آخر تحديث :الثلاثاء-22 أكتوبر 2024-03:23ص
ملفات وتحقيقات

من نيويورك.. الزُبيدي يحدد الخيارات القادمة(تقرير)

الإثنين - 25 سبتمبر 2023 - 09:29 م بتوقيت عدن
من نيويورك.. الزُبيدي يحدد الخيارات القادمة(تقرير)
(عدن الغد)خاص:

قراءة في زيارة الزبيدي إلى الولايات المتحدة وحضوره جلسات الجمعية العمومية للأمم المتحدة..

ما المكاسب التي حققها المجلس الانتقالي الجنوبي من زيارة الزبيدي في الولايات المتحدة؟

ما دلالات اللقاءات التي عقدها رئيس المجلس الانتقالي مع دبلوماسيي العالم؟

ما النتائج المترتبة على مثل هذه الزيارة التي حظيت باهتمام جنوبي كبير؟

كيف سيتعاطى العالم مع دعوات المجلس الانتقالي الجنوبي ومطالب زعيمه؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

حظيت مرافقة رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اللواء عيدروس الزبيدي لرئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي، في زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية لحضور جلسات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، باهتمام الجنوبيين في كل مكان، الذين اعتبروها زيارة تاريخية وسياسية في آن معًا.

ورغم أن زيارة الزبيدي إلى نيويورك جاءت بناءً على صفته كنائب لرئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، إلا أنه ليس من المستغرب أن يتلقف أنصار الانتقالي فرصة الزيارة لتوظيفها سياسيا في خدمة غايات وأهداف التوجه الجنوبي في استعادة الدولة وفك الارتباط والانفصال، وما إلى ذلك من المطالب التي ينادي بها المجلس الانتقالي.

ولا غبار على ذلك، وليس من المعيب أن يستغل الانتقالي زيارة الزبيدي برفقة العليمي إلى نيويورك لتسخير هذه الزيارة في خدمة القضية الجنوبية، خاصة أن هذه القضية باتت اليوم محل نقاش واعتبار لدى كثير من الدوائر الدبلوماسية الدولية، وأصبح العالم يتقبلها الحديث عنها حتى ضمن جهود السلام القائمة حاليا.

وبغض النظر عن مشاركة الزبيدي وجلوسه خلف "لافتة اليمن" في جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولقائه بدبلوماسيين وساسة غربيين وشرقيين تحت هذا المسمى، إلا أن الانتقاليين لم يفوتوا فرصة هذا التواجد لزعيمهم في مدينة الدبلوماسية العالمية نيويورك، وتجلى ذلك من النشاط الإعلامي والجماهيري الذي مارسه الزبيدي بإيعاز وتنظيم من انتقاليي أمريكا والجالية الجنوبية في نيويورك.

فكانت الحوارات الصحفية التي أجراها رئيس المجلس الانتقالي الحنوبي مع عدد من وسائل الإعلام الدولية والغربية مناسبة للحديث عن مطالب المجلس ودعوات الجنوبيين والانتقاليين على وجه التحديد، ونظرتهم لمستقبل ومصير الجنوب، في خضم التحركات الإقليمية والدولية الجارية للانتقال إلى تسوية سياسية شاملة للحرب والأزمة اليمنية.

وهي مناسبة استغلها الزبيدي والانتقالي لإرسال رسائلهم السياسية إلى العالم انطلاقا من نيويورك، وفيها قال رئيس الانتقالي الكثير، وباح بالعديد من النقاط التي مثلت مرتكزا لمطالب الجنوبيين التي تبناها المجلس الانتقالي الجنوبي، فليس من السهل أن يتم الإعلان عن مثل هذه الدعوات والمطالب من داخل مدينة الدبلوماسية العالمية، بحسب مراقبين جنوبيين.

كما أن اللقاء الجماهيري الذي شهدته مدينة نيويورك، ونظمته الجالية الجنوبية هناك، لم يكن لقاءً عاديًا، فمن خلاله أيضا سعى الانتقالي ومنظمو اللقاء إلى إيصال رسالة أخرى، لكنها هذه المرة رسالة جماهيرية وشعبية، ولا يعتقد أحد أن مثل هذه الفعاليات ستمر مرور الكرام، دون أن تُحدث حراكا أو تُلفت أنظار العالم إلى القضية الجنوبية.

فالزيارة حتى ولو جاءت تحت عباءة اسم اليمن، وبرفقة رئيس المجلس الرئاسي اليمني، إلا أنها أدت مهمتها وحققت أهدافها السياسية بالنسبة للجنوبيين، حتى قبل أن تقلع الطائرة الرئاسية التي أقلت العليمي والزبيدي من عدن، من خلال الزخم الإعلامي والدعائي الذي سبقها ومرافقها، وهو ما يحسب للانتقالي، وآلية إدارته لمثل هكذا فرص سياسية ودبلوماسية.

 مكاسب الزيارة

بصرف النظر عن أية مبالغات، وبعيدا عن أسلوب إعلام المجلس الانتقالي بمنأى عن أي تكلف، فإن مجرد تواجد اللواء الزبيدي في محفل دولي ودبلوماسي بهذا الحجم، لا يمكن أن يمر دون تحقيق مكاسب سياسية حقيقية، خاصة إذا كان الشخص نفسه أو هذا المسئول يحمل قضية سياسية ما، كالزبيدي مع قضية الجنوب.

حتى وإن كان هذا التواجد كان تحت عباءة التمثيل اليمني عبر المجلس الرئاسي أو عن كونه نائبا لأعلى هيئة رئاسية في اليمن، لكن الزبيدي يبقى لدى الجنوبيين وحتى عند السياسيين الإقليميين والدوليين ممثلا للقضية الجنوبية، بغض النظر عن التواجد السياسي في مثل هكذا منصب يمني رفيع.

