آخر تحديث :الجمعة-26 أبريل 2024-12:15م

ملفات وتحقيقات


عالم البحار.. ماهي ظاهرة "الرواجع" ومتى وقت حدوثها؟

الثلاثاء - 22 سبتمبر 2020 - 06:18 م بتوقيت عدن

عالم البحار.. ماهي ظاهرة "الرواجع" ومتى وقت حدوثها؟

عدن (عدن الغد) خاص:

تقرير/ رشيدي محمود

#الرواجع...هي كلمة يستخدمها الصيادون عند أنتهاء موسم الرياح الجنوب غربي (موسم رياح الشمال)...

إذاً ما هي الرواجع ؟...
وماذا يقصد الصيادون بكلمة الرواجع؟...
ومتى يكون توقيت تداولها وأستخدامها بين الصيادون في المناطق الساحلية؟...

للأجابة عن كل هذا الأسئلة وأكثر نتعرف عليها من خلال هذا التقرير الصحفي الخاصة عن ظاهرة الرواجع في مياه خليج عدن.

الرواجع هي كلمة عامية يستخدمها الصيادون في الكثير من المناطق الساحلية الواقعة على الشريط الساحلي لمياه خليح عدن، ويبدأ الصيادون بتداول هذه الكلمة فيما بينهم في فترة زمنية محددة من كل عام، ويصادف توقيتها عند أنتهاء موسم الرياح الجنوب غربي والمعروف بمصطلح (موسم رياح الشمال) عند الصيادون والكثير من عامة الناس.

أما المقصود بكلمة الرواجع هي أن هناك الكثير من الأسماك التي ذهبت بإتجاة الشرق بسبب قوة موسم الرياح الجنوبي الغربي ومافيه من ظواهر مصاحبة له، قد عادت مجدداً إلى مياه بحر المناطق الساحلية التي تقع في الجهة الغربية من خليج عدن، وامر كهذا صحيح ومتعارف عليه منذُ القدم ومتداول بين الصيادون جيلًا بعد جيل.

لكن لو تحدثنا بشكل علمي ومتبع بمعاير ودراسات وأبحاث محدودة وشحيحة الإمكانيات وتعتمد على التنظير من خلال خروج وظهور ومشاهدة العديد من الظواهر التي تحدث خلال فترة أشهر موسم الرياح الجنوبي الغربي، إلا أنها تضعنا أمام جملة من المفاهيم والمعلومات والمصطلحات العلمية للكثير من الأحياء والكائنات البحرية، والتي نعلم ونعرف انها فعلًا تعيش وتتواجد وتتكاثر في مياه خليج عدن، والتي هي كذلك تعود للحياة والعيش مجدداً في قاع مياه خليج عدن، وذلك بعد إنتهاء موسم الرياح الجنوبي الغربي...
ومن خلال هذه التقرير الصحفي، والذي يتضمن عدت نقاط نوضح ونذكر فيها أهم ما يحدث في ظاهرة الرواجع هذه، وما تحدثه من تغيير وتحديث وتجديد للمياه في خليج عدن...

١) تظل كلمة الرواجع التي يستخدمها الصيادون هي الكلمة العامية التي لا يمكن الأستغناء عنها في مثل هكذا ظاهرة طبيعية تحدث في مياه خليج عدن، وتبدأ علامات ظهور الرواجع تحديداً في النصف الثاني من شهر سبتمبر وتنتهي في الربع الأول من شهر أكتوبر، حيث يبدأ موسم الرياح الشمال شرقي بالهبوب تدريجيًا بعد نهاية شهر أكتوبر وهو موسم الرياح المعروف بمصطلح ( الأزيب او المزايب ) عند الصيادون والكثير من عامة الناس، ولكن إذا أردنا ان نعطي هذه الكلمة معنى أو تفسير لها، وهذا لما تحدثه من أمور كثير في مياه خليج عدن بشكل عام، وليس خاص بالأسماك فقط، فإن المصطلح الصحيح لهذه الظاهرة هو(رجوع أو عودة الحياة الطبيعية في مياه خليج عدن)، إذًا فكلمة رواجع يطلقها الصيادون او يقصدون بها رجوع الأسماك التي غادرت مناطقهم بسبب قوة موسم الرياح الجنوب غربي، وما يحدثه من ظواهر طبيعية يكون البعض منها مصدر هلاك ونفوق للعديد من الأسماك والكائنات البحرية، ولهذا لو قلنا كلمة رواجع فأننا نقصد روجوع الأسماك التي غادرت ثمَ عادت فقط، لكن لو قلنا( رجوع أو عودة الحياة الطبيعية في مياة خليج عدن) فهذا معناه أننا نقصد أكثر من كائن بحري عادت اليه الحياة مجددًا في قاع البحر بعد أنتهاء موسم الرياح الجنوبي الغربي.

