آخر تحديث :الأحد-01 سبتمبر 2024-02:34ص

ملفات وتحقيقات


تحليل: وسط فوضى التسريبات.. كيف تسير المفاوضات والنقاشات في الرياض؟

الإثنين - 18 سبتمبر 2023 - 08:22 ص بتوقيت عدن

تحليل: وسط فوضى التسريبات.. كيف تسير المفاوضات والنقاشات في الرياض؟

(عدن الغد)خاص:

ما أبرز التسريبات الإعلامية حول المفاوضات التي تجرى في الرياض؟

هل تتجاوز نتائج المفاوضات ما ورد في الاتفاقات السابقة والمبادرة السعودية للسلام؟

هل هناك نتائج مختلفة هذه المرة.. أم كسابقاتها دون تنفيذ حوثي؟

هل يتم تجاوز المرجعيات الثلاث أم ما يجري مجرد تسوية أولية وفقا لهذه المرجعيات؟

(عدن الغد) القسم السياسي:

وسط التكهنات والتسريبات من هنا وهناك، يترقب اليمنيون أن تأتيهم بشرى سارة، تعلن عن وقف الحرب وإحراز تقدم ما في الملف الإنساني على أقل تقدير.

وعلى ما يبدو فإن المفاوضات تسير على الوجه الذي أراده الطرفان المتفاوضان، بعيدا عن أعين الكاميرات وفضول الصحفيين.

ومع ذلك لم يترك لمسار التفاوض أن يسير دون تسريبات عما يدور في المفاوضات التي لا أحد يعرف على وجه الدقة: هل بدأت أم ما يزال الضيوف نزلاء في فندق ما في الرياض أسرى اشتراطاتهم وسقفهم المرتفع؟

نحن اليوم في يومنا الرابع منذ أن وصل الوفد الحوثي بصحبة الوسيط العماني مساء الخميس الماضي، ولا حديث عن النقاشات التي تجرى في الرياض بشكل رسمي إلا عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإعلامية والصحف الموالية للرياض وطهران، كصحيفة الشرق الأوسط السعودية أو الأخبار اللبنانية، فضلا عن الأخبار التي تأتي عبر الإعلاميين المقربين من الوساطة العمانية.

من الواضح أن المفاوضات تجرى ليس في غياب الكاميرات، بل في غياب مجلس القيادة الرئاسي والمبعوث الأممي والرباعية الدولية، وهو ما يجعل مستوى المفاوضات محصورة في الملفات الشائكة بين المملكة العربية السعودية وجارها في حدها الجنوبي، وربما لن تتجاوز هذه النقاشات ما ورد في اتفاق ظهران الجنوب الموقع بين الطرفين في 2016م والمبادرة السعودية التي أطلقتها المملكة في 21 مارس 2012م، مع ترحيل الملفات المتعلقة بالتسوية النهائية في البلاد.

> تسريبات إعلامية في صحف مقربة

لا أخبار رسمية حول المفاوضات والنقاشات التي تجرى في الرياض بين وفدي المملكة العربية السعودية ومليشيا الحوثي منذ أربعة أيام، سوى ما رشح من تسريبات من صحف ومواقع إعلامية مقربة من الطرفين المتفاوضين.

وفي هذا السياق أكدت مصادر دبلوماسية في حديث إلى الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله الموالي لطهران، أن السعودية بدأت بإجراء ترتيباتها منذ أيام لحفل توقيع إنهاء حالة الحرب في اليمن بشكل رسمي، الذي ستجري مراسمه في الرياض بحضور ممثلين عن المجلس الرئاسي الموالي للتحالف العربي بقيادة السعودية، والوفد الحوثي المفاوض والوسيط العماني، وممثلين عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ومجلس التعاون الخليجي والأمين العام للجامعة العربية.

وطبقا للصحيفة اللبنانية، فإن الإعلان المتوقع إذاعته مساء اليوم الإثنين بحسب تصريحات إعلامية لمقربين من الوساطة العمانية، فإن إعلان الرياض سيشمل اتفاقاً لوقف إطلاق النار والتوقيع على التفاهمات التي تم التوصل إليها بخصوص صرف الرواتب، وفتح الطرقات وتوسيع وجهات الرحلات التجارية من مطار صنعاء إلى خمسة مطارات أخرى، بالإضافة إلى حل ملف الأسرى والمعتقلين المتعثّر وفق قاعدة الكل بالكل.

وذكرت المصادر الدبلوماسية المطلعة للصحيفة أن المباحثات تحدثت عن توجه سعودي- أميركي- أممي، لترحيل عدد من الخلافات حول آليات التنفيذ إلى جولات قادمة، سيتولّى ترتيبها مكتب المبعوث الأممي لدى اليمن هانس غروندبرغ.

وكان رئيس الوفد الحوثي المفاوض محمد عبد السلام، أوضح لصحيفة "الشرق الأوسط" أن زيارة الوفد للرياض، تأتي في إطار النقاشات بين الطرفين السعودي والحوثي، في لقاءات عدة في مسقط وصنعاء، ما يعني أن الزيارة هدفها فقط التوقيع على ما تم الاتفاق عليه في النقاشات السابقة.

