آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-02:57ص

ملفات وتحقيقات


(تقرير) ألوية العمالقة.. كيف بدأت وكيف تشكلت وكيف نجحت؟

الأربعاء - 02 ديسمبر 2020 - 10:03 ص بتوقيت عدن

(تقرير) ألوية العمالقة.. كيف بدأت وكيف تشكلت وكيف نجحت؟

(عدن الغد)خاص:

تقرير يبحث أسباب وأبعاد الخلافات التي بدأت تعصف بألوية العمالقة.

هل لأحداث عدن وأبعادها تأثير على وضع قيادات العمالقة؟

إيكال قيادة القوات المشتركة لطارق صالح هل أثرت على هذه القوات؟

كيف يمكن أن تعصف الخلافات بأفضل منظومة عسكرية ناوأت الحوثيين؟

لماذا ظهر الانقسام مؤخراً وإلى أين تسير هذه الخلافات؟

هل انتهى "شهر عسل" العمالقة؟

القسم السياسي (عدن الغد):

أسفرت الحرب الأخيرة التي شنتها المليشيات عن فراغ عسكري وأمني، سدت
ثغراته تشكيلات المقاومة الجنوبية في عدن وبقية المحافظات.

وهو أمر كان لا بد منه، في ظل عدم وجود مؤسسات أمنية وعسكرية في الجنوب
بعد رحيل وهروب الوحدات العسكرية التي اتهمت بموالاتها للقوات التي
اجتاحت عدن في 2015.

غير أن اللافت في تلك الجهود التي سعت إلى تغطية ذلك الفراغ، أنها كانت
غير موحدة، واتخذت أشكالاً بعيدة نسبياً عن التنظيم أو الرسمية، لكنها
كانت ذات إلحاح آني وزمني فرضته وحتمته الأحداث حينذاك.

ومن تلك الوحدات والألوية التي تشكلت عقب 2015، ألوية العمالقة، المنبثقة
عن قوات المقاومة الجنوبية التي كانت تقاتل المليشيات الحوثية.

وخاضت قوات العمالقة العديد من المعارك قبيل تحرير عدن، وتمركزت في
الساحل الغربي من اليمن، واشتهرت بتسطير أفضل البطولات في قتال الحوثيين
على امتداد سواحل اليمن الغربية، من باب المندب حتى الساحل التعزي ومدن
الحديدة.

وتميزت ألوية العمالقة بتركيزها على القتال ومواجهة المليشيات الحوثية،
دون التدخل في الصراعات السياسية التي عصفت وتعصف بعدن وبقية المدن
الجنوبية، وربما يعود ذلك إلى النزعة الدينية السلفية التي تطغى على
قوامها وتشكيلاتها، والتي يبدو أنها نأت بالألوية عن الخوض في تلك
الصراعات الهامشية.

غير أن العديد من الأحداث الأخيرة التي استجدت في عدن والجنوب عموماً
دفعت بالكثير من قادة ألوية العمالقة للخوض في غمارها، والتورط فيها، حتى
في صراعات الساحل الغربي وليس فقط في الجنوب.

بدايات التأسيس

انبثقت ألوية العمالقة من المقاومة الجنوبية التي كانت تقاتل مليشيات
الحوثي في المحافظات الجنوبية بدعم القوات المسلحة الإماراتية المقاتلة
ضمن قوات التحالف العربي في اليمن، كما أسلفنا.

وبحسب موقع المركز الإعلامي لألوية العمالقة، فقد أسس الألوية القائد
العام لجبهة الساحل الغربي أبو زرعة المحرمي، بعد النجاح الذي حققه
مقاتلوه في عملية الرمح الذهبي وتحرير مدينة وميناء المخا.

حيث بدأ المحرمي بتأسيس أربعة ألوية حتى وصل عدد ألوية العمالقة إلى اثني
عشر لواء ويقوم بإدارة شؤونها الإدارية علي سالم الحسني.