٢) يعلم الكثير منا بأن في فترة أشهر موسم الرياح الجنوب غربي تحدث الكثير من الظواهر الطبيعية المصاحبة لهذه الموسم، كانت في البحر أو على اليابسة، وبما أننا نتحدث عن الظواهر البحرية الطبيعية الموسمية المصاحبة لموسم الرياح الجنوب غربي، دعونا نذكر أهم ظاهرة وهي المسببه لما نسبتهُ ٨٠٪ من جل الظواهر الأخرى التي تنجم نتيجة هبوب موسم الرياح الجنوب غربي، وتعرف هذه الظاهرة بأسم (Upwelling) أو مايسمى بالأنبثاق القاعي في مياه خليج عدن، ويكون نتاج حدوثها ظاهرة البردة أو البلده، إذًا فالهبوب المستمر لموسم الرياح الجنوب غربي يحدث هذه الظاهرة الطبيعية في قاع البحر، فيحدث بسببها تغير جذري للمياة ويصير أسفلها عاليها لتصعد البرودة إلى سطح الماء ويصعد معها ما يعرف بالعكارة ( الكروة) ويتغير شكل ومنظر البحر والرؤية فيه، وبسبب قوة الرياح الموسمية أيضًا يحصل في قاع البحر هيجان لتيارات المائية القاعية، والتي بدورها تقوم بخلع وإنجثات الكثير من الكائنات البحرية من جدورها كالطحالب الخضراء والطحالب البنية والطحالب الحمراء، وهي أعشاب ونباتات بحرية، بالأضافة إلى مخلوقات وكائنات بحرية عديمة الحركة يكون مستقر عيشها هو قاع البحر، وكثير منها يتخذ من هذه الطحالب موطن ومسكن لها فتتغذاء من العوالق والطفيليات والكائنان البحرية الدقيقة والتي ربما يصعب رؤيتها بالعين المجردة، وتكون طريقة أكلها عبر هذا الكائنات البحرية العديمة الحركة هي أمتصاصُها عند تواجدها على الطحالب، كل هذه الكائنات البحرية الأخرى تنتهي وتموت وتظهر على السواحل والشواطئ في فترة زمنية معلومة.

٣) بما أن كلمة رواجع صارت الآن تحمل مفهوم أوسع وأشمل من دي قبل وباتت اليوم تعم الكثير من الكائنات البحرية غير الأسماك، وكذلك تُعتبر ظاهرة لتواجد أنواع مختلف من الأسماك الحديثه الولادة...فما هي إذًا تلك الكائنات البحرية الأخرى؟...
وما هي الأسماك التي تظهر حديثه الولادة في فترة الرواجع؟...
وماهي الظواهر الطبيعية التي تختفي مع أنتهاء موسم الرياح الجنوب غربي من قاع ومياه خليج عدن، ومعها تعود الحياة شيئًا فشيئًا للعديد من الأسماك والكائنات البحرية الأخرى؟...

٤) نضع في النقطة الرابعة الإجابة لتساؤلات التي وضعناها في ختام النقطة التي سبقتها وهي النقطة الثالثة...
نبدأ أولًا بالكائنات البحرية الأخرى التي ترجع وتعود للحياة مجددًا في مياه خليج عدن وهي:-

أ) الطحالب والأعشاب البحرية بكل أنواعها، والتي تبدأ بالعودة للحياة في قاع البحر، فعودة الهدوء وأستقرار التيارات المائية في قاع بحر خليج عدن، والتي كانت تشهد أطراب وعدم أستقرار بسبب قوة الرياح الموسمية والأمواج الناجمة عنها، والتي كانت سببًا في أقتلاع تلك الطحالب من قاع البحر، وما إن يشهد خليج عدن مرحلة ما يعرف بالرواجع، حتى تبدأ تلك الطحالب بالعودة للحياة والتكوّن مرة أخرى.

