آخر تحديث :الجمعة-19 أبريل 2024-09:05م

ملفات وتحقيقات


لماذا كانت البدايات الأولى للسلطة في لحج تأكل رجالها وما سبب إخفاء نايف حواتمة قضية حضرموت ؟

السبت - 24 أكتوبر 2020 - 02:22 م بتوقيت عدن

لماذا كانت البدايات الأولى للسلطة في لحج تأكل رجالها وما سبب إخفاء نايف حواتمة قضية حضرموت ؟

(عدن الغد)خاص:

"عدن الغد " تنفرد بنشر مذكرات ( ذاكرة وطن جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990) للرئيس علي ناصر محمد : الحلقة ( الثانية والثلاثون )

متابعة وترتيب / د / الخضر عبدالله :

تنفرد ( عدن الغد ) بصحيفتها الورقية وموقعها اللالكتروني بنشر أبرز وأهم المذكرات االتي سبق لــ" عدن الغد " أن قامت بنشر ها ( ذاكرة وطن - والطريق إلى عدن - القطار .. رحلة إلى الغرب- وعدن التاريخ والحضارة ) للرئيس علي ناصر محمد .

وفي هذه المرة ستقوم " عدن الغد " بنشر مذكرات جديدة من حياته ( جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية 1967-1990 ) .

وتعد هذه المذكرات الجزء الخامس من محطات وتاريخ الرئيس الأسبق علي ناصر محمد رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية .

حيث يذكر لنا في مذكراته عن وقائع وأحداث وتغيرات المت بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية من عام (67- 90م ) حيث يقول الرئيس ناصر :" لا شك في أنّ قارئ هذه المذكرات سيجد نفسه مشدوداً إلى الماضي ومستغرقاً فيه، وربما تولّد لديه انطباع قوي بأنّ تجربة اليمن الديمقراطية لم تكن سوى صراعات عنيفة من أجل السلطة أو في سبيلها، وأنّ صفحات هذه التجربة لا تحمل ما يمكن الاعتزاز به، فضلاً عن أنْ ليس في تقديمها ما يمكن الاستفادة منه والتعويل عليه أو التفاؤل به... بقية التفاصيل من المذكرات نسردها في أثناء السطور وإليكم ما جاء فيه ..

عدم تدارك السلطة مسؤوليتها تجاه الشعب .. لماذا ؟

في الحلقة الفائتة التي تحدث عنها السيد الرئيس علي ناصر حول النيران التي انهالت على قوات سالمين من كل صوب بوادي بيافع .. فكيف نجا من الاغتيال باعجوبة! في هذا العدد يروي لنا السيد الرئيس عن سبب استقالته من محافظة لحج وكيف ان السلطة لم تتدارك مسؤوليتها تجاه الشعب .. السطور القادمة في تفاصيل ما قاله السيد الرئيس :" ولم ندرك أهمية هذه السلطة ومسؤوليتنا تجاه الشعب، وكان كل منّا يخشاها في مرحلة مهمة ومظلمة لم يتميز ويتحدد فيها الخيط الأبيض من الأسود، رغم كل المحاولات التي بُذلت للخروج من هذا النفق المظلم الذي قادنا إليه الآخرون، وكان من الصعب الإمساك ببعض الخيوط الرفيعة التي تحرك الأحداث، فالناس يتصارعون ويقتتلون ويموتون وتنتهي مرحلة وتبدأ مرحلة من التنظير والأحلام والآلام لينقضّ على البلاد كابوس يظهر في صورة مختلفة من الرعب. تشعر بأنّك تعيش في أحلام جميلة وتصحو على أحلام مزعجة، وسرعان ما يبدأ الشقاء والإعياء في آن واحد.
لكل ذلك، قدمتُ استقالتي من المحافظة، ولم أترك على مكتبي إلّا مذكرة تسليم في ما قمت به في أهمّ مرحلة من تاريخ حياتي وأصعبها، وتحديداً في البدايات الأولى لهذه السلطة التي بدأت تأكل رجالها. كان مرض السلطة قد استشرى في دماء بعض المتعطشين لها، وبدأ البعض ينهب السيارات ويستولي على المنازل دون حسيب أو رقيب، كلهم من أصحاب القرار وصانعي النصر والاستقلال. وبدأ الصراع بين ثوار الداخل والخارج كما حدث لثوار الجزائر عشية الاستقلال، واختلط الحابل بالنابل، كما يُقال، أو كما قال الجنرال ديغول عشيّة النصر على النازية عام 1945م، فقد ضاعت المسافة بين القائد وجنوده، وهذا ما كان في تجربتنا، فكل الشعب قومية، وكل أعضاء القيادة هم أصحاب القرار، في الوقت الذي لم يكن فيه البلد يتحمل أكثر من رأس وقائد واحد. وعند مغادرتي للمحافظة، طلبتُ من السائق أن ينقلني إلى منزلي في خور مكسر، ويعيد السيارة إلى مكتب المحافظ، رغم إلحاح بعض المسؤولين في المحافظة على الاحتفاظ بها، ولكنها لم تكن ملكي، بل هي ملك للمحافظة وللمحافظ الذي سيأتي بعدي.