ووفق وصف موقع الألوية على شبكة الويب، يعتبر مقاتلوها من أشد المقاتلين
حنكة، ويتمتعون بمهارة قتالية فائقة، فهم مدربون على اقتحام المدن
والمزارع وكذلك حرب الجبال والشوارع بكفاءة وقدرة عالية.

وتضم ألوية العمالقة حوالي 30 ألف مقاتل، في 12 لواء، منهم 7 آلاف من
المقاومة التهامية انضموا إليها خلال عام 2018، وقيادة ألوية العمالقة
كالتالي: اللواء الأول بقيادة رائد الحبهي، واللواء الثاني بقيادة حمدي
شكري، والثالث بقيادة عبدالرحمن اللحجي، أما اللواء الرابع فبقيادة نزار
الوجيه، بينما يقود اللواء الخامس أبو هارون اليافعي، واللواء السادس
بقيادة مراد جوبح، بينما اللواء السابع بقيادة علي الكنيني، واللواء
الثامن بقيادة أبو أسامة، فيما يقود اللواء التاسع يحيى الوحش، ويقود
اللواء العاشر عبدالرقيب سالم، واللواء الحادي عشر بقيادة مصطفى دوبلة،
فيما يقود اللواء الثاني عشر أبو علي الضالعي.

وإنما سقنا أسماء قادة الألوية أعلاه، بهدف معرفة التنوع الذي تزخر به
ألوية العمالقة، من مختلف التيارات السياسية والدينية.

داعمو العمالقة

ترتبط ألوية العمالقة بالعديد من العلاقات مع قوى وجهات إقليمية ودولية.

لكن أبرز الداعمين لألوية العمالقة هي القوات الإماراتية العاملة ضمن
التحالف العربي، والتي تتكفل بكل التكاليف المادية واللوجستية للألوية.

حيث دعمت القوات المسلحة الإماراتية تأسيس القوات وشاركت معها جنبا إلى
جنب في معارك الساحل الغربي، علاوةً على مشاركتها بالإسناد الجوي ضمن
عمليات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، القوات التي
تقوم هي الأخرى بتعزيز ألوية العمالقة وإسنادها في جبهة الساحل الغربي.

بالإضافة إلى دعم وإسناد اللواء 20 الذي يعمل تحت إشراف وزير الدفاع
الأسبق هيثم قاسم طاهر، والذي كان مشاركاً مع ألوية العمالقة منذ انطلاق
عملية الرمح الذهبي من باب المندب.

وتمتلك ألوية العمالقة قوات بحرية، هي عبارة عن لواء في خفر السواحل، وهو
لواء (عمالقة البحار)، كما يطلق عليه، بقيادة صفوان العزيبي.

إنجازات العمالقة

ما يؤكد ما قد ذهبنا إليه سابقاً، من أن قوات ألوية العمالقة نأت بنفسها
لفترات طويلة، عن الصراعات والنزاعات قبل أن تتورط فيها مؤخراً، تشير
المنصات الإعلامية التابعة للألوية إلى انخراط عدد منها في مساندة ألوية
الأحزمة الأمنية وغيرها من التشكيلات في محافظات جنوبية.

حيث أكدت أن عددا من الألوية العسكرية التابعة للعمالقة دفعت بقواتها
مؤخراً لمساندة ألوية أخرى، منها اللواء الثالث دعم وإسناد الذي يقوده
نبيل المشوشي، واللواء الخامس حماية رئاسية بقيادة محمد البوكري،
بالإضافة إلى اللواء الثالث مشاة بقيادة العقيد بسام محضار.

وفي تلك الإشارة دلالة على أن ألوية العمالقة بدأت بالتورط والدخول في
صراعات سياسية وعسكرية، بين طرفي الصراع الرئيسيين في الجنوب، الحكومة
الشرعية والمجلس الانتقالي، من خلال دعمها لكل طرف، بحسب توجه قائد
اللواء وانتمائه السياسي.

أما فيما يتعلق بالانتصارات الناجزة التي حققتها الألوية في جبهة الساحل
الغربي، فبشكل موجز، يمكن الإشارة إلى بدايات تحرير مديريات غرب تعز، مثل
ذو باب والمخا والوازعية وموزع بمحافظة تعز، وتخوض منذ 2018، معارك تحرير
جبهة الكدحة بمديرية المعافر التي تقع غرب جنوب تعز.

