آخر تحديث :الجمعة-29 مارس 2024-04:36ص

أدب وثقافة


رسالة الى هدى العطاس.. لقد رحل ميفع

الجمعة - 09 أبريل 2021 - 04:39 م بتوقيت عدن

رسالة الى هدى العطاس.. لقد رحل ميفع

المكلا ((عدن الغد)) خاص:

إلى القاصة و الأديبة
د. هدى العطاس .
و
إلى روح رفيقي الأديب والقاص
ميفع عبدالرحمن .
رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته .

 

 

..

هدى ، يا أخية الحبر وأسطر الورق والكتابة .
كيفك أنت في غيابك .؟
كيف هو العمر والوقت .؟ وكيف هي الأيام معك .؟.
كيف هو المنطق وعلم الجمال وشتى علوم الفكر والمعرفة .؟
أتمناك بخير .
بينما أنا لست بخير .
لست كما كنت ذات عمر وزمن ، كنت خلالهما ممسكا بالأماني وبعض من البهجة والأمل .
أو تعلمين ، أم لم تعلمي بعد .؟
لقد رحل رفيقي وصديقي القاص والمفكر ميفع عبدالرحمن ، تاركا غصة في القلب ووجعا لم ينطفئ .
رحل دون وداع أو مسج في هاتفي الخلوي ، وقد اعتدت على رسائله اليومية ، التي أستقرئ خلالها لاءاتي ووجهة دروبي القلقة .
رحل ميفع ياهدى .
رحل .
شهران كاملان كنت أفتح خلالهما الوتساب بحثا عن قصة أو مقال أو صوت يجيئني منه .
شهران من الصبر والترقب في انتظار خبر مفرح لم يجيء .
اتصلت خلالهما على هواتفه ولم يجبني سوى الصدى ، وقد أوقد ألمي وحزني عدم سماعي صوته خلال فترة مرضه إثر الوعكة الصحية التي داهمته بغتة .
لقد رحل تاركا خلفه مجموعتين قصصيتين ، هما ( بكارة العروس ) و ( الاستحمام بماء ورد الفرح ) وهالة من النبل والوفاء .
رحل صابرا محتسبا ولم يستجدِ أحدا ، بينما ارتفعت نداءات زملائه بضرورة سفره وعلاجه خارج الوطن .
وكان الوطن واقفا ، ينظر نحوه بصمت وتبلد ولم يعر توجعاته اهتماما .
عتبي على وطن يترك مبدعيه يموتون فقرا ووجعا وقهرا لا يحد .
عتبي على وطن يموت فيه الطهر والتعفف ، وينتحر الشرف والفضيلة ، بينما يقف الزيف ضاحكا بهزء وتشفي وكبرياء .
هدى أوتعلمين ، مؤكد ستعلمين ، وسيدرك الشرفاء يوما ، أن لا مكانة لهم على تراب هذه الأرض التعسة ، وليرحلوا مدججين بقهرهم وحيائهم ، أو فليموتوا بانكساراتهم وغبنهم داخل وطن لا يرى فيهم سوى القلق وعدم الرضاء والارتياح .
هدى ، ياشقيقة الحرف والصبر والقضية الضائعة .
لقد رحل ميفع ، الذي أنبأني بالحقيقة، ووجهها الموشى بالعهر والأباطيل الماحقة .
خسرناه جميعا ، وإن بقي بعض ممن هو يشبهه ، ومن هم على خطى دربه سائرين .
نحن الذين نفتقده ونحتاج إليه ، بينما الوطن لا يحتاج لمن هو مثله . لو كان يحترمه ويحبه لطار به على أجنحة الدفء نحو بلد آخر ، لعلاج وجعه وما ألم به من سقم وداء .
اليوم هو ، وغدا نحن وآخرون لا يزال ينخر الألم أفئدتهم ولا يملكون ثمن الخبز والدواء .
أيها الزيف القاتل كل جميل فينا ، كيف هي النخوة بداخلك .؟ أولا تزال ممحوة من أجندتك ودفاترك ، ولا زلت تنظر بتعال من عليا شرفاتك لمن تستصغرهم وترى أنهم سبب قلقك ومتاعبك .؟ مؤكد ذلك ، طالما تمتطي السيارات الفارهة ، وتتطبب في أرقى المشافي ، وتتلذذ بأشهى المأكولات والأطعمة .
فلتبق مثلما أنت ، ودع لنا الحلم فقط ، أم قد منعت الأحلام عن التعاطي والممارسة.
نحن موجوعون ومبتئسون ، ونفقد كرامتنا وعزتنا ، وتتساقط جبال شموخنا كل يوم ، ولا نملك سوى التطلع نحو السماء .
أو لعنة تكاد تمحقنا ، إننا ولدنا على تراب وطن لا يحبنا ولا ينظر إلينا .؟
أوعاقون نحن ، حين صرخنا بالحق ولازلنا ننادي ونستغيث .
لم نكن كذلك أبدا ، فقد حلمنا بوطن يحتوينا ويخفف توجعاتنا ، ولا نزال نبحث عنه حتى اللحظة . وقد عاش صديقي ميفع باحثا عنه طوال عمره ورحل بحسرته وألمه دون تحقيق ما سعى لأجله وظلت تهفو روحه إليه .


.
.
.
.
.

بقلم خالد لحمدي