وقال عبد السلام إن "السلام" هو الخيار الأول الذي يجري العمل عليه، معبرا عن أمله أن تتوج نقاشات الرياض بتقدم ملموس في كل الملفات الإنسانية والعسكرية والسياسية، وبما يحقق السلام والاستقرار في اليمن ودول الجوار والمنطقة.

وفي رده على سؤال عما إذا كان متفائلاً بنتائج هذه المفاوضات، أجاب عبد السلام بقوله: نتفاءل دائماً بالخير، والسلام مطلب أساسي لنا وخيارنا الأول الذي نعمل عليه.

يرى مراقبون أن ما ورد في الصحيفة اللبنانية إن تم فإن ذلك يعني أن الحوثيين قد اعترفوا أن قائدة التحالف العربي المملكة العربية السعودية مجرد وسيط وليس طرفا في هذه الحرب، كما كان تأمل مليشيا الحوثي أثناء زيارة السفير السعودي لدي اليمن محمد آل جابر إلى صنعاء في إبريل الماضي.

وطبقا لمحللين سياسيين، فإن الحوثيين بهذه الخطوة قد خسروا ورقة الإصرار على أن السعودية طرفا في الحرب، وسيكون موقفهم محرج أمام أنصارهم الذين خدعوهم طيلة السنوات الماضية.

> تسريبات عن مصادر مستقلة

تقول مصادر مستقلة إن المليشيات الحوثية وسعت من مطالبها، التي قدمتها في مفاوضاتها عبر وفدها المتواجد في العاصمة السعودية الرياض، وذلك بإضافة عدد من المطالب الجديدة.

وحسب ما ذكرته الوزيرة السابقة حورية مشهور على حسابها في منصة "إكس"، فإن الحوثيين وسعوا من مطالبهم السابقة التي ناقشوها في اتفاق ستوكهولم، مشيرة بأن اليمنيين يتابعون مشاورات الرياض الراهنة، بأمل أن تفضي فعلاً إلى انفراج في حياتهم التي سحقتها حرب التسع سنوات.

وقالت مشهور: "الملفات التي يدور حولها النقاش هي ذاتها التي جرت في ستوكهولم وفي مقدمتها صرف رواتب الموظفين، وكان الكلام محصور على المدنيين ولكنه اتسع ليشمل العسكريين، بالإضافة إلى موضوع توحيد البنك وانقسام العملة والأسرى والمعتقلين وفتح منافذ الطرق".

وأضافت مشهور أن هذه النقاط تعزز الثقة بين الطرفين، وتمهد لمشاورات أكثر تقدماً ومفاوضات وحوارات باتجاه السلام والعودة للمسار السياسي، مشيرة إلى أن ضمن التسريبات التي ترد أن يتم نقل البنك المركزي إلى دولة محايدة، وهذه في اعتقادي فكرة غير سديدة- تستدرك مشهور.

وزادت "مشهور" إذا لم يستطيعوا إدارة بنك في داخل الوطن، وفقاً لضوابط يتم الاتفاق والتوافق حولها فكيف سيديرون بقية الملفات الشائكة، خاصة في الجانب الأمني والعسكري الذي هو الأساس في تحقيق وتثبيت الأمن والسلام وإنعاش الاقتصاد والاستقرار.

واختتمت قائلة: النقود والأموال بحد ذاتها وسيلة وليست غاية، أما الإنسان وأمنه واستقراره هي الغاية والهدف الأسمى من كل هذه الجهود الدبلوماسية لوقف الحرب.

وفي نفس السياق يقول الصحفي فارس الحميري إن النقاشات الجارية طبقا لمصادر يمنية، نقاشات شبه نهائية في عدد من الملفات، التي كان قد تم مناقشتها سابقا في كلا من مسقط وصنعاء.

يضيف "الحميري": أولى هذه الملفات هو الملف العسكري، إذ أبرز ما تركز عليه النقاشات في الملف العسكري، يتمثل في تثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم في أنحاء اليمن، بما في ذلك الغارات الجوية والهجمات العابرة للحدود.

يليه الملف الاقتصادي الذي يركز على إعادة تصدير النفط والغاز من الحقول اليمنية، على أن تخصص العائدات لصرف مرتبات جميع الموظفين مدنيين وعسكريين في المحافظات اليمنية كآفة، ولضمان استخدام عائدات النفط والغاز للمرتبات، هناك مقترحات أهمها توريد العائدات الى أحد البنوك في دولة محايدة، ومنها تتم عملية الصرف عبر آلية يتم الاتفاق عليها.

وحسب "الحميري"، فإن المقترحات في هذا الملف تتضمن توحيد وإعادة هيكلة البنك المركزي اليمني ونقله الى دولة محايدة- بشكل مؤقت- لتنفيذ مهامه بشكل مهني ومحايد.