وفي محافظة الحديدة حررت ألوية العمالقة كلا من مديريات الخوخة وحيس
والدريهمي والتحيتا بالكامل، وتحرير اجزاء من بيت الفقية (مثل الجاح
ومزارع الحسينية)، كما تسيطر على حي المنظر الشعبي أول أحياء مدينة
الحديدة، وجزء من مطار الحديدة الدولي وساحة العروض.

بالإضافة إلى قطع طريق الحديدة بالعاصمة صنعاء بسيطرتها على شارع "كيلو
عشرة" التابع لمديرية الحالي.

ويبدو أن البُعد السلفي والديني الذي يميز أبرز قادة ألوية العمالقة،
وحتى جنودها ومقاتليها، هو ما جعل الألوية شوكةً في حلق المليشيات
الحوثية، سواء في الجنوب أو الغرب.

حتى أن هذا البُعد هو ما أغرى الإماراتيين بدعم ألوية العمالقة، حيث وجدت
ضالتها في قوات مناهضة لما يعرف بقوات "الإسلام السياسي".

غير أن "شهر العسل" لألوية العمالقة شارف على الانتهاء، بعد الأنباء
الأخيرة بوجود خلاقات وصراعات بين أجنحة الألوية وقادتها، التي تتنوع
وتختلف انتماءاتها.

ويبدو أن بداية الصراعات بين الحكومة الشرعية اليمنية، وقوات المجلس
الانتقالي الجنوبي، هو ما أنهى "شهر العسل" والاستقرار الذي تميزت به
قوات العمالقة.

خلافات عاصفة

لم يدم شهر العسل، والإنجازات التي تفخر بها قوات العمالقة، بل ربما قد
تكون تلك الإنجازات هي السبب وراء ظهر خلافات وصراعات بين أجنحة الألوية.

حيث عصفت خلافات، مؤخراً، يطغى على جانبها الأكبر صبغة سياسية بواحدة من
أقوى المنظومات العسكرية التي ظهرت عقب الحرب في اليمن.

ومنذ أن ظهرت ألوية العمالقة إلى العلن في العام 2016، نجحت في أن تكون
واحدة من أبرز القوى العسكرية التي وجهت ضربات قاصمة للحوثيين في اليمن،
وظلت هذه القوات متماسكة حتى بدأ النزاع المسلح في عدن بين الحكومة
الشرعية والمجلس الانتقالي.

ورغم نأي ألوية العمالقة بنفسها عن هذا الصراع إلا أنها رويداً رويداً
وجدت نفسها جزءاً من هذا الصراع المرير.

بداية الخلافات وانطلاق شرارتها من هرم قيادة هذه القوات، حيث شهدت خلال
العام الماضي حركة تغييرات أدت إلى اعتزال قيادات مثل عبدالرحمن اللحجي،
وانقطاعه عن عمله كأحد أبرز القيادات التي قادت هذه القوات في لحظات
حاسمة من تاريخها.

كما أن هناك أحد القادة تراجع إلى حدٍ كبير مؤخراً، رغم توليه قيادة هذه
القوات لأكثر من عامين، وهو علي الحسني الذي توارى عن الأنظار مؤخراً.

بل ان مراقبين يربطون بين تلك الانعزالات، وما حدث في مدينة عدن قبل أيام
من حوادث أمنية، استهدفت عدداً من قيادات ألوية العمالقة.

فقبل أكثر من أسبوع انفجرت عبوة ناسفة في موكب قائد اللواء الثالث عمالقة
(أبو عيشة) وأودت بحياة مرافقين له، وهو انفجار نادر الحدوث، من حيث
استهداف أحد قادة ألوية العمالقة، فلم يحدث أن وقع انفجار كهذا في موكب
أي قيادي بالألوية.

وقبل أسبوعين نظم مؤيدون للقيادي في ألوية العمالقة عبدالرحمن اللحجي،
الذي اعتزل في منزله، حملة إعلامية مؤيدة له، وركزت الحملة على تبييض
صفحة الرجل، وإبراز جهوده ونجاحاته العسكرية.

