آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-12:35ص

ملفات وتحقيقات


تقرير يبحث في أسباب ودوافع تصعيد ودعوات صراع جديدة ومحتملة

السبت - 10 أبريل 2021 - 11:37 ص بتوقيت عدن

تقرير يبحث في أسباب ودوافع تصعيد ودعوات صراع جديدة ومحتملة

(عدن الغد )القسم السياسي:

التحشيد الأخير ورفع درجة الاستعداد.. إلى ماذا يشير؟

هل احتمالات النفير الثالث مرتبطة بخلافات بين الشرعية والانتقالي؟

ما علاقة المفاوضات الجارية بين الرياض والحوثيين في مسقط بدعوات التحشيد؟

هل يمكن أن تفجر مشاورات الحل النهائي صراعاً جديداً في عدن؟

ما هي ساحات المعارك المتوقعة وما موقف التحالف من أي تصعيد قادم؟

كيف سيتحمل المواطنون مواجهات جديدة؟


على أعتاب صراع جديد!

ثمة أنباء ومعلومات يتم تداولها، عبر رسائل تبعثها أطراف الصراع في

الجنوب وعدن، يُستشف منها أن هناك مؤشرات لجولة مقبلة من المواجهات

الدامية.

لا أحد يتمنى أن تعيش البلاد في مثل هذه الدوامات العبثية المتتالية، غير

أن حالة الاستقرار او الانفلات باتت اليوم ورقة ضغط تلوح بها أطراف

الصراع، لفرض مصالحها وأجنداتها ومطالبها.

ويتم ذلك من خلال الأخبار والمعلومات المتداولة عن تحذيرات ورفع درجات

الاستعداد العسكري لمكونات عسكرية وسياسية جنوبية، تكشف أن هناك "نفير"

جديد قادم.

ولعل الاحتجاجات الخدمية التي اندلعت قبل نحو شهر في عدن ضد الحكومة اليمنية، ذكّرت بحالة السخط الشعبي التي استغلتها العديد من الأطراف السياسية، قبل نحو عامين؛ لتبرير مواجهة الحكومة عسكرياً، وطردها من المدينة.

حينها، توقع مراقبون أن تتحول هذه الاحتجاجات إلى مطية، وتُستثمر لإعلان "نفير جديد" ضد الحكومة اليمنية التي توصف بأنها حكومة "مناصفة".

غير أن شيئاً من ذلك لم يحدث، إذ مرّت الاحتجاجات برداً وسلاماً على الحكومة.

واللافت في الأمر أن وزراء المجلس الانتقالي هم من نجحوا في تهدئة الجموع الغفيرة التي اقتحمت مقر الحكومة بعدن.

ويعتقد محللون أن الظروف حينها حالت دون ركوب موجة الاحتجاجات، وتم وقف الدعوات لنفير جديد ضد الحكومة، التي بات الانتقالي طرفاً فيها.

لكن الأمر سرعان ما عاد مجددًا خلال الأيام الماضية، وعادت نغمات رفع درجة الاستعداد العسكري، وحالة التوتر بين جناح الشرعية وجناح الانتقالي.

خلافات الانتقالي والشرعية

بدت الحكومة اليمنية الجديدة متماسكة، خاصة عقب الفترة التي تلت هجمات مطار عدن الصاروخية، والتنسيق الذي تم بين وزراء الشرعية والانتقالي خلال زياراتهم المشتركة في عدن.

غير أن هذا التماسك والانسجام، يبدو أنه لم يستمر، عطفاً على اللغة التي بدأ المجلس الانتقالي بتبنيها في اجتماعاته ولقاءاته، وتصريحات قياداته.

وما زاد من إشعال الوضع بين الجانبين، ما حدث مؤخراً في محافظة أبين، من تجدد للمواجهات بين قوات الطرفين، في منطقة خبر المراقشة، والتي تبدو أنها الفتيل الذي يمكن أن يزيد النيران اشتعالاً.

وهي مستجدات يرجعها مراقبون إلى حالة الخلاف السياسي والعسكري بين الشرعية والانتقالي، والتي تنبأ بها المحللون حتى قبل تشكيل الحكومة الحالية، نتيجة تضارب المشاريع والأهداف بين الجهتين.

وهذه الحالة هي ما كان يخشاه الجميع، خاصةً المواطنين الذين تمنوا وحلموا بأن تعمل هذه الحكومة على حلحلة الملفات الخدمية والمعيشية، بدلاً من الانخراط مجدداً في دوامة الصراع والخلافات.

غير أن الوضع مرشح لمزيد من التصعيد، وربما الدعوة لنفير آخر، يعقد الأوضاع المعقدة أصلاً، في ظل استمراء البعض واعتمادهم على حالة اللا استقرار واللا دولة.

ما الذي استجد؟

 خلال الأيام الأولى من تشكيلها، كانت الحكومة اليمنية الحالية تحظى بدعم دولي وأممي كبيرين، ناهيك عن الرعاية الإقليمية والمباركة من قبل دول التحالف العربي.
وربما قد يكون هذا ما حال دون تحوّل الاحتجاجات الشعبية الخدمية ضد الحكومة إلى محاولة نفير جديد لاجتثاث الحكومة مرة أخرى. 

إلا ان الساحة اليمنية مؤخراً، تأثرت بما يجري على المستوى الدولي والإقليمي من مستجدات المرتبطة بصراعات الدول الكبرى العالمية والمتدخلة في شئون اليمن.

ولعل الضغط الإيراني الذي مورس عبر أدواته الحوثية في شمال اليمن ضد المملكة العربية السعودية، دفع بهذه الأخيرة إلى استئناف المشاورات والتفاهمات مع المليشيات الحوثية.

