آخر تحديث :الثلاثاء-15 أكتوبر 2024-02:51ص
ملفات وتحقيقات

تقرير: ما طبيعة التغييرات التي تعتزم مليشيا الحوثي إجراءها في هيكل الدولة بمناسبة المولد النبوي الشريف؟

الخميس - 28 سبتمبر 2023 - 08:12 ص بتوقيت عدن
تقرير: ما طبيعة التغييرات التي تعتزم مليشيا الحوثي إجراءها في هيكل الدولة بمناسبة المولد النبوي الشريف؟
(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول طبيعة التغييرات التي تعتزم مليشيا الحوثي إجراءها في هيكل الدولة..

ما طبيعة التغييرات الجذرية التي يعتزم زعيم الحوثيين إجراءها في هيكل الدولة؟

هل تمس هذه التغييرات المحتملة الدستور اليمني ومبادئ وأسس النظام الجمهوري؟

هل تسعى هذه التغييرات إلى اجتثاث حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء؟

ما مدى صحة التوقعات التي تقول إن هذه التغييرات ستكون على خطى النظام السياسي في إيران؟

هل هذه التغييرات لمصلحة الشعب أم لمصلحة المشروع الطائفي والمذهبي الحوثي؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

تنوي مليشيا الحوثي بعد تسع سنوات من انقلابها على الدولة إعلان ما أسمتها "بالتغييرات الجذرية" بمناسبة المولد النبوي الشريف.

جاء هذا الإعلان على لسان زعيم مليشيا الحوثي في خطاب تلفزيوني لأتباعه الأسبوع الماضي بمناسبة الذكرى التاسعة لانقلابهم على الدولة اليمنية 21 سبتمبر 2014م.

وصرح زعيم المليشيا عبد الملك الحوثي أنه سيتخذ إجراء تغييرات جذرية واسعة على مرحلتين في مؤسسات الدولة مع ذكرى المولد النبوي، في احتفال شعبي أقامته جماعته عصر يوم الأربعاء الماضي.

وكشفت مصادر إعلامية يمنية أن عبدالملك الحوثي، يعتزم إلغاء منصب رئيس الوزراء وإلحاقه برئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى الذي يترأسه مدير مكتبه السابق مهدي المشاط.

وبينت المصادر أن القرار الذي سيعلن في احتفالية المولد النبوي، هو ضمن قرارات أخرى ستغير من نظام الحكم الجمهوري في صنعاء والمحافظات الواقعة تحت سيطرة المليشيا على شاكلة النموذج الإيراني.

ومن المتوقع أن تطال هذه التغييرات الأنظمة والسياسات والقوانين والإجراءات القائمة، وسط اعترافات من قبل قيادات حوثية رفيعة أن الفساد والفشل نخر كل مؤسساته ورجالاته.

وتدور تساؤلات عدة حول طبيعة هذه التغييرات كونها جذرية، هل هي تهيئة لمغادرة المشهد السياسي، أم اجتثاث ما تبقى من المؤتمر الشعبي العام أم تغيير شكل الدولة اليمنية ونظامها الجمهوري أم كليهما معا؟

> رفض مؤتمري للتغييرات

يبدو أن الحوثيين قد وصلوا لاكتفاء ذاتي، وأنهم قادرون على فهم كيف يملؤون الفراغ في المواقع والمناصب في الجهاز الحكومي للدولة، وما هذا الإعلان عن التغيير المزعوم إلا على طريق عملية اجتثاث واسعة سوف يقومون بها، لما تبقى من أنصار المؤتمر الشعبي العام في العاصمة صنعاء- يقول مراقبون.

وكردة فعل أولية وردا على تهديد زعيم مليشيا الحوثي بإجراء تغييرات وصفها بـ "الجذرية" على مؤسسات الدولة الخاضعة لسيطرتهم، أعلن فرع حزب المؤتمر الشعبي العام في العاصمة صنعاء أول أمس الأحد وعلى لسان صادق أمين أبو رأس، رفضه أي تغييرات تتناقض مع ثورة 26 سبتمبر.

وقال الحزب في بيان له بمناسبة الذكرى الحادية والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر "إن أي تحول أو تغيير يجب أن يرتبط وينطلق ويستمد مشروعه وقيمه ومبادئه من الأهداف الستة لثورة 26 سبتمبر وقيمها ومثلها الوطنية"، مضيفا "إن قيم وأهداف 26 سبتمبر كانت وستظل شعاع النور والتنوير الذي يجب أن نهتدي به في كل مراحل التحولات التي تمر بها اليمن واليمنيون"، مشيرا إلى أن المؤتمر ولد من رحم ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 2691م.