وبالتالي فإن أي لقاءات مع سياسيين ودبلوماسيين دوليين وغربيين يعني أن القضية الجنوبية ستكون حاضرة وبقوة، كون هذا الشخص (الزبيدي) ممثلا ومتحدثا باسم هذه القضية، أو هكذا ينبغي أن يكون، حتى إن كان الحديث عن جهود السلام والحراك الخاص بالتسوية السياسية للحرب في اليمن.

خاصة وأن القضية الجنوبية لا يمكن تجاوزها في أية تفاهمات سياسية فيما يتعلق بمستقبل الأزمة اليمنية، لأنها باختصار إن لم تجد لها معالجة مناسبة فإن أية اتفاقيات لن يُكتب لها النجاح في ظل وجود بؤرة للصراع ما زالت مشتعلة وملف ساخن لم يُغلق بعد، وهو بالضبط ما ينطبق على القضية الجنوبية ومطالب الجنوبيين بالانفصال أو بأحد أدنى بإقليم مستقل وبامتيازات واسعة.

ومهما كانت المطالب والدعوات إلا أن زيارة الزبيدي لفتت أنظار العالم والدبلوماسية الدولية إلى ما يحدث في الجنوب، حيث استغلها الانتقالي بالتعريف أكثر بمطالب الجنوبيين، وهي مكاسب حقيقية وملموسة، حتى وإن رفض البعض التسليم بهذا كمكاسب سياسية من وراء هذه الزيارة.

وما يؤكد هذه المكاسب أن اللواء الزبيدي التقى بشكل مباشر مع شخصيات وقيادات ودبلوماسيين معنيين مباشرة بالملف اليمني، وتتدخل بلدانهم بشكل كبير في الأزمة اليمنية، وهذه العوامل هي من دفعت أولئك السياسيين للجلوس مع الزبيدي للتعرف عن قرب لمطالب المجلس الانتقالي الجنوبي، والاستماع من رئيس المجلس لموقفه من التسوية السياسية، والتي غالبا ما دعا الانتقالي إلى ضرورة أن تشمل ضمانات مُرضية للقضية الجنوبية.

ويبدو من اللقاءات التي أجراها الزبيدي تأكيدات الرجل عن وجوب النظر إلى تطلعات الجنوبيين، خاصة فيما يتعلق بخيار "حل الدولتين" الذي تحدثت عنه وسائل إعلام الانتقالي، نقلا عن صحف ودوريات إعلامية دولية، والتي حرص الزبيدي على إجراء حوارات معها لإيصال رسائل الانتقالي السياسية ومطالب الجنوبيين.

ومن المؤكد أن هذه اللقاءات، سواءً السياسية مع الدبلوماسيين، أو الإعلامية مع الصحف ووسائل الإعلام حملت معها الكثير من المواقف المعلنة تجاه عملية السلام في اليمن من وجهة نظر المجلس الانتقالي الجنوبي، وهذا من شأنه بلورة القوى الدولية موقفا شاملا من التسوية، يجعلها أكثر تماسكا وتُرضي جميع الأطراف، وبما ينعكس على استقرارها ونجاحها، وهذا ما يفسر الهدف من زيارة الزبيدي برفقة العليمي إلى نيويورك، والمتمثل في تحديد مواقف كافة القوى السياسية من التسوية القادمة، بمن فيهم المجلس الانتقالي نفسه.

النتائج المتوقعة

لا أحد يمكنه أن يجزم بحقيقة النتائج المتوقعة من مرافقة الزبيدي للعليمي والتواجد خلال اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وتأثيرات ذلك على القضية الجنوبية ومصير المجلس الانتقالي الجنوبي، فهي تبقى في النهاية مجرد تكهنات.

لكن الشيء الذي يتفق حوله الجميع أن تواجد الزبيدي هناك في نيويورك أضفى بُعدا إضافيا للقضية الجنوبية، وأعلى من أسهم المجلس الانتقالي الجنوبي، ومنح أنصاره مزيدا من الزخم السياسي والأمل في تحقيق تطلعات الشعب في المحافظات الجنوبية.

كما أن انعكاسات ذلك لا يقتصر فقط على القضية الجنوبية والمجلس الانتقالي الجنوبي فقط، ولكنها تتعدى كل ذلك لتصل تأثيراتها ونتائج هذه الزيارة إلى تحقيق الاستقرار وكتابة نجاح التسوية السياسية التي يترقبها الجميع، والتي لن يكتمل نجاحها إلا بقبول كل الأطراف بما يتم التوصل إليه.

ويكفي للزيارة أنها أرضت (غرور) كثير من الجنوبيين وأنصار الانتقالي المتحمسين، ومنحت الانتقالي ورئيسه شعبية جديدة بعد أن كانت قد تراجعت مؤخرا بسبب تردي الخدمات في المحافظات الجنوبية وتململ الشارع الجنوبي من موقف الانتقالي نتيجة حرب الخدمات الممارسة بحق الشعب.

لكن في الأخير، ثمة أمر مهم لا بد من مراعاته ع الحديث عن أية نتائج متوقعة لزيارة الزبيدي إلى الولايات المتحدة، وهذا الأمر يطمن في كيفية تعاطي العالم والمجتمع الدولي مع ما طرحه الزبيدي من دعوات ومطالب تمسك بها الجنوبيون والمجلس الانتقالي لسنوات، ولا يبدو أنه مستعد للتنازل عن أي منها.