آخر تحديث :الثلاثاء-16 أبريل 2024-01:05م

ملفات وتحقيقات


(تقرير) كيف ساعد غياب السلطة القضائية في بروز الاختلالات الأمنية في عدن؟

الثلاثاء - 06 أبريل 2021 - 09:22 ص بتوقيت عدن

(تقرير) كيف ساعد غياب السلطة القضائية في بروز الاختلالات الأمنية في عدن؟

(عدن الغد) خاص:

تقرير يرصد الفوضى الأمنية الناجمة عن تعطيل دور الأجهزة القضائية في عدن

والمدن المجاورة..

إلى متى سيستمر تعطيل مصالح المواطنين وتعليق قضاياهم؟

كيف استُغل غياب القانون في عدن لتوسيع رقعة الانتهاكات بحقوق المواطنين؟

بماذا وصف قانون العقوبات اليمني توقف الأجهزة القضائية عن تأدية مهامها؟

كيف أدى إغلاق المحاكم إلى بروز العرف القبلي كحل بديل لفض النزاعات؟

عدن.. بلا قانون

القسم السياسي:

مازالت الأجهزة القضائية في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وبقية المناطق الواقعة تحت سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي مغلقة، بعد إعلان نادي القضاء الجنوبي إغلاقها منذ أكثر من شهر احتجاجا على قرارات رئاسية.

وأكد نادي القضاة الجنوبي الذي يتبع المجلس الانتقالي أن قرار التعليق سيستمر حتى إقالة مجلس القضاء الأعلى.

تعطل مصالح الموطنين

وخلف إغلاق المحاكم والنيابات في مناطق سيطرة الانتقالي تعليق آلاف من قضايا المواطنين، وتعطلت مصالح الناس الذين يطالبون بحل أبسط القضايا كقضايا الأحوال الشخصية وقضايا الحقوق والحريات وأماكن الحجز وغيرها.

ويطالب الكثير من المواطنين في مدينة عدن وما جاورها بضرورة تفعيل أجهزة النيابة والقضاء، لحل حيثيات قضاياهم التي لا تزال عالقة في المحاكم ولم تبت فيها الأجهزة القضائية حتى الآن.

وأدى تعطيل أجهزة القضاء عن العمل إلى انتشار الكثير من الجرائم والاختلالات الأمنية وتوسع رقعة الانتهاكات بحقوق المواطنين، متخذين من غياب القانون وتوقف عمل المحاكم ‏فرصة لممارسة الأعمال الاستغلالية والفوضوية من أجل الحصول على مكاسب غير شرعية.

إنكار للعدالة

ومن الناحية القانونية فإن توقف الأجهزة القضائية عن تأدية مهامها يخرجها من دائرة التوقف بصورته الاحتجاجية إلى دائرة الفعل الإجرامي الماس بحقوق المجتمع ونظام الدولة وسلمه الاجتماعي والمتمثل في "جريمة إنكار العدالة" التي تضمنها قانون العقوبات اليمني مادة (186) من قانون الجرائم والعقوبات رقم (12) لسنة 1994م والتي تنص على أن "كل قاض امتنع عن الحكم يعاقب بالعزل وبالغرامة ويعد ممتنعا عن الحكم كل قاض أبى أو توقف عن إصدار حكم بعد تقديم طلب إليه بهذا الشأن".

ارتكاب جريمة

يرى حقوقيون أن القاضي يرتكب جريمة عندما يتوقف أو يمتنع عن إقامة العدل ويهين القضاء ويمس من سلطته، ويكون بذلك قد قام بتصغير مكانته وتخلى عن دوره الريادي والقضائي، مشيرين إلى أن دور القاضي وعلاقته وموضع سلطته وعمله القضائي هو موضع مناشدة الجميع بإقامة العدالة.