ب) مع عودة بداية تكوّن تلك الطحالب تعود معها الكثير من الكائنات البحرية العديمة الحركة بالعودة للحياة في خليج عدن، بلأضافة إلى الكائنات البحرية التي لا تُرى بالعين المجرد، والتي تكون مصدر جذب وغذاء لتلك الكائنات البحرية العديمة الحركة والتي تستغل تواجد ونمو الطحالب فتجعل منها موطنًا لها.

ثانياً:-

هناك الكثير من الأسماك التي تعود مع فترة ما يعرف بالرواجع، وكذلك تظهر أسماك حديثة الولادة وهي أسماك قاعية وسطحية، ونذكرها كالتالي:-

أ) أسماك قاعية مثل ( الجحشالحبيرةالكشر{وهو نوع من أنواع الهامور}_الزك) وأنواع قاعية أخرى تتخذ من الشعاب المرجانية القريبة من الساحل موطنًا لها، بلأضافة إلى كائنات بحري قاعية أخرى تظهر بكثرة في مثل هذه الأيام في مياه خليج عدن وهي من فصيلة القشريات وتعرف بأسم (القفيعة)، إذ يساعدها الإستقرار في التيارات المائية للقاع بأن تضع بيضها في (الحرمل) والحرمل هو نوع من أنواع الشعاب المرجانية ويكون منتشراً في أعماق البحر وعلى مسافة ٢٥ إلى ٣٠ متر وكذلك في أعماق تصل إلى ٤٠ متر، ويمتد على مسافة تصل من ١٠ كيلو إلى ٥ كيلو متر تحت قاع البحر، فتتواجد تلك الكائنات بكثرة في مثل هذه الشهر من السنة وتعود أو تأتي إلى هذه المواقع إما لوضع بيضها بين الشعاب المرجانية او لعملية التزاوج والتكاثر مرة اخرى.

ب) الأسماك السطحية التي تأتي في فترة ما يعرف بفترة الرواجع وعلى الرغم من قصر فترتها ومدتها، إلا أنها تمثل نقلة نوعية للكثير من الأسماك ذات الأحجام والأنواع المختلفة، وخاصة الأسماك السطحية، وما يثير الدهشة والفضول هو مشاهدة كل تلك الأسراب من أسماك الباغة الحديثة الولادة، والتي ربما لا يتجاوز عمرها الشهر والنصف او الشهران، ويكون حجم طولها حوالي من ٥ إلى ٦ سنتيمتر، فمعا ظهور وتواجد أسماك الباغة تلك، والتي يطلق عليها الصيادون مصطلح ( ملاح أو الملاح ) ويرمز هذا المصطلح إلى الحجم الصغير لأسماك الباغة، والتي تكون حديثة الولادة، ولا تظهر أو تتواجد بهذه الشكل إلا في مثل هذه الأيام من السنة، وخلال هذه الفترة التي تعرف بفترة الرواجع عند الصيادون في خليج عدن.

ثالثًا:-

هناك العديد من الظواهر الطبيعية التي تختفي عند أنتهاء موسم الرياح الجنوبي الغربي، ومع أختفاءها تعود الحياة للكثير من الكائنات البحرية في مياه خليج عدن، والتي ذكرنا البعض منها خلال هذه التقرير الصحفي...ومن تلك الظواهر الطبيعية التي تختفي عند أنتهاء موسم الرياح الجنوبي الغربي نذكر ونستحضر لكم ما يلي:-

