرب الغاشمة حتى سقطت الضالع بيد مغول العصر وقد كان قاب قوسين أو أدنى من الشهادة حينها إذ أنه تعرض لمحاولة إغتيال غادرة نجا منها بتدخل إلاهي ولم ينج منها سائقه الشهيد عبدالقادر الصبيحي الذي أطلق إسمه على أحد أبنائه وفاءا لذلك الجندي الشهيد وهكذا يكون وفاء القادة مع مرؤسيهم مهما نزلت درجاتهم

وحين إنطلق الحراك الشعبي الجنوبي كان أبرز داعميه سرا لا جهرا وكم هم الزوار الذين كانوا يأمون منزله في صنعاء فيعودون محملون بالدعم المرسل لقادة الحراك وكان هذا الدعم في بدايته مالي وحين إحتاج المناضلون في الضالع للسلاح كان يمدهم بالسلاح وقد ظل هذا الأمر سرا لم يعرف إلا عند القادة الميدانيون في الضالع ولم يعرفه عامة الناس إلا حين تمكن من الخروج من صنعاء بعد إنطلاق عاصفة الحزم وتحرير الضالع

حين عاد إلى الضالع عرض نفسه وخدماته للشرعية ثم للإنتقالي بعدما أستتب له الأمر لكن لم يلتفت إليه أحد منهما فكليهما كانا يبحثان عن قادة (نص كم) أبرز ميزاتهم أن لا يفقهون شيئاً في العسكرية وإستراتيجيتها ونفسه الأبية لم تجعله يلح فعاد أدراجه إلى منزله مجددا ليبدأ صراعه مع المرض الذي لازمه بضع سنوات حتى تمكن منه قبل ساعات فغادر الدنيا أو لنقل أن الدنيا هي التي غادرته فقد عاش عمره لا يلقي لها بالا إذ كان يعطي عطاء من لا يخشى الفقر ويعيش حياة من يتوق إلى الموت

لقد شكل موته خسارة لأهله ومنطقته ووطنه وكان من الممكن لو لقي الإهتمام ممن يمسكون بزمام البلد حالياً كان من الممكن أن يصنع فرقا في الشؤون العسكرية الجنوبية وكان من الممكن أن يستغل علاقاته الدولية الواسعة التي كسبها خلال رحلاته المكوكية طوال ثلاثة عقود من الزمن كخبير أسلحة وكمدير شعبة ثم مدير لدائرة التسليح كان من الممكن أن يستغل تلك العلاقات لتسليح القوات المسلحة الجنوبية بأقل الإمكانيات وبعيدا عن أعين الأعداء والمعترضون لكن للأسف ضاعت علينا فرصة الإستفادة منه مثلما تضيع علينا عشرات الفرص أمام أعيننا كل يوم وكل ساعة فنحن نجيد تبديد الفرص وبعثرتها أكثر من إجادتنا إستغلالها والإستفادة منها

طبعا لمن لا يعرف فأنا إبن خالة المرحوم وربما تكون شهادتي فيه مجروحة لكنني أثق أن ما كتبته عنه هو النزر اليسير مما أعرفه عنه فهو إنسان بكلما تحمله الكلمة من معنى وأنا مسؤول عن كل حرف كتبته عنه أمام الله وأمام الناس

نم قرير العين أيها الجنرال الإنسان وما خاب من عمل مثلما عملت وعليك السلام اليوم حين رحلت وعليك السلام حين تبعث حيا