المنافذ الدولية والطرق كان لها نصيب في النقاشات، إذ سيتم رفع كافة القيود عن مطار صنعاء الدولي، وكذا عن ميناء الحديدة وإلغاء الآلية الأممية في تفتيش السفن المعمول بها منذ عدة سنوات، بالإضافة إلى أن النقاشات تركزت حول فتح بعض الطرقات بشكل تدريجي ومتزامن منها طرق رئيسية في محافظات تعز والضالع ومأرب والحديدة.

تشير التسريبات الصحفية أيضا إلى أن الملف السياسي سيتأجل الحديث عنه، قبل تنفيذ بنود وقف إطلاق النار في البلاد بشكل نهائي، وبدء تنفيذ البنود المتعلقة بالملف الإنساني والاقتصادي، في إطار التحضير لعملية سياسية يمنية شاملة.

المصادر المستقلة تؤكد أن النقاشات الجارية حاليا في الرياض، تجري دون وجود ممثلين عن المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية، لكن في حال التوصل إلى نقاط اتفاق نهائية، فإن الحكومة والحوثيين هم من سيوقعون على الاتفاق برعاية من الأمم المتحدة.

وفي سياق متصل قالت مصادر إعلامية إن المفاوضات سوف تكون على مرحلتين الأولى بين السعودية من جهة والحوثيين من جهة أخرى، حول وقف الحرب وتوسيع وجهات الرحلات التجارية من مطار صنعاء إلى خمسة مطارات أخرى، وفتح الموانئ وإيرادات النفط والغاز.

أما المرحلة الثانية بين مجلس القيادة الرئاسي والحوثيين، بخصوص صرف المرتبات وفتح الطرقات، بالإضافة إلى حل ملف الأسرى والمعتقلين المتعثّر وفق قاعدة الكل بالكل.

> بيانات ترحيب وتأكيد على المرجعيات

وفي الوقت الذي صدرت بيانات رسمية، ترحب بالمفاوضات والنقاشات التي تجري في الرياض من قبل المجلس الرئاسي وحكومته ومجلسي النواب والشورى، غير أن بيان مجلسي النواب والشورى أكدوا فيه على "المرجعيات الثلاث" كأساس لأي عملية سلام عادل تجري في البلاد.

هذه "المرجعيات" هي التي تحاول التملص منها مليشيا الحوثي عبر فتح حوار مباشر مع المملكة العربية السعودية، باعتبارها الممثل والوريث الشرعي للجمهورية اليمنية، كأمر واقع فرضته منذ انقلابها على الدولة في عاصمة اليمنيين صنعاء 21 سبتمبر 2014م.

وعلى الرغم من ترحيب المجلس الانتقالي الجنوبي بهذه الخطوة، إلا أنه أكد أن حل "قضية شعب الجنوب" لن يتم إلا وفقا لاتفاق الرياض، بالإضافة إلى ما نصت عليه مشاورات الرياض الثانية بوضع إطار تفاوضي خاص بشأنها.

يرى الناشط السياسي في المجلس الانتقالي الجنوبي صلاح بن لغبر على حسابه في منصة (إكس)، أنه لا يوجد حتى الآن أي اتفاق سلام، وما يجري عبارة عن مفاوضات سرية منذ أشهر في غرف مغلقة بين الحوثيين وأطراف خارجية، لكنها كانت كلها تبحث في إمكانية إطلاق عملية سلام ومفاوضات طويلة الأمد، وهذا لم ينجح حتى الآن.

ويرى "بن لغبر" أن ما يبحث خلال الأشهر الأخيرة يصب في مناقشة تلبية مطالب الحوثيين حول الرواتب والمنافذ، وشرعنة حكمهم في مناطق سيطرتهم قبل الدخول في عملية سلام، حد تعبيره.

أما فيما يتعلق بمجلس القيادة الرئاسي- حسب وصفه- فهو مثل "الأطرش في الزفة"، لكنه سيستدعى لتوقيع أي اتفاق محتمل، مضيفا أن ما تم الاتفاق عليه لا يتعدى تنازلات جديدة تقدم للحوثي في مسألة الرواتب والإيرادات والمنافذ، بينما ننتظر أن يتم التوقيع على تسليم الموظفين وجنود الحوثيين الرواتب، بالإضافة إلى تسليم ميزانيات كاملة لكل المؤسسات الحكومية في صنعاء ومناطق الحوثيين مع بقائها تحت سيطرتهم، وتسليمهم جزءاً من إيرادات النفط والموانئ والغاز.

واختتم "بن لغبر" توقعاته أن كل هذه التنازلات مقابل أن يوافق الحوثي مستقبلاً على الانخراط في مباحثات سلام مع الطرف الداخلي، ويتنازل عن شرط أن تكون المفاوضات مباشرة مع التحالف وهو حتى الآن لم يوافق، بينما يستمر في حصد التنازلات.

ختاما.. في ظل التكتم الشديد تجري المفاوضات والنقاشات في الرياض، ولا تصريحات أو روايات من مصادر مسؤولة حتى الآن، سوى التسريبات التي ذكرناها في ثنايا التقرير، وهو الذي يجعلنا ننتظر عما ستسفر عنه الساعات أو الأيام القادمة من نتائج تذاع عبر مؤتمر صحفي أو بيان لقطع الشك باليقين.