أ) أختفاء البلده او البردة.
ب) أختفاء العكارة( الكروة) حيث يكون لون البحر مايل أكثر إلى الون البني الفاتح، وعند أنتهاء الرياح الموسمية يعود لون البحر إلى لونه الطبيعي والمعهود عليه، وتكون الرؤية صافية بحيث يمكنك رؤية الشعاب المرجانية وأنت في القارب والمسافة بين سطح البحر والقاع تكون أكثر من ٨ أمتار.
ج) أنتهاء العواصف الرملية، وعلى الرغم من أنها ظاهرة طبيعية تحدث على اليابسة، إلا أن حدوثها وظهورها يكون في فترة موسم الرياح الجنوبي الغربي.
د) أنتهاء خروج وظهور الطحالب والأعشاب البحرية على الساحل، لتبدأ مرحلة جديدة من النمو في قاع البحر، وتحديداً في الأمكان التي تجدها مولاءمة لها، وتلك الأمكان في قاع البحر تكون فيها التيارات البحرية اقل واضعف من اي مكانًا أخر، إذ يساعدها ذلك الهدوء النسبي لتيار على الإنتشار والتزايد حول تلك المنطقة التي تنمو فيها مجددًا.
ه‍) أنتهاء العواصف الرعدية والماطرة، والتي يكون مركز تكونها في الغالب من وسط البحر، وتعرف عند الصيادون بأسم او مصطلح (الخلفة).
و) تراجع وأختفاء بعض الشيء في قوة وأشتداد وثيرة ظاهرة الدوامات او كما تعرف بأسم (الحيسة)، والتي كثيراً ما تكون على السواحل والشواطئ، وغالبًا ما تكون هي السبب بحالات الموت غرقًا، والتي تكون الأمواج العاتية الناجمة عن موسم الرياح الجنوب غربي هي السبب في تواجدها بهذه القوة.
و) ما إن ينتهي موسم الرياح الجنوب غربي حتى تنتهي معه العديد من الظواهر، ومن بينها وأهمها كذلك ظاهرة التعري على السواحل والشواطئ الواقعة على الشريط الساحلي لخليج عدن، والمقصود هنا بظاهرة التعري أي أن السواحل والشواطئ الرملية قد صارت وتحولت إلى سواحل وشواطئ صخرية ويظهر فيها كذلك الكثير من الصخور والحصوات والحجار الصغيرة، والتي تكون الأمواج العاتية والقوية المسببة لدوامة او السحي او كما تعرف بالحيسة هي السبب فيها، إذ تقوم تلك الأمواج بسحب الرمال من على الساحل في عملية حفر وجرف له، وهنا تظهر الطبقة السفلية لساحل او الشاطئ، والتي تكون تحت تلك الرمال، فيتحول بذلك الساحل او الشاطئ من رملي إلى صخري او ظهور الحصى عليه...والحصوات او الحصى هي عبارة عن أجزاء صغيرة من بقايا الصدف والقواقع والشعاب المرجانية والحجارة الصغيرة، والتي تكون متواجدة تحت رمال الساحل وتظهر خلال فترة الرياح الجنوب غربي، والتي تعمل على هيجان الأمواج، وعندما تضرب الأمواج الساحل وتبدأ عملية حفر وجرف الرمال تظهر تلك الحصوات او الحصى في ظاهر طبيعية تعرف بالتعري لسواحل والشواطئ.

*ملاحظة:-
كل الصور التي في هذه التقرير هي لظواهر طبيعية تحدث في فترة أشهر موسم الرياح الجنوب غربي وعلى كل صورة شرح تفصيلي بأسم ونوع الظاهرة، والتي تختفي عند أنتهاء موسم الرياح الجنوب غربي هذا، لتبدأ عند الصيادون ما يعرف بفترة الرواجع في مياه خليج عدن.

((وفي ختام هذه التقرير الصحفي الخاص بالرواجع وما المقصود بها وما الذي يحدث فيها لا يسعني إلا أن أقول لكم نسأل من الله ان نكون قد وفقنا في طرحنا هذا وقدمنا لكم الشي البسيط من المعلومات التي نعلمها ولم نبخل عليكم بذكرها، فإن أجتهدنا واصبانا لنا أجران وإن اجتهدنا وأخطنا فلنا اجر، ونسأل من الله أن يديم عليكم الصحة والعافية وأن يرسل عليكم أمنه وأمانه ودمتم أحبتي سالمين أين ما كنتم)).