اللجوء إلى العرف القبلي

ومع تواصل إغلاق المحاكم والانفلات الأمني الذي رافقه لجأ سكان عدن والمدن والمناطق الحضرية المجاورة إلى الأعراف والتقاليد القبلية لفض النزاعات بعدما كانت المجتمعات البدوية ‏والريفية هي التي تحافظ على الاستقرار والتماسك المجتمعي داخلها باعتمادها الأعراف القبلية كمرجع لحل الخلافات، حيث شهدت مدينة عدن العديد من الأحكام القبلية في قضايا سواء جنائية او اعتداء وغيرها من القضايا التي هي من اختصاصات النيابة والمحكمة.

كان آخرها لجوء وزير الداخلية اللواء ابراهيم حيدان باللجوء للحكم القبلي لإنهاء قضية ارتكبتها أفراد حراسته.

حيث قام وزير الداخلية بإعطاء أسرة آل الحامد قطعة سلاح كلاشنكوف (عدل) تحكيما لقيام افراد حراسته بإطلاق النار على سيارة ابن الحامد ظهر اليوم امام منزله بالصولبان في مدينة خورمكسر.

ولأول مرة يحدث أن تلجأ وزارة سيادية إلى الاحتكام للعرف القبلي بدلا من القانون.

والعرف هو ما تعارف عليه الناس واستحسنوه وتراضوا عليه، واتسم العرف بأنه إذا كان موافقا للعقل والدين ومصالح الناس أن يتسم بالإجماع من أهل الاختصاص.

والعرف اليوم يعتبر جهة غير إلزامية للجوء إليها إلا عندما تخرج الأمور عن سيطرة الجهات المختصة، وفي بعض القضايا يتراضى المتخاصمون على محكمين من المشائخ في قضايا كبيرة عجزت عنها المحاكم ، فالعرف القبلي يقوم بحل كثير من القضايا ، وتكون أحكامه بحسب الاشتراط والتحكيم.

انهيار الدولة

وأوجد انهيار الدولة بشكل شبه كامل في العاصمة عدن وما جاورها بيئة مهيئة لعودة العرف القبلي للعمل كحل بديل لا مفر منه في ظل الفوضى الأمنية التي تشهدها المدينة.

ومنذ اندلاع الحرب الأخيرة في البلاد، نزحت إلى عدن ومدن أخرى عشرات آلاف الأسر الريفية ومعها زعاماتها القبلية التي تعدّ مراجع في الأعراف القبلية فيحتكم إليهم أطراف النزاع.

ويمثل المعنيون أمام تلك الزعامات شارحين قضاياهم، فيما يضع كل من أطراف النزاع قطعة سلاح واحدة أو عدداً من القطع بحسب حجم القضية، كتأكيد قبلي على احترام الحكم أياً كان والاستعداد لتنفيذه".

تغيّرات كثيرة شهدتها عدن منذ طرد الحكومة الشرعية لعل بعضها غياب القانون المتمثل بغياب الأجهزة القضائية مما أدى ذلك إلى الالتجاء تقاليد وعادات قبلية بهدف تنظيم شؤون الحياة، في ظل غياب المؤسسات الرسمية المعنية بتسيير أمور المواطنين.

وأمام عجز الدولة عن أداء وظيفتها لبسط سلطة القانون في مناطق اليمن، أضحى العرف القبلي ‏أفضل الطرق لفض نزاعات المجتمع اليمني في المدن والمناطق الحضرية، بعدما كانت المجتمعات البدوية ‏والريفية هي التي تحافظ

على الاستقرار والتماسك المجتمعي داخلها باعتمادها الأعراف القبلية كمرجع لحل الخلافات.

عوامل مختلفة أدت إلى اندثار حكم القانون في المجتمع اليمني، لا سيّما مع ةتصاعد الحرب الدائرة في البلاد. ومن ‏تلك العوامل اختفاء العناصر الأمنية في أقسام الشرطة وضعف أداء النيابات العامة والمحاكم في معظم المناطق اليمنية من جرّاء الحرب وانقطاع الرواتب منذ شهور عدّة.

وسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على العاصمة المؤقتة للبلاد عدن وبعض المناطق المجاورة لها بعد طردها الحكومة الشرعية بعد أحداث أغسطس 2019الدموية.