آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-11:07ص

ملفات وتحقيقات


(تقرير).. ما الذي يدور داخل أروقة المجلس الانتقالي الجنوبي؟

السبت - 05 ديسمبر 2020 - 08:53 ص بتوقيت عدن

(تقرير).. ما الذي يدور داخل أروقة المجلس الانتقالي الجنوبي؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يتناول أبعاد الكشف عن محاولات انقلابية في العاصمة عدن

هل هناك فعلاً محاولة انقلابية أم أن القضية مجرد صراع داخلي؟

هل يواجه المجلس الانتقالي مؤامرة من الشرعية لاختراقه ؟

هل هناك محاولات دولية لتفتيت المجلس الانتقالي؟

هل ستفشل محاولات تفتيت  الانتقالي كسابقاتها ؟

ما الذي يحدث؟

القسم السياسي (عدن الغد):

"المجلس الانتقالي يحبط محاولة انقلابية في عدن تورطت فيها بعض قياداته".. تحت هذا العنوان المثير، ضجت وسائل الإعلام اليمنية وهي تتناول هذا الخبر الذي يشير في دلالته الأولية إلى أن الأمور ليست على ما يرام داخل المجلس الانتقالي الجنوبي.

غير أن المبالغين في نظرتهم للأمر، يحاولون الإيحاء بأن ثمة تصدعا حاصلا في كيان المجلس الانتقالي، أدت إلى حدوث محاولة الانقلاب هذه، إذا صح حدوثها.

لكن هؤلاء الذين يُنظر إليهم بأنهم مبالغون في توصيف الأمور، يعتمدون على تفاصيل الخبر أو التصريح الذي سقنا عنوانه أعلاه، وعلى صاحبه الذي قام بتسريبه، باعتباره أحد الإعلاميين المقربين من أروقة الانتقالي وصانعي القرار فيه.

حيث تناقلت وسائل الإعلام قول الإعلامي في المجلس الانتقالي، صلاح بن لغبر: إن قيادة المجلس الانتقالي أحبطت محاولةً انقلابية كان مقررًا لها أن تتم يوم الخميس الماضي في عدن، بتخطيطٍ ومشاركة قيادات من المجلس ذاته!.

هذه المعلومات التي نقلها بن لغبر، عبر صفحته على تويتر، وصفها كثيرون بأنها "وقائع صادمة ومفاجئة"، وزاد الإعلامي الانتقالي على ما قاله: إن قيادات من المجلس خططت للعملية بمنزل في مدينة الرياض، العاصمة السعودية.

ولم يكتفِ بن لغبر عند هذا الحد، بل ألمح إلى امتلاكه أسماء القيادات المتورطة في عملية الانقلاب الداخلية في المجلس، وهدد بفضح تلك القيادات التي شاركت في العملية. 

إلا أنه على ما يبدو أن الإعلامي الانتقالي تلقى توجيهات بخطورة ما قام بنشره، لذا سارع بحذف تغريدته من على صفحته بتويتر، خاصةً الجزئية التي تحدث فيها عن تورط قيادات من المجلس في الواقعة. 

وقال على صفحته، مضيفًا إلى المعلومات السابقة: "‏فشلت مؤامرة خطيرة جداً في العاصمة الجنوبية، مؤامرة يتم التخطيط لها منذ نحو عام، وعليها كانت تعتمد عصابة الشرعية وتتعنت في تنفيذ الاتفاق".

وكشف بن لغبر إلى أن التخطيط لعملية الانقلاب تم من قبل نفس الجهات التي نفذت مؤامرة 28 أغسطس، لافتًا إلى أن "قيادة الخلية تتخذ من أحد المنازل في الرياض مركزا للاجتماع والتخطيط وضمنها- للأسف- قيادات جنوبية كبيرة، منها قادة في المجلس، وهناك تطبخ المؤامرات والحملات التمهيدية". 

وعاد الإعلامي الانتقالي ليهدد: "نقسم بالإله إن لم يرتدعوا لنكشف كل التفاصيل والأسماء مهما كان حجم الصدمة، فالجنوب فوق الجميع"، بحسب وصفه.

ما الذي يحدث داخل الانتقالي؟

الكيان حديث التأسيس الذي ظهر إلى الوجود قبل نحو ثلاث سنوات ونصف، كان مفاجئاً في سرعة تشكيله وظهوره القياسي، في ظل أوضاع معيشية صعبة عاشتها عدن والمحافظات المحررة.

كما كان ظهور المجلس الانتقالي الجنوبي متزامناً مع خلافات حادة بين الحكومة الشرعية ودولة الإمارات العربية المتحدة، أحد أقطاب التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.