وجدد الحزب في البيان تأكيده أنه سيظل يكرر مواقفه في التمسك والدفاع عن الثوابت الوطنية المتمثلة بالثورة اليمنية وأهدافها، والنظام الجمهوري والوحدة الوطنية، والنظام الديمقراطي الذي يكفل للشعب اختيار حكامه، وحق التعبير عن آرائه وقناعاته وتوجهاته، وفقاً لنظام دستوري وقانوني يكفل المواطنة المتساوية، وتحقيق العدالة الاجتماعية ورفض النزعات المتطرفة مذهبية كانت أو مناطقية أو قروية أو انفصالية.

ويأتي هذا البيان للحزب بعد شهر من خطاب لرئيسه صادق أمين أبوراس الذي أكد دعم مطالب الموظفين وحقهم في الاحتجاج والمطالبة بصرف المرتبات المتأخرة، وبشكل منتظم من إيرادات الضرائب والجمارك المهولة التي تتحصل عليها الجماعة من ميناء الحديدة والجبايات التي تفرضها على رجال المال والأعمال، داعيا الحوثيين إلى الشفافية والوضوح، فيما يتعلق بالإيرادات والنفقات وعدم إدارة الدولة من البدرومات، حد وصفه.

هذا الخطاب لـ "أبو رأس" تسبب بأزمة حادة واسعة بين مليشيا الحوثي وشريكها "المفترض" المؤتمر الشعبي العام.

واعتبر مراقبون خطاب الحوثي بأنه تهديد للشريك "الافتراضي" المؤتمر الشعبي العام، ومحاولات حوثية لاجتثاث ما تبقى لديه من المناصب الصورية في مؤسسات الدولة الخاضعة لسيطرتهم.

وبدوره علق الكاتب السياسي صالح البيضاني على حسابه في منصة (إكس) إعلان الحوثيين تغييراتهم بقوله: "يستعد الحوثيون لإنهاء الشراكة الشكلية مع حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء واتخاذ قرارات جديدة تمكّن الجماعة من إحكام قبضتها على مفاصل المؤسسات المدنية والعسكرية بشكل كامل، وإزاحة كل الكوادر المحسوبة على الدولة قبل الانقلاب، استباقا لأي اتفاق قادم ينهي الحرب.

ويرى "البيضاني" أن هذا التطور الدراماتيكي المرتقب يأتي بناء على نصائح تلقاها الحوثيون من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.

> تغييرات في هيكل الدولة

أقر زعيم المليشيا الحوثية عبد الملك الحوثي أن حجم الاختلالات في أداء مؤسسات الدولة القائمة يتطلب تغييرا جذريا يعيد للشعب الأمل والانتعاش، في محاولة منه لامتصاص الاحتقان والغضب الشعبي المتصاعد ضد همجية جماعته، التي فشلت في صرف مرتبات موظفي الدولة، وتوفير أبسط الخدمات الضرورية والأساسية للمواطنين الخاضعين لسلطتها.

كما أعترف أن حجم الاختلالات الكبيرة في مرافق الدولة، يتطلب ما أسماه بـ "التغيير الجذري" في المرحلة الأولى التي ستوفر- كما يزعم- أرضية صلبة ومنطلقًا ثابتا وسليما.

ومن خلال المتابعة لما يكتب من قبل أنصار المليشيا الحوثية عن التغيير الجذري المزعوم، فإن هذا التغيير يفهم على أنه يؤدي إلى طريق ما أسماه أحد قياداتهم بـ "النصر النظيف لعباده"، وهذا النصر النظيف لا يتم إلا بالغربلة لكل من يخالف مشروعهم الطائفي والمذهبي والسلالي، كما يشمل كل من يعترض على طريقتهم في الحكم وإدارة الدولة.

وتذهب بعض التوقعات إلى أن التغيير الجذري المزمع تنفيذه على عدة مراحل، يستهدف ابتداء إعادة الهيكل التنظيمي العام للدولة، الذي يشمل الجهاز الإداري الحكومي، مع دمج بعض الوزارات وإلغاء بعض الهيئات والمؤسسات الحكومية، وفق استراتيجية جديدة تخدم المشروع الطائفي والسلالي الاستحواذي، علاوة على إعطاء "سلطة المشرفين" صلاحيات كاملة وإزالة كل العراقيل التي تقف أمام هذا المشروع المدمر للدولة والمجتمع ومن هنا يتساءل كثيرون، كيف تبشر الجماعة الحوثية الشعب بالتغيير، وهي تستحوذ على 80 بالمائة من الوظائف في المكاتب والمؤسسات والهيئات والمصالح الحكومية، وما تبقى من 20 بالمائة من الوظيفة العامة، هي لعامة الموظفين الذين يحتاجون لهم في وظائف تخصصية في مجالات تفتقر الجماعة لمؤهلين موالين يمكن أن يشغلوها.

