نبدأ جولتنا من صحيفة التايمز التي نشرت مقالا عن الموقف الحالي للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بين مرشحي الرئاسة الأمريكية المحتملين وما يحرزه من تقدم في استطلاعات الرأي مع التركيز على الأسباب التي قد تكون وراء هذا التقدم.
وذكرت كاتبة المقال ليونيل شايفر أن ترامب حظي برفض شعبي أقل من الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، إذ أشارت استطلاعات رأي إلى أن 53 في المئة من الأمريكيين يرون أن الرئيس السابق ليس مؤهلا لحكم البلاد مرة ثانية بينما رأى 55 في المئة أن بايدن ليس لائقا لحكم الولايات المتحدة فترة ولاية ثانية.
وأشارت الكاتبة إلى أن هذه النتائج تلقي الضوء على أن حوالي ثلثي الناخبين الأمريكيين لا يريدون بايدن ولا ترامب في المكتب البيضاوي.
وأشار المقال أيضا إلى أن "نتائج استطلاع رأي آخر أشارت إلى أن ترامب حصل على 54 في المئة أمام منافسه على ترشيح الحزب الجمهوري حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس الذي حصل على 17 في المئة".
ورأت أن ترشيح ترامب عن الحزب الجمهوري "يبدو وكأنه حتمي في الوقت الراهن، إذ أن كراهية ترامب لا تعني الميل إلى بديل له، خاصة وأنه لا يوجد بين المرشحين المحتملين عن الحزب الجمهوري من تمكن من خطف قلوب مؤيدي الحزب الجمهوري".
وترى الكاتبة أن تيم سكوت، عضو مجلس الشيوخ الأسود الوحيد الذي يخوض المنافسة مع بايدن على ترشيح الحزب الديمقراطي "قد يستهوي بعض قيادات الديمقراطيين المهووسين بقضية العنصرية".
ورجحت شايفر أن السبب الرئيسي وراء زيادة شعبية ترامب هو "الاتهامات الفيدرالية الموجهة له، إذ وجهت له بالفعل ثلاث من لوائح الاتهامات بينما اللائحة الرابعة في طريقها إلى الرئيس السابق في جورجيا وقد تصل إليه في غضون أسبوع".
وقالت الكاتبة: "كل تهمة من هذه تجعل ترامب أقوى. ونحن الآن في جولة إعادة افتراضية بين بايدن وترامب يعْلَق فيها الاثنان عند 43 في المئة من أصوات الناخبين. ويجب على الديمقراطيين – الذين يدعمون بقوة ترشيح ترامب استنادا إلى وجهة نظر تقول إن بايدن بإمكانه هزيمته – توخي الحذر".
وأضافت أن كثرة هذه الاتهامات التي تُكال إلى الرئيس الأمريكي السابق في إطار زمني ضيق، قد تزيد أكثر من شعبية الرجل "عندما نعلم أن توجيه تلك الاتهامات بكثافة وبشكل متلاحق قد يقوي حجة أنصار ترامب التي يتبناها أغلب الجمهوريين، والتي تشير إلى أن تلك الاتهامات مسيسة وأنها مجرد خيانة ومؤامرة لإبعاده عن الانتخابات الرئاسية 2024".
وأشارت إلى أن الصفات التي يستخدمها خصوم ترامب ضده "هي تقريبا التي تزيد من شعبيته بين الناخبين؛ فهم يحبون وقاحته، وأناقته، وفجاجته، وطبيعته الانتقامية المتنمرة، كما يحبون كونه بدينا وخبيثا ولا يشعر بالغير، ويحبون أيضا أنه يخالف القواعد - وحتى القانون".
وأضافت: "رغم أنه لا يتناسب مع القالب التقليدي المتعارف عليه للرئيس الأمريكي ويقدم نموذجا مضادا تماما لصورة الرئيس، تستمر شعبيته في الزيادة. إنه يكذب، لكن أنصاره يرون أن هذا أمر عادي لأن كل السياسيين يكذبون وهم يرون أيضا أن ترامب أكثر الكاذبين أمانة".
دروس مستفادة من "جرائم" بوتين
ننتقل إلى التلغراف التي نشرت مقالا عقد مقارنة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واثنين من أشهر الطغاة ورعاة الدكتاتورية في التاريخ هما ستالين وهتلر استنادا إلى كتاب قرأه كاتب المقال تشارلز مور بعنوان "والد ووالدة هتلر وستالين" الذي ألفه دانيال فينكلستاين.
وأشار مور إلى أن مزاعم بوتين بوجود حقوق تاريخية لروسيا في الأراضي الأوكرانية "تشبه إلى حدٍ كبيرٍ المزاعم الألمانية بأنها تريد متسعا للعيش".
وقال إن إجراءات بوتين في الحرب الدائرة في أوكرانيا، التي تتضمن ترحيل المواطنين، بما في ذلك أطفال بدون عائل "تشبه الفظائع التي ارتكبها ستالين في حق المدنيين في محاولة لسحق مدن بأكملها".
ورأي الكاتب أنه "ليس من السهل على الشعب الروسي أن يميز الخيال من الحقيقة".
وأكد مور أن الاطلاع على كتاب فينكلستاين"أصبح من الأمور الضرورية في الوقت الراهن لأنه يغير واقعا استمر الكثيرون في الاقتناع به لزمن طويل. فقد جرت العادة على أن نعتبر الجرائم التي ارتكبها هتلر وستالين – ويرتكبها بوتين – انحرافات غير عادية وغير قابلة للتفسير. لكن في ضوء هذا الكتاب تظل تلك الفظائع انحرافات غير عادية، لكنها أصبحت قابلة للتفسير، وهو ما يمكن أن يحدث عندما يُساء استغلال السياسة".
واستشهد مور ببعض النصوص من الكتاب جاء فيها: "السياسة قتلت جدتي والعشرات من أفراد عائلتي. كانت وراء نفي جدي ... السياسة كانت سببا في جوع أمي حتى الموت. سيجد الشر النائم في نفوس أغلب الناس ما يوقظه إذا ما استخدم في توجيههم، وساعتها سوف يجد منطقه الذي يفرضه على الواقع".
كان الشر وممارساته هو "الحل النهائي"، حسبما كان يصفه النازيون المجرمون "لأنهم كانوا على قناعة بأن المشكلة سياسية – اليهود – وأنهم توصلوا إلى حل لها فيما فعلوه معهم".
ويضيف الكتاب: "كما كان ستالين يرى أن انتصار الاشتراكية لن يتحقق إلا بالقضاء على جميع أعداء الطبقة، وهو أمر يشبه إلى حدٍ كبيرٍ ما يعتقده بوتين من أن مصير روسيا الحضاري يمكن تحققه فقط إذا أطاح ’بالنازيين الجدد المهووسين بالمخدرات‘".
وأضاف كاتب المقال أن "جميعهم كانوا يعتقدون – أو يعتقدون – في قول يرددونه ’اضغطوا .. فكلما قتلنا، كلما حققنا نصرا أكبر‘. إنهم يعتمدون على كوننا ضعفاء للغاية أو خائفين أو قصر في مدى انتباهنا حتى لا نقاوم، وهكذا يختبر بوتين الغرب اليوم".