تركتُ السلطة لكن لم أغادر الساحة السياسية .. لهذا السبب !

ويستدرك بحديثه :" تركتُ السلطة، كما أشرتُ آنفاً، لكن لم أغادر الساحة السياسية، ولم أتخلّ عن أصدقائي ورفاقي، ولم يتخلَّوا عني. حاولتُ، وأنا في السلطة، أن أكون قريباً من الجماهير، كما أعتقد، وكانت وفيّة، أمدّتني بكل مقومات الاستمرار والصمود للسير نحو المستقبل، ولم يبقَ من تجربة السلطة في الجزر ولحج إلّا بعض الذكريات الجميلة عن سكان الجزر الطيبين في بريم وكمران وفي الحوطة والصبيحة والضالع والشعيب وردفان وحالمين والحواشب وغيرها من المناطق التي زرتُها وتعرفتُها وتعرفتُ إلى أهلها الأوفياء. وما زلت أتذكر موقفاً إنسانياً وأخلاقياً حدث لي عام 68م عندما وقفتُ أنتظر على الرصيف صديقاً من خور مكسر وعدني بالمرور بي بسيارته، ولكنه تأخر في الوصول، وعندما شاهدني أول صديق وقف بسيارته وتوقف بعده العديد من السيارات، وكلهم أخذوا يعرضون نقلي إلى حيث أريد، لكني اعتذرت لهم جميعاً، منتظراً صديقي الذي سيأخذني إلى الشيخ عثمان، وقد أشعرني هذا بارتياح لا حدود له، معتبراً أن علاقتي بالناس أهمّ ألف مرة ومرة من السلطة والجاه والمال. فالمنصب ليس غاية لذاته، بقدر ما هو قوة دافعة يمكن من خلالها اتخاذ سياسات وقرارات لإحداث التغيير المطلوب في المجتمع، لا التغيير الذي كان يطالب به نايف حواتمة.


حواتمة و(دولة) حضرموت!!