لهذا يرى محللون أن التصدع والانشقاق والصراع كان أمراً وارداً، ولا مناص من أن يدب الخلاف في صفوف المجلس الانتقالي، فليس ثمة أيديولوجيات يقوم عليها هذا الكيان، سوى رفع مطلب استعادة الدولة الجنوبية دون أن يحقق في سبيل هذا الهدف أي مقومات أو مداميك حقيقية تقوم عليها هذه الدولة المنشودة.

ويؤكد معتنقو هذا الرأي أن ما يؤخر تصدع المجلس الانتقالي هو استمرار الدعم من الطرف المؤسس لهذا المجلس، وبمجرد ابتعاد الداعم عن الميدان وتراجعه بفعل حسابات دولية وإقليمية يبدأ الصراع بالصعود إلى السطح.

لكن يبدو أن الأوضاع المعيشية والخدمية والاحتياجات، والأزمات التي تلاحقت على الانتقالي منذ فترة سيطرته على عدن، هي التي أظهرت الخلافات والصراعات إلى السطح أكثر، خاصةً في ظل رهان الحكومة الشرعية على فشل الانتقالي في إدارة عدن خدمياً وأمنياً، وتعمدها في تفاقم الوضع، وإطالة أمد تنفيذ اتفاق الرياض حتى يتأكد الناس من عجز الانتقالي وسياساته.

فالانتقالي اعتمد على تنفيذ اتفاق الرياض وعودة الحكومة لممارسة عملها الخدمي والتنموي، بينما تحتفظ قواته بالسيطرة العسكرية، في المقابل تمسكت الشرعية بتنفيذ الشق الأمني والعسكري من الاتفاق حتى توافق على تمرير الحكومة الجديدة وعودتها إلى عدن.

لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، وظل الانتقالي في موقفٍ لا يحسد عليه، في انتظار عودة الحكومة لانتشاله من مأزقه الخدمي والتنموي وفشله في تحقيق أهدافه وتطلعات الجماهير، الأمر الذي تسبب بصراعات داخلية خلف كواليس المجلس، تحاول قياداته عبثاً مداراتها وإخفائها.

ولعل ما دار مؤخراً من توتر أمني بين قوات الأمن العام وقوات الحزام الأمني حول معسكر النصر، يحكي أحد فصول هذا الصراع الذي برز إلى السطح مؤخراً.

الانتقالي المتماسك

في المقابل، لا يبدو المجلس الانتقالي يعاني من أي تصدع أو خلافات يتحدث عنها البعض، فهناك العديد من العوامل والمؤشرات التي تؤكد أن المجلس متماسك ولا يمر بأي حالة من الانقسام أو ما إلى ذلك.

فعمر الانتقالي في عالم السياسة يجعل منه فتياً وقوياً في مواجهة الصراعات التي قد تعصف بالكيانات الكهلة، التي مرّ عليها عمر مديد دون أن تحقق شيئاً يذكر.

كما أن القيادات التي تدير المجلس لا يعرف عنها أي انتماءات أو ارتباطات أخرى غير تلك المعروف عنها سابقاً، بالإضافة إلى انتماء جميع أعضاء الصفوف الأولى للانتقالي إلى الجنوب، بغض النظر عن المناطقية أو القروية، وتمسكهم جميعاً بهدف استعادة الدولة، ولم يحد أحد منهم عن هذه الغاية، في العلن على الأقل.

وتمثل هذا التماسك في التناوب على إدارة شئون المجلس بين قيادات الانتقالي، كاللواء عيدروس الزبيدي واللواء أحمد بن بريك، والجعدي وحتى لملس قبل أن يتولى مسئولية محافظة عدن.

لهذا يستبعد متابعون كثر أن يحدث مثل هذا الانقسام، ناهيك عن محاولة انقلاب داخل أروقة المجلس، وبناءً على ذلك يفند كثير من قيادات المجلس الانتقالي ما جاء في تصريحات الإعلامي المقرب من المجلس صلاح بن لغبر.

حيث نقلت (عدن الغد) رد لأحد قياديي المجلس الانتقالي الجنوبي، على ما أورده الاعلامي صلاح بن لغبر الذي تحدث عن إفشال المجلس لانقلاب في عدن.

وقال القيادي في المجلس الانتقالي وعضوه المفاوض في الرياض أنيس الشرفي في تغريدة نشرها على حسابه بتويتر: "كلنا نعلم جيداً مدى حرص المجلس الانتقالي الجنوبي على إطلاع قاعدته الشعبية بشفافية عن كل ما يستجد أو ما يستدعي الحديث عنه وعبر متحدثه أو منابره الرسمية".