ويتوقع متابعون أن هذه التغييرات قد تطال إجراءات تمكنهم من السيطرة الكاملة على ما تبقى من السلطة الرمزية للبرلمان اليمني، بالإضافة إلى إجراء تغييرات قانونية، بموجبها يمنح الجماعة صلاحيات الحق في سحب الحصانة عن الأعضاء الذين ينتقدون فساد الجماعة وطريقة أدائها لإدارة الدولة كالقاضي أحمد سيف حاشد وآخرين.

> ترحيب ممزوج بالسخرية

قوبل إعلان زعيم المليشيا الحوثية بما سماها "بالتغييرات الجذرية" مباركة وترحيب من قبل أنصاره، وتحفظات وسخرية من قبل آخرين.

ويعتقد كثيرون أنه طالما يجري الحديث عن تجزئة التغيير على مراحل، فإن الحديث هنا يشير إلى برامج عمل لا أكثر، وبالتالي لن يجري التغيير إلا على يد "سلطة المشرفين" الحاليين، ومنظومة الحكم للجماعة نفسها التي تدير المشهد السياسي والاقتصادي في صنعاء، بشكل عبثي منذ انقلابهم المشؤوم على مدى التسع سنوات الفائتة.

ووفق زعيم الجماعة الانقلابية، فإن الأسس والمنطلقات التي سيعتمد عليها هذا التغيير الجذري هي ما وصفها "بالهوية الإيمانية" في إطار القواسم المشتركة والشراكة الوطنية، وتحقيق الاستقلال والحرية لليمن، حد زعمه.

وفي هذا السياق سارع المجلس السياسي الأعلى للحوثيين بالمباركة والترحيب بما سماها بـ "قرارات التغيير الجذري"، التي ستتخذها قيادتهم في المولد النبوي الشريف، ووصفها بالجريئة والشجاعة تلك التي سيتخذها زعيم الحوثيين باعتباره هو الجدير باتخاذ مثل هذه القرارات.

يتوقع محللون سياسيون أن التغييرات قد تطال المجلس السياسي الأعلى وهيكلته من جديد، وإجراء تغييرات ربما لن تستثني رئيس المجلس الحالي المشاط نفسه، مع الدفع بأعضاء جدد موالين للجماعة، فضلا عن تشكيل حكومة تشاركية صورية لا تقدم ولا تؤخر فيما يخص حياة المواطنين ومعيشتهم.

ووفق تقارير صحفية، فإن هناك توقعات بمشاركة رمزية لبعض المكونات الجنوبية التي تعيش في صنعاء في المجلس السياسي أو الحكومة الخاضعين لسلطتهم، لكن ضمن عنوان الجماعة ذاته "الهوية الإيمانية"، وليس ضمن عنوان آخر كالهوية الوطنية الجامعة على سبيل المثال.

ومؤخرا ظهر عضو المجلس السياسي للجماعة علي القحوم في لقاءات بالعاصمة صنعاء مع القيادي في الحراك الجنوبي المشارك في مؤتمر الحوار الوطني "باراس"، وتم تفسيرها في إطار هذا السياق السياسي.

وأطلق رئيس ما يسمى "باللجنة الثورية العليا " محمد علي الحوثي، هاشتاج تحت اسم "فوضناك.. يا قائد الثورة"، دعا فيها أنصاره ومريديه لمشاركة "الهشتاج"، وسط سخرية من المناوئين للحوثيين من المباركة والترحيب لقرارات لم يعلن عنها بعد ولم يعرف طبيعتها وكنهها.

يطرح معارضون لحكم الجماعة تساؤلات عدة بهذا الخصوص من هذا القبيل: ما هي صفة من أعلن عن هذا التغيير من الناحية الدستورية والقانونية، وما هو مسماه الوظيفي في الهيكل التنظيمي أو ضمن السلطات الثلاث الذي أقرها دستور الجمهورية اليمنية؟

وسخروا من هذه المسميات والعناوين التي تجري الجماعة تحتها التغيير، كونها تخص "الجماعة" واتباعها، ولا تعني الشعب اليمني بشيء، فالتغيير الذي ينشده الشعب هو فك الارتباط بين سلطة المسئول والمشرف والمندوب، لصالح تفعيل دولة القانون وعمل المؤسسات الذي لا يستثني أحد سواء أكانوا أحزابا وكيانات أو أشخاصا وجماعات.

ختاما.. لا يأمل كثيرون من هذا الإعلان أي تغيير إيجابي لمصلحة الشعب من قبل الجماعة التي انقلبت على الدولة ابتداء، علاوة على أن التغيير المعلن عنه يجري على أساس "الهوية الإيمانية للجماعة" وليس على أساس الكفاءة والقدرة والمؤهلات والمواطنة المتساوية.

كما أنه في الوقت نفسه يخشون من أن تطال هذه التغييرات مبادئ وأسس الجمهورية اليمنية ونظامها الجمهوري، وتحول النظام السياسي في صنعاء إلى نظام على شاكلة النظام الإيراني في طهران.