ويردف مستعرضاً :" أودّ أن أقف عند أحداث أخرى في موقع آخر من البلاد، كانت تجري في الاتجاه نفسه، لكن بنحو مختلف وبأسماء مختلفة، وأعني بها أحداث حضرموت التي شغلت في تاريخنا وأدبنا السياسي موقعاً بارزاً، وذهب البعض إلى تسميتها مجازاً "قضية حضرموت".
لم يرَ نايف حواتمة خطأ تلك الإجراءات(1)، ولم يرَ جذورها ومناخها التاريخي. وبدلاً من أن يسجل موقفاً مسؤولاً بالدفاع عن مسيرة الجمهورية ووحدة تطور المناطق، وأن يدين التحليق خارج السَّرب بما ينطوي عليه من أضرار فادحة للطائر والسَّرب معاً، فإنه تغنّى بذلك المشهد وأضفى عليه كثيراً من التوصيفات العجيبة، حتى لكأنه يتحدث عن الكومونة العمالية لشغيلة باريس التي استُشهدت في عام 1871م، جاعلاً من حضرموت باريس المنتفضة، وهي لم تكن كذلك بالضبط، ومن عدن حكومة فرساي، وليس في ذلك أيّ شبه أو صواب!
ويضيف :" يتحدث حواتمة عن مرحلة ما بعد انتصار ثورة 14 أكتوبر، فيقول: "في حضرموت جرت الرياح بخطٍّ متعارض مع ما يجري في عدن منذ الأيام الأولى لاستيلاء الجبهة القومية على السلطة".
"حاولت القيادة المحلية للجبهة القومية في حضرموت أن تتلمّس، منذ البداية، طريق التحرر الوطني الشعبي في سلسلة الاختيارات والانحيازات الطبقية، فقد وضعت القيادة المحلية أصابعها على المسائل الأساسية لبرنامج التحرر الوطني الديمقراطي، وبدأت في شق طريق إنجاز مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية طبقياً وأيديولوجياً".
تُرى، كيف يمكن المرء استيعاب هذه المقولة: أن تقوم محافظة من محافظات الجمهورية الستّ بشقّ طريق تلك المهمات المعقدة التي لا تتحقق فقط بالإرادة السياسية، بل بنضج الأداة القيادية ومستوى القناعة الشعبية (وهذه الشروط جميعها كانت ناقصة في تجربة حضرموت)، بل في العامل الاقتصادي الذي يتمثل بالارتقاء بنمط التنظيم الاقتصادي للمجتمع بما يحقق التراكم والوفرة وحلّ المعضلات المتوارثة عن فترة الحكم السلاطيني. فماذا تحقق في حضرموت خلال الشوط القصير الذي قطعته القيادة المحلية؟ إنها لم تكن فقط جاهلة بحقائق الواقع المحلي، بل أيضاً جاهلة بحقائق النظرية التي تبنتها بأشدّ صورة من التبسيط؟ يحدثنا نايف حواتمة عن تلك الإنجازات بقوله:
إيديولوجياً، مارست القيادة المحلية إيديولوجية البروليتاريا في اختياراتها النظرية والسياسية. وعملت – وما زالت - على ترجمة هذا الالتزام بنشر الثقافة الاشتراكية العلمية في صفوف قواعد وتنظيمات الجبهة، وفي صفوف الجماهير، في محاولة دؤوب لنشر انتفاضة ثقافية بروليتارية ومطاردة إيديولوجية البرجوازية وإيديولوجية البرجوازية الصغيرة (التوفيقية، الانتقائية والديماغوجية).( تابعونا في العدد القادم )


-----------------------------------------------
هوامش /

(1)- ومنها على سبيل المثال القرار الآتي: نظراً لما تقتضيه المصلحة العامة وضرورة تصفية القوات المسلحة من العناصر الذين لعبوا بمقدَّرات هذه الوحدات لسنين، واستمراراً في تصفية الأوضاع الفاسدة في مختلف المجالات، قررت اللجنة الشعبية العليا في حضرموت ما يأتي:
إحالة كل من الضباط الآتية أسماؤهم على المعاش اعتباراً من اليوم الثلاثاء 28/11/1967:
1. القائد محمد صالح بن ضيف الكثيري
2. القائد ناصر عوض البطاطي
3. وكيل قائد عمر باوزير
4. وكيل قائد عمر عبيد بن دغير
5. وكيل قائد محمد عبود الكثيري
6. وكيل قائد عبد الله صالح داؤود
7. وكيل قائد فرج عبد الحبيب الجمهوري .
8. وكيل قائد جعفر عبد الله .
9. الرئيس أحمد محمد الغبري.
10. الرئيس سالم أحمد حميد.
11. الرئيس علي عاد بارواس.
12. الملازم الأول مصطفى حسن .
13-. النقيب عبد الله سعيد عبدات
وعلى مدير مكتب السكرتارية وقادة الوحدات العسكرية اعتماد ذلك ابتداءً من تاريخه.