ويبدو أن الرياض قد أوجعتها هجمات الحوثيين عبر الصواريخ البالستية أو الطائرات المسيّرة التي لم تنتهِ، بالتوازي مع ضغط الإدارة الأمريكية الجديدة ضد المملكة بضرورة إيقاف الحرب في اليمن.

 

كل ذلك دفع الرياض إلى إعادة الجلوس مع الحوثيين في مسقط العمانية لإيجاد حل نهائي للأزمة اليمنية، يضمن أمن أراضيها ويؤمن حدودها، ويبعد الحوثيين قدر المستطاع عن السيطرة الإيرانية، ولو مؤقتاً.

كما لم يغفل السعوديون ضمان منح الشرعية اليمنية بعض التطمينات، بجعلها أحد الأطراف الأصليين في اية مفاوضات وترتيبات وتسويات مرتقبة.

هذه المستجدات، رسمت وضعاً مغايراً وجديداً بالنسبة للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي رأى نفسه بعيداً عن التسويات التي يجري إعدادها وتهيئتها في العاصمة العمانية مسقط، دون أن يتم إشراكه.

فرض أمر واقع

يبدو أن المفاوضات الجارية في عُمان، والهادفة للترتيب للحل النهائي للصراع اليمني، قد تفجر صراعاً جديداً في عدن والجنوب برمته. وهذا التهديد الذي يتربص بعدن، جاء من تهديدات مبطنة لقياديين في المجلس الانتقالي الجنوبي، صدرت مؤخراً، في حالة استبعاده من أية مفاوضات أو

تسويات سياسية.

حيث أكد ممثل الإدارة العامة للشئون الخارجية للمجلس الانتقالي، عادل الشبحي على أهمية مشاركة المجلس في الإعداد للمرحلة المقبلة، والمشاركة في أي مفاوضات؛ لما من شأنه تسهيل تنفيذ أية نتائج للتفاوض على الميدان.

ولفت الشبحي خلال لقائه في العاصمة السعودية الرياض بالسفير الروسي لدى اليمن، فلاديمير دوديشكين، يوم الخميس، إلى أن أي تجاوز للمجلس الانتقالي والقضية التي يمثلها "القضية الجنوبية" ليس سوى ترحيل "للصراع الدائر".

القيادي الانتقالي كان أكثر صراحةً، حين أشار إلى عدم تنفيذ أي نتائج لأي تسويات إذا لم يتم استيعاب الانتقالي فيها.

وقال الشبحي: "المجلس لن يكون ملزماً بتنفيذ أي مخرجات لمفاوضات أو مشاورات لم يكن طرفاً فيها". وهو ما يعتبره مراقبون رغبة من المجلس الانتقالي بفرض أمر واقع من الصراع المتجدد، إذا لم يتم إشراكه في التفاهمات الجاري التمهيد لها حالياً في مسقط.

كما أن هذه التصريحات للقيادي الانتقالي يفسر حالة التصعيد الأخيرة، والتوقعات بإعلان نفير جديد من قبل قوات المجلس الانتقالي ضد الحكومة الحالية.


موقف التحالف

يحذر مراقبون وحتى مواطنون من أن أي صراع جديد لن تكون ساحته سوى مدينة عدن التي عانت ويبدو أنها ستشهد مزيداً من المعاناة التي ستفاقم وضعها

المأساوي.

لكن بعض المحللين يشير إلى أن فتيل الصراع قد يبدأ وينطلق من محافظة أبين، التي بدأت فيها مؤخراً بوادر المواجهات العسكرية تلوح بالأفق، وفي حالة انفجارها، من السهل أن تنتقل إلى عدن، تحت مبرر تهديد الاستقرار أو دعم الجماعات الإرهابية أو ربما بسبب تدهور الأوضاع الخدمية والاحتجاجات

الشعبية، وهي مبررات لن تعدمها الأطراف المتصارعة. 

وفي ظل هذا التصعيد والوضع المتوتر في عدن وأبين، يظهر التحالف العربي ممثلاً بالمملكة العربية السعودية منهمكاً بالمشاورات مع الحوثيين، حتى أن اهتمام الشقيقة الكبرى باتفاق الرياض لم يعد بذلك الحماس الذي ميز تعاملها مع الاتفاق والأطراف الموقعة عليه خلال العام الماضي. وعدم الاهتمام هذا قد يعود إلى أن الرياض تركز على اتفاق أهم يضع حد

للتهديدات المتواصلة التي تتعرض لها مدنها ومنشآتها الاقتصادية الكبرى، مع تمثيلها لوجهة نظر الشرعية، أو على الأقل ضمان حقوقها والتمسك بمرجعياتها.

الأمر الذي يفتح المجال واسعاً لصراع جديد في عدن، قد لا يشهد أي تدخل من قبل التحالف، إلا بعد أن يكون قد حقق أهداف مشعليه ومتبنيه والساعين إليه.

تبعات تجدد الصراع

غالباً ما يدفع المواطنون البسطاء ثمن أي صراع بين السياسيين والعسكريين.

وهذا ما يبدو أنه سيتكرر في حالة نشوب أي صراع جديد في مدينة عدن،

المدينة التي لم تخرج بعد من تبعات صراعات أغسطس/آب 2019، والتي ما زالت

آثاره ماثلة للعيان.

فالخدمات تتفاقم وتزداد سوءاً كل يوم، والتدهور يصيب الحياة المعيشية بمقتل، ويضاعف معاناة المواطنين الإنسانية، دون أن يهتم المتصارعون لظروف هذا المواطن الغارق في الهموم.