ولم يبد واضحا الهدف الذي ناوأته الحملة، إلا أنها عكست بجلاء وأكدت وجود
خلاف وصراع يدور داخل الغرف المغلقة، في دهاليز ألوية العمالقة.

واشتهر (اللحجي) بنزاهته في قيادة ألوية العمالقة، وعلى ما يبدو أن
الحملة الإعلامية أرادت الرد على اتهامات طالت الرجل ومحاولة تهميش تعرض
لها.

ويقول قياديون في اللواء الثالث عمالقة إن اللواء بات يتعرض لمحاولة
تفكيك متعمدة، حيث تعرض اللواء مؤخرا لعمليات تغيير عدد من قيادات
وتغييرات طالت كشوفات جنوده ومقاتليه.

ورغم محاولات النفي من قيادات مختلفة في هذه الألوية، حول عدم وجود أية
خلافات، إلا أن المتتبع والمتحري لتفاصيل تلك الخلافات وتوسعها لا يمكن
أن يخطئ وجود هذا الخلاف.

ويقترح عدد من المحللين أن ما يحدث في كواليس ألوية العمالقة لا يعدو عن
كونه تنافسا حميما بين قيادات هذه القوات؛ أدى إلى معضلات كثيرة قد تؤدي
إلى تفكك هذه القوات.

أسباب الانقسام

يرجع كثير من المتابعين الخلافات العاصفة التي تحدث بشكل هادئ أو خفي،
بين قادة الألوية دون أن تلفت الأنظار كثيراً إليها، إلى العديد من
العوامل والأسباب.

ولعل أبرز تلك الأسباب، التماسك الذي ظهرت عليه قوات العمالقة، ونجاحاتها
في الساحل الغربي، والتي كانت بحق شوكة في حلق المليشيات الحوثية، وأداة
يمكن التعويل عليها كثيراً في حسابات التحالف العربي، ودوله التي تدعمها
وتمولها.

ويمكن أن تكون المليشيات الحوثية هي من تبث في صفوف قوات العمالقة
الخلافات من خلالها أياديها سواء في الساحل الغربي أم في عدن، وهو احتمال
يمكن اعتباره والاعتداد به، لأن المليشيات هي الخاسر الأبرز من تماسك
العمالقة، والمستفيد الأبرز من تفككها أو صراعاتها.

أسباب وعوامل أخرى، يسوقها محللون آخرون يشيرون فيها إلى تأثير صراعات
عدن بين المجلس الانتقالي وقوات الحكومة الشرعية، وأنها أحد أبرز أسباب
الخلافات بين قادة الألوية.

فالانتماءات المتباينة للقادة، وتوجهاتهم المتوزعة بين الحكومة الشرعية،
والمجلس الانتقالي، جعلت عددا من القادة يدلون بتصريحات في ظل اشتعال
المعارك في عدن خلال أغسطس 2019، والتهديد بالتدخل لصالح هذا الطرف أو
ذاك.

كما أن ثمة تحليلات تتحدث عن تورط العميد طارق محمد صالح، في اندلاع
الخلافات بين أجنحة ألوية العمالقة، حيث أن بعضاً من القادة لا يؤيدون
قرار تولية العميد صالح قيادة القوات المشتركة، وهي القوات التي تجمع
ألوية العمالقة وقوات حراس الجمهورية والمقاومة التهامية.

حيث تشير بعض المصادر إلى رفض بعض قادة الألوية تولي طارق صالح مثل هذه
المسئولية، خاصة في ظل تورط قوات عمه الراحل علي عبدالله صالح مع قوات
المليشيات الحوثية في اجتياح عدن والجنوب.

وجميع تلك العوامل والأسباب قد تكون محتملة، وربما تكون مستبعدة، وكلها
تخضع لقواعد التحليل السياسي والعسكري، القائمة على شواهد وأحداث،
وقراءات للواقع ترتبط بقوة بحسابات كافة الأطراف المتداخلة في القضية.