وذلك مؤشر على أن ما جاء به بن لغبر "غير صحيح"، ‏وأضاف: "..عندما لا يحدث شيء فليس هناك من أمر يستحق الحديث عنه، لذلك لا يجب أن ننجر خلف أي دعايات إعلامية لا تستند إلى أي مادة حقيقية أو واضحة".

واعتبر مراقبون أن هذا الرد، ومن شخصية قيادية في المجلس الانتقالي، وتسكن في الرياض، وهو المكان الذي قال بن لغبر إنه كان موقعاً لمؤامرة الانقلاب، فيه الكثير من الدلالات، ويبدو أن قادة الانتقالي حرصوا على هذا الرد؛ لتفنيد ما جاء به الإعلامي بن لغبر.

انقلاب أم صراع؟

سياسيون ومراقبون أكدوا في تعليقات متفرقة حول أنباء الانقلاب داخل كيان الانتقالي، أنه حتى ولو لم يحدث شيء من هذا القبيل، فإن أي نفي من قيادات الانتقالي لوقوع الانقلاب الداخلي، لا ينفي بالضرورة وجود انقسامات وخلافات في أروقة المجلس.

بل أن محللين قرأوا في رد الشرفي الكثير من الاعتراف "الضمني" غير الصريح، بوجود مشكلات في كيان المجلس الانتقالي، غير أنها لا تُعلن ولا يتم الإفصاح عنها، بحسب ما فهمه المحللون من نفي القيادي الشرفي من الرياض.

 فإذن.. يبدو أن الانقلاب حتى وإن استحال وجوده، إلا أن ثمة انقسامات، لو نجح الانتقالي في مواراتها خلف كواليسه إلا ان الواقع والميدان في عدن يؤكدها ويفضحها، عطفاً على الأحداث الأمينة الأخيرة في المدينة.

عوامل أخرى تكشف الكثير من دوافع الانقسام في المجلس الانتقالي، بحسب مراقبين، لعل أبرزها المشاورات الجارية في الرياض بخصوص الحكومة الجديدة، حيث يؤكد هؤلاء المراقبون أن هناك أطماعا من قبل قيادات في الانتقالي لتولي مناصب وزارية في الحكومة المقبلة.

غير أن التوجه بتولي الكفاءات وتشكيل حكومة تكنوقراط، قد يعصف بأطماع القيادات الانتقالية ويخرجها من "المولد بلا حمص"، كما وصفها أحدهم.

وتجلى ذلك في مغادرة اللواء أحمد بن بريك لمدينة عدن، حين اقترب تشكيل الحكومة اليمنية الجديدة من الإنجاز، وادرك عدم حصوله على إحدى الحقائب الوزارية، بحسب مصادر في الانتقالي ذاته، وهو ما سارع إعلاميون موالون للمجلس إلى نفيه حرصاً منهم على صورة المجلس الانتقالي وسمعته.

هل انتهى دور الانتقالي؟

كثير من المراقبين رأوا في تصريحات بن لغبر تهوراً وغباءً في الإعلان والتصريح بوجود مثل هذه المحاولة الانقلابية داخل المجلس الانتقالي، خاصةً وأنه مقرب من دوائر صنع القرار في المجلس.

إلا أن آخرين نفوا أن يكون بن لغبر قد أقدم على نشر هذه المعلومات من تلقاء نفسه، وأشاروا إلى احتمالات وجود أطراف وقوى إقليمية ودولية دفعته إلى ذلك، وسربت له المعلومات الكافية ليتحدث بهذه الجرأة المستغربة من قبل كثيرين.

وهو ما يعتبره محللون أنه توجه دولي لإنهاء الانتقالي، وتفتيته وتفكيك مراكز القوى فيه، حتى أن مشاركة المجلس الانتقالي في الحكومة المرتقبة لا يعدو عن كونه مجرد فصيل ضمن فصائل أخرى، وهي محاصصة مؤقتة تنتهي بمجرد استقرار الأوضاع وإنهاء الحرب والأزمة اليمنية برمتها، والانتقال إلى انتخابات وترتيبات سياسية أخرى.

وما يقوي من هذا الطرح، أن العالم مقدم على إرادة موحدة قد تقودها الإدارة الأمريكية الجديدة، لإنهاء الحرب في اليمن، وفرض تسوية سياسية تجبر الجميع على الخضوع لها وتنفيذها.

وبالتأكيد.. فإن مثل هذه المستجدات قد تؤثر على بقاء الانتقالي ككيان سياسي، وتجعل مستقبله على المحك، خاصةً بعد تجربة أكثر من عام كامل في السيطرة على عدن، وعدم قدرته على إدارة شئونها، والاضطلاع بأمور الدولة والسلطة وتوفير